صحوة التنين القانع والدب الصاعد .
فهد ملحم | كاتب سوري
■ منذ عقود طويلة والمدرسة الواقعية هي المحور الذي تدور بفلكه دراسة العلاقات الدولية وتحليلها ورسم السياسات الخارجية بناء على ( مرتكزات الواقعية البنيوية التي تنظر نظرة بانورامية لبنية النظام الدولي ؛ ناهيك عن الشغف في القوة وزيادتها ؛ ودراسة الواقع كما هو ولبس كما يجب أن يكون ؛ والواقع يخلق النظرية وليس العكس ؛ والقوة تصنع الاخلاق !! ولا أخلاق في السياسة ؛ وانعدام الثقة الدائم بين الدول ؛ والتنافس للبقاء والاستماتة في الحصول على المركز الاول في سلم الهرمية الدولية .)
■ والواقعية على امتداد هذه السنين زخرت بمنظرين كان لهم الأثر البالغ في سياسات دولهم ابتداء من الداعين للاستعراض للقوة وزيادتها بين أثينا واسبارطا ؛ مرورا ب ( الجزار ميكافيللي ) وليس انتهاء ب كسينجر .
■ لكن التطور وتدوير الزوايا في أي مجال هو الطاغي دائما ؛ من هنا نرى أن مصطلح الواقعية الجديدة أبصر النور على يد أسماء مهمة أمثال كينيث وولتز – و جون مير شايمر – وغريغوا . الخ
■ وكون الواقعيين ( على خلاف المثاليين ) يرون أنه من المهم دراسة الواقع كما هو والبناء عليه والانطلاق منه ؛ وليس كما يجب أن يكون والنوم بعسله ؛ فمن هنا نرى الديناميكية والاستمرارية التي حفلت وحظيت بها هذه النظرية ؛ ابتداء من الواقعية التقليدية مرورا بالكلاسيكية الجديدة ثم الواقعية الجديدة التي انبثق عنها تيار يؤمن ويدعو ويحث على الواقعية الهجومية ؛ وتيار آخر يدعو للواقعية الدفاعية .
■ ومن لا يعرف ” جون مير شايمر ” أهم رواد الواقعية الهجومية ؛ حيث أن هذه الأخيرة تنطلق أو ترى أن القوى العظمى هي اللاعب الأكبر في النظام الدولي ( الفوضوي ) وكذلك سوء الظن الدائم وعدم الثقة الدائمة والتخوف الدائم والحذر الدائم بين الدول ؛ والواقعية الهجومية تسعى دائما للبقاء واستمراريته والهيمنة الدائمة وبالتالي التسلح والهوس في زيادة القوة والقدرات للتربع بشكل دائم على سلم الهرمية الدولية
■ ومما لا شك فيه أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية منذ أربعينيات القرن الماضي تنطلق من مفهوم ومرتكزات الواقعية بحزبيها الجمهوري والديمقراطي ( بالرغم من ان كلينتون حاول أن ينحى منحى قريب للتعاون والتكاملية والاعتمادية الدولية لكنه بقي مضغوط في قالب السياسة الواقعية ) .
■ لا أريد أن يتحول مقالي لبحث أكاديمي ممل ( معروف أصلا للجميع ) لكن ما أريد الوصول إليه هو أن الواقعية ( البنيوية ) ما زالت مسيطرة في مراكز صنع القرار في أقبية الولايات المتحدة.
■ ومن هنا نرى اليوم هذا الهجوم الكاسح ( والغريب بروتوكوليا ) الذي بدأ به ” بايدن ” ولايته الجديدة بهجوم مستفز على روسيا ناهيك عن الصين ( مع محاولة امتصاص لبعض الأطراف الإقليمية ” المشاغبة والمزعجة له ” ليتسنى له الاستمرار بفرض الهيمنة وتعميم صورة للرأي العام بأن الولايات المتحدة ما زالت بالمركز الأول دوليا ؛ ومحاولة تثبيت أقدامها كمركز أول في سلم الهرمية الدولية ؛ بعدما بدأت تتزعزع هذه الأقدام بضربات من قبل .
¤تنين صاعد ( كان قانعا ولكنه بدأ بإرسال رسائل بأنه لم يعد قانع ).
¤ودب سيبيري ( صاعد غير قانع )
■ من هنا ينبغي على الحليف أن لا يستمرئ كثيرا سياسة الستاتيكو لبعض الملفات الحاسمة ؛ وأن يكون سباقا في ضرب مداميك ( الواقعية الهجومية الأمريكية )
■ ولن أبالغ إن قلت بأن انتصار سورية هو ضرب لحاضر ومستقبل الولايات المتحدة ومخفرها المتقدم في الشرق الأوسط ” اسرائيل ” وتبلور دولي جديد لصالح روسيا والصين ؛ وبالتالي لا بد من التسريع في ضرب الذراع الأمريكي في شرق الفرات ( الخزان الاقتصادي السوري ) وكذلك ضرب ذراع الذراع في شمال سورية ( الضربة السياسية القاضية ) .