د. هالة الزين | كاتبة لبنانية
صغاراً كنّا ..
وأذكر الوقت حينها ، قبيل الظهيره ،
في “الضيعه”.. في عطلةٍ ربّما ، لا أذكر ،
يُرعبنا ذاك الصوت فوق رؤوسنا ، أزيز طائره ، دون سابق إنذار ، يتبعه قصف لا محاله !
قبل الآن كانت أذهاننا هي الكاميرات والهواتف،
في ذاكرتنا كلّ الصور ،
أو ربما فقط في ذاكرتي .
لم أتقاسمها مع أخوتي ، تكلمنا مرّه أو مرّتين ، وانطوت الصفحه ..
حتى تلك الشهيده، لم أسأل يوما ما اسمها ،
هي جنوبيه ، رَوَت شتلة التبغ بدمها !
هذا اسمها ورسمها في مخيلتي ، هكذا بقى !..
ألطائره تحلِّق فوق سطح البيت ،
ونحن ،
متمسِّكين بثوب أمي ، في ذاك الممر ، في منزلنا ،
إنْ وقع السقف ، نموت في حضنها !
كلّها لحظات ، نحسبها دهراً،
نقرأ ما نعرف من سُوَر ، ونتضرَّع
الى الله .
قصفت الطائره على منزل قربنا وتطايرت الشظايا على الشرفه ، أصبح الهروب الى الخارج والاختباء في القبو محاوله مستحيله !
لَنا الله وأمي ! ..
“أبي كان في عمله في بيروت’
ضربه أخرى وراء المنزل ، نسمع صراخ وعويل .. والطائره تختفي ..
بعد الظهر ..
كل الأقارب هنا قدموا الى القريه ،
أتحدّث مع إبن أحدهم في مثل سني “كتير بحب سماع تلاوه القرآن ، مع اني بحس بزعل كبير ! ”
ودُفنت الشهيده ، أُطلق عليها الصاروخ ، لا لسبب إلّا إنّها كانت تساعد أهلها في ‘شكّ الدخان ‘ “التبغ”. حملوها الى أقرب مستشفى لكنها ما لبثت أن توفيت …
ومرّت السنين
وتتالت مجازر الطغاة عبر الزمن !
ها أنا أجمع صور إجرامهم من الجرائد تحت عنوان ‘كي لا ننسى ‘
أجمعهم .. كي لا أنسى !
لم أتلقّ مدى حقدهم من أهالينا ،
عرفناه بسنّ مبكّره ..
لم نتعلّم من التاريخ طمعهم بمياهنا ،
في الواقع أدركنا أنّ طمعهم أكثر بكثير !
ألحمد لله الذي أنعم علينا بالبصر والسمع والاحساس ، فقط لنسجِّل …
وعبرت السنين ، ومرّ الزمن ..
إبني في الثالثه من عمره ، في الروضه :”أكتر شي méchant بالعالم هني ، إسرائيل وال sorcière “! يُخبر رفاقه في الصف ، بلغته الخاصه ،
فقد تشرّب المعلومه باكراً،
أنَّ الساحره الشريره (sorcière) الذي يراها في أفلام الكرتون ، موجوده في الواقع ، إ سمها “إسرائيل ” !! .
كي لا ننسى !!