ذاك المفكر الأميركي، اليهودي، بالرؤية الفذة، وبالرأي الفذ, حين يسأل الاسرائيليين «هل أنتم ورثة سبينوزا أم ورثة يهوذا…؟» .

ناعوم تشومسكي، المفتون بالفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا (1632 – 1677 ) الذي طارده الحاخامات بالسكاكين من هولندا الى البرتغال لأنه دعا الى اعادة  النظر بالميتوليوجيا اليهودية بازالة البعد الدموي، البعد الوثني، في شخصية يهوه، لتقديم الوجه الحقيقي لله الذي يملأ قلبه (وعقله) البشرية، دون أن يفرّق بين مخلوقاته. بمعنى آخر، الله ليس يهودياً. ليس … اسرائيلياً.

لا أحد في الغرب يعقّب على هذا الكلام الذي يحمل تشومسكي على القول «ما يثير استغرابي أنهم يتمثلون أدولف هتلر، رجل الهولوكوست، ويتغافلون عن موسى ين ميمون الذي عاش في البلاط الأندلسي، وعاش بين العرب كما يعيش الأنبياء» !

على مدار الساعة، الجنرالات في اسرائيل يقرعون الطبول . هم أباطرة الشرق الأوسط . الآخرون طارئون، واليد الأميركية ترصدهم مجهرياً . هذا ما جعل جيريمي بن عامي، مؤسس مجموعة «جي – ستريت» الليبرالية في الولايات المتحدة، يتساءل ما اذا كانت اليد الأميركية «ستبقى تعمل لأجلنا الى الأبد» ؟

هل المشكلة فقط في الاسرائيليين أم في العرب الذين أثاروا دهشة أرنولد توينبي، وقد سأل «كيف يمكن لأمة، بذلك الترات الفذ، أن «تنام» على مدى أربعة قرون، في سراويل بني عثمان، دون أن تكترث بالتفاعلات الزلزالية في أوروبا، وهي على بعد خطوات منهم ؟ التفاعلات الصناعية، كما التفاعلات الايديولوجية والفلسفية».

الكل ينظر الى العرب من الأعلى. الأتراك، الايرانيون، الاسرائيليون، وحتى الأحباش اذا تسنى لكم أن تتابعوا الديبلوماسية الميتة في مواجهة مواقف آبي أحمد حول مياه النيل الذي لم يصرخ أين اخناتون، وأين توت عنخ آمون، بل أين الظاهر بيبرس وجمال عبد الناصر؟

حتى الاسلام جعله العرب في أزمة ايديولوجية، وأزمة تاريخية. من التأويل الميكانيكي للنص القرآني ألى التأويل الدموي، لا التأويل الخلاق . هكذا أقصي من رأوا في الدين الحنيف دعوة الى اطلاق العقل البشري. حسن البنا تلقى «الحالة»، وأعاد تشكيلها بعناوين جاذبة، ودون أن يقول القرآن بالدولة الاسلامية، أو بالنظام الاسلامي، وهذا ما لاحظه الباحث النمساوي ليوبولد وايس الذي اعتنق الاسلام وغاص في عمق النصوص.

ألم تترعرع تلك الظواهر الهمجية، من القاعدة ألى داعش والنصرة في المسار الجدلي اياه، حيث اغتيال أفكار (ورؤى) ابن رشد، وقد أحرق البابوات كتبه، لحساب أفكار أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وأبي بكر البغدادي، وأبي مصعب الزرقاوي …؟

برنارد لويس، المستشرق الأميركي، وبلغة الذئاب، سأل «هؤلاء الذين يعيشون تحت الزمن، كيف يمكن أن يكون لهم مكان في العالم غير الكهوف» ؟

الكلام الأخير لكوخافي يظهر أن العقل الاسرائيلي، وبالرغم من معاهدات السلام (وميثاق ابراهيم) لم يتزحزح قيد انملة. لا يزال يعتبر، وكما قال موشي دايان، «أننا في الخنادق نحيا». على خطى يهوه الذي كان يرشق السابلة من كهفه بالحجارة. المثير أنه كما كان وزير الخارجية الأميركية دين أتشيسون يعتبر أن قنبلة هيروشيما «شقت أمامنا الطريق لادارة الكرة الأرضية، كانت غولدا مئير تفكر بالطريقة نفسها لادارة الشرق الأوسط «لن نحفر قبورنا بايدينا لأننا نعرف كيف نحفر قبور الآخرين. «قالت هذا بعدما وضعت حرب 1973 أوزارها، مع أنها أطلقت صيحة استغاثة الى ريتشارد نيكسون، ليسبق الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي الأميركيين (محاولاً التمثل بقوروش الذي أنقذ اليهود من السبي البابلي) باقامة جسر جوي مع اسرائيل لامدادها بالذخائر…

 أليس هذا كافياً لكي نشهر صواريخنا رداً على … حجارة يهوه ؟!