كتب الدكتور روبير بشعلاني – باحث واستاذ جامعي لبناني
بمجال العلوم الاجتماعية والسياسية كان بالماضي هناك مفهوم يركز عليه الجميع هو مفهوم العامل المحدِّدْ( بالكسرة على الدال الاولى).
وحتى لا نطيل الكلام نضرب مثلا ملموسا:
ما هو العامل المحدِّد في لبنان: بناه الداخلية “اللبنانية” أم نتائج صراعات قوى الاقليم التي هي انعكاس للصراع العالمي؟
يعني بلغة مشبرحة لو انتصر اليوم السعودي على التركي والايراني هل يبقى نظام الطائف مأزوماً؟
بالقرن الماضي انتصر الابيض الاوروبي على الامبراطورية العثمانية فهل نشأت دولة لبنان الكبير ببعد داخلي ام بقرار المنتصر الخارجي؟ ماذا كان العامل المحدِّد انذاك؟
بالقرن ما قبل الماضي هل نشأ نظام المتصرفيتين بالجبل بناء على توازن القوى بين العثماني والابيض الاوروبي ام بناء على حاجة اصلاح داخلية؟ ماذا كان العامل المحدِّد؟
هل فؤاد شهاب (واصلاحاته)اتى( اتيا)بجمال عبد الناصر أم العكس؟
لنفترض اليوم ان التركي ربح الربيع العربي كما كان مفترضًا فهل كان سيكون لبنان بمنأى عن هذا العامل المحدِّدْ؟ ام ان البعد الداخلي هو المحدِّدْ؟
ولنفترض ان الامريكي خسر غداً المعركة الحالية بالاقليم فهل يبقى ميزان القوى هو ذاته في لبنان أم تضعف بعض القوى التي كانت تستقوي به ؟
هناك دائما داخل وخارج. هناك دائما عوامل متعددة. هناك دائما صراعات متنوعة. المهم معرفته هو العامل المحدِّد والصراع الأساس والتناقض الرئيس والا لدخلنا بالفوضى الفكرية والسياسية والاجتماعية.
ما نراه حاليا على المسرح السياسي غموض مفتعل واستثارة صراعات ثانوية متعددة هدفهما اغراق السمكة.