شهر التدريب المُحاكي لوُقوع حرب في إطار إختبار للرؤية التشغيلية بجيش الاحتلال وعودة للتدريب علي الحرب القادمة
غال بيرل فينكل/ inss- معهد دراسات الامن القومي
خلال الأونة القريبة ستجري مناورة هي الأولي من نوعها والتي ستستمر لمدة شهر كامل وستحاكي وقوع حرب متعددة الحلبات ومتعددة الأبعاد وستشمل هجوما قويا وأيضا دفاعات قوية وسيتم دراسة الحدث بالمرة الأولي من خلال رؤية وعقيدة العمل نحو النصر الطموحة المعدة من قبل رئيس هيئة الأركان والسؤال الملح كيف يمكن تتويج المناورة بالنجاح
بالآونة الأخيرة أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي أنه على مدار أربعة أسابيع وخلال النصف الأول من هذا العام سيجري تدريب شامل سيستمر لمدة شهر كامل ويعتبر التدريب الأول من نوعة على مستوي هيئة الأركان والذي سيشمل قوات نظامية ومن الاحتياط بكميات كبيرة على وجه الخصوص والتي تهدف الي أختبار قوات الجيش خلال التدريب الطويل والمتواصل والمليء بالتحديات والذي يحاكي الواقع ، ولأجل رفع مستوي الجهوزية والأستعداد للحرب تم إعداد التدريب الذي سيستمر لمدة شهر والذي تم أستنباطة من المرحلة الختامية لأعداد مقاتلي سلاح المشاة بجيش الاحتلال الاسرائيلي والذي يشمل تدريب لمدة أسبوع يحاكي حرب علي مستوي سلاح المشاة والتي خلالها ستحاكي سرايا الأعداد حملة قتال التي ستختبر جهوزيتها ومدي كفاءتها في التعامل مع كافة المهام التي اجتازها الجنود خلال فترة الأعداد بالجيش . بالأضافة الي التدريب المعقد والذي يتطلب نقل قوات كبيرة، ستسمح المناورة الي القيام بعملية فحص شامل للرؤية التشغيلية من أجل الوصول الي النصر التي بلورها رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي.
بين شهري أغسطس وسبتمبر عام 1941 نفذ سلاح المشاة الأمريكي سلسلة من المناورات داخل منطقة تصل مساحتها الي قرابة 8.800 كيلو متر مربع بولاية لويزيانا . هذه المناورة التي في إطارها طلب الجيش الأمريكي فحص الرؤية التشغيلية وأيضا الوسائل القتالية الجديدة وأيضا للأطلاع علة نوعية القادة جاءت بمبادرة من رئيس أركان الجيش الأمريكي بذلك الوقت الجنرال جورج مرشال وذلك من أجل تعزيز وتحسين جهوزية الجيش لإمكانية أن يكون للجيش دورا بالحرب العالمية التي أندلعت بعام 1939. فيما يبدو كان بتلك المرحلة هناك متطلب بتدخل أمريكي . القوات تم تقسيمها الي جيشين ” أحمر وازرق” وتواجد بكل قسم قرابة 200 الف جندي وخلال المناورة نفذت تلك القوات عدة مناورات والتي تم خلالها أختبار أنظمة سلاح جديدة ومن بينها دبابات ووحدات قتالية جديدة ومن بينها فرقة الدروع . خلال المناورة تطلب من الجيش الأمريكي تطوير رؤية ونظرية قتالية جديدة يمكنها من كبح الحرب الخاطفة التي ينفذها الجيش الألماني .
بالأضافة الي ذلك فحصت تلك التدريبات أفكار جدية حول إدارة الحرب المشتركة والتي يشارك قوات متعددة الأذرع . العديد من دروس وأستنتاجات تلك المناورات أصبحت جزء من النظرية والعقيدة التشغيلية للقوات بعد أن دخلت الولايات المتحدة للحرب بشهر ديسمبر من نفس العام. علاوة على ذلك العديد من القادة الذين قاموا بالمناورة ومن بينهم عمر برادلي ومارك كلارك ودفيت إيزنهاور وأيضا جورج فاتون برزوا خلال الحرب وتم تعيينهم في مراكز حساسة ومهمة في الجيش الأمريكي خلال أندلاع الحرب مع المانيا.
فيما يبدو يحاكي رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي الأن الجنرال الأمريكي مارشال والذي يطالب بإجراء نسخة مماثلة داخل جيش الاحتلال الاسرائيلي ولكن مع إجراء تعديلات عليها لمناورات لويزيانا. في الأونة الأخيرة أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي أنه على مدار 4 أسابيع متواصلة وخلال النصف الأول من هذا العام سيجري مناورة ” تحاكي حرب وعلي مدار شهر ” والتي تعتبر مناورة على مستوي هيئة الأركان والتي تعتبر الأولي من نوعها والتي تشمل قوات نظامية وقوات من الاحتياط بعدد كبير جدا.
السم التعريفي ” شهر حرب ” مأخوذ من المرحلة الختامية الخاصة بإعداد مقاتلي سلاح المشاة بجيش الاحتلال الاسرائيلي والتي تشمل ” أسبوع حرب “والذي تحاكي خلاله سرايا التأهيل والأعداد جولة قتال تهدف الي فحص جهوزية وكفاءة الجنود في العديد من المهام التي اجتازوها خلال فترة الأعداد.
فيما يبدو سبب المناورة ينبع أولا من الأدراك الذي عبر عنه في حينه الجنرال الألماني أرفين رومل في ضوء تجاربه كقائد سرية وقائد كتيبة من الناحية الفعلية لأحدي الكتائب المختارة خلال الحرب العالمية الأولي والذي وفقها فرضت الحرب طلبات كبيرة جدا على قوة سلاح المشاة وعلى أعصاب القادة. ومن أجل ذلك يتطلب من الجندي المثابرة كثيرا خلال المناورة حتى لا يفاجئ وقت الحرب. ولكن بالأضافة الي التدريب المعقد والذي يتطلب بذل جهود كبيرة من قبل العديد من القوات. المناورة ستسمح بدراسة معمقة وأساسية للرؤية القتالية والتشغيلية التي بلورها رئيس الأركان افيف كوخافي والتي تهدف الي تقويض العقيدة والرؤية القتالية للعدو وبناء قوة وكفاءة عسكرية تثبت للعدو أن رؤيته القتالية غير مجدية بعد.
الرؤية التشغيلية للجيش الإسرائيلي تشمل ثلاثة جهود أساسية لتفعيل القوة والذي من المتوقع أن يتم التدرب عليها خلال شهر الحرب ” المناورة” وهي المناورة ذات الابعاد المتعددة لمناطق العدو وضربات أستباقية هجومية قوية بواسطة النيران والحرب السيبرانية وأيضا القيام بعمليات دفاعية متعددة الأبعاد وقوية والتي تهدف كم تم ذكرة من قبل اللواء هيرتسي هليفي من أجل ان لا تتساوي وتقلل من أنجازات العدو بداخل الأراضي الأسرائيلية جميع الجهود الثلاثة سيتم تفعيلها في آن واحد وذلك بهدف كشف العدو وتدميره بوتيرة عالية.
لتنفيذ الرؤية يتطلب وجود ظروف عملياتية ضرورية ومن بينها التفوق الاستخباراتي والتفوق الجوي والتفوق الرقمي والتفوق البحري والسياسية التي تبقي تفعيل النيران بشكل فعال داخل المناطق الحضرية المكتظة بالسكان والتي يختبئ فيها العدو ويقوم بأخذ التدابير القتالية بينها وبين السكان والحفاظ على متانة الجبهة الداخلية طيلة اندلاع الحرب والتي ستستمر الي أسابيع متواصلة.
المصطلحات والمفاهيم الأساسية للرؤية القتالية داخل الأذرع المتعددة والمتعددة الأبعاد وطبقا للرؤية المتعلقة بكافة القوات داخل جيش الاحتلال الاسرائيلي بكافة الأبعاد سيتم تفعيلها من أجل تنفيذ مناورة وعملية دفاع مجدية وأكثر فتكا. علي سبيل المثال قال دوغلاس مكروجر المنظر العسكري الأمريكي وضابط متقاعد بسلاح الدروع يمكن للمجسات الموجودة علي ظهر الطائرات الحربية المسيرة والتي تطير فوق ساحة المعركة يمكنها جمع معلومات استخبارية عن العدو في منطقة قتال معينة ، والتي ستنقل الي القوات البرية أو البحرية ومن ناحية فعلية تنقل الي الجهة التي يمكنها تدميره بشكل سريع . في المقابل يمكن لقوة تفعل الحرب الإلكترونية من التشويش على نشاط الحوامات التي يشغلها العدو والذي من شأنها إلحاق الضرر بقوة المشاة ” البرية” التي تناور وتوفير الحماية لها.
علاوة علي ذلك هدف القوة المناورة هو التأثير علي البعد الذي تتواجد به ولكن ليس فقط فيه أنما يؤثر علي العديد من الأبعاد هكذا على سبيل يمكن لقوة مدرعة ان تدمر منصة أطلاق قذائف الهاون التابعة للعدو وتنفيذ خطوة برية يكون لها آثر علي قدرات الجبهة المدنية من الحفاظ علي الاستمرارية الوظيفية أو بدلا من ذلك تقوم قوة خاصة من سلاح المشاة والتي ستنقل جوا نحو مناطق العدو والسيطرة علي الميدان هناك والقيام بمنع أطلاق الصواريخ والقذائف كما ستمنع تلك القوة الخاصة مهاجمة القوات البحرية الموجودة في البحر من قبل العدو الأمر الذي سيسمح بحرية الحركة للسفن الحربية .
على الرغم من وجود كافة العناصر الجديدة التي تشكل ميدان القتال العصري بما في ذلك المجال التكنولوجي المتقدم المتطور والقدرة علي دمج والربط بين الأذرع والقوات بشكل مجدي أكثر ولا يمكنها أن تلغي الحاجة الي قوات مناورة تقوم بتنفيذ عمليات برية وأحيانا يتم تنفيذ تلك العمليات عن مسافة قصيرة داخل أرض العدو والذي بالفعل يعرف العدو كيف يتأقلم مع النيران الموجهة اليه والذي أتم استعداداته مسبقا سواء فوق الأرض أو تحتها في الأنفاق والاستمرار بالعمل والقتال. لذلك هناك حاجة بأن تبدي القوات المناورة مرونة وسرعة في العثور على العدو وكشفة أمام المجهود النيراني وضربة بشكل مباشر وذلك بهدف تقليص عملية إطلاق النار على الجبهة الداخلية في إسرائيل.
وفقا لذلك مسار المناورة التي يقوم بها الجيش سيشمل سيناريو معركة مشتركة ومتعددة الأذرع في الشمال والجنوب طبقا للسيناريو المحتمل في مثل هذه الظروف المعدلة والخطيرة. بالأضافة الي ذلك يتطلب التعامل مع كل ما ينوط بها ومن بينها الأنتقال من مرحلة الروتين العادي الي الطوارئ والتنسيق مع المنظمات التي تتابع قضية الجبهة الداخلية وتقديم المساعدة للسكان وتشغيل النيران والقيام بالتناور في مناطق سكنية ومواجهة السكان بمناطق العدو. التحدي المركزي أمام جيش الاحتلال الاسرائيلي هو تنفيذ المناورة الواسعة والمتشعبة بالجبهة وفي عمق أراضي العدو والذي يعتمد على قدرات على مستوي الأركان وتفعيل قوات خاصة.
على غرار مناورات لويزيانا يوجد في ” شهر الحرب” رسالة تحذير بخصوص رفع حالة الجهوزية للحرب المتوقع حدوثها قريبا. من أجل ذلك تم إضافة وللمرة الأولي مناورة على مستوي الفرقة والذي خلاله سيتم التدرب في قبرص من قبل تشكيلة النار وقيادة العمق التي يترأسها اللواء أيتاي فيروب الذي خدم سابقا في لواء المظليين. أيضا في هذا الجانب عنصر رادع.
عرض قدرات الدفع بفرقة قتالية نحو أراضي العدو ضمن خطة الإحاطة الرأسية لمنطقة العدو. التصور الطبوغرافي في قبرص يشابهه بحد كبير تلك التضاريس في لبنان وخاصة جبل لبنان حيث توجد قيمة كبيرة لأجراء مناورة داخل مناطق أجنبية المشابهة بشكل كبير لمناطق موجودة داخل أراضي العدو خارج حدود “إسرائيل”والذي من المفترض أن تقوم القوات بالقتال داخلها. عملية النقل الجوي والحركة والملاحة داخل مناطق مجهولة للقوات والتعامل مع الضغوطات والتعب وقات تحاكي العدو بعيدا عن البيت كل ذلك يشكل تحديا حقيقيا أمام القيادة والقوات والذي من شانها أن تعزز الشعور بالقدرة والأمن الشخصي كما ستسمح بتطوير حالة المعرفة العملياتية ودعم العقيدة القتالية.
هناك مزايا في المناورات الكبيرة التي يتم تدارسها بشكل أساسي متعمق والتي تختبر بشكل كبير قدرة المنظومة العسكرية للجيش ومدي الرؤية القتالية الجديدة الي جانب فحص جهوزية القوات وقدرة القادة على العمل تحت ضغط ولفترة طويلة . مع ذلك في واقع وجود موارد غير واضحة موجودة داخل الجيش النابعة من وجود الأزمة السياسية ومن غياب الموازنة والأثار الأقتصادية بسبب تفسي فيروس كورونا يطفو علي السطح تساؤلات من بينها ما هي التكلفة البديلة للتدريب ، وما هي القيود التي يفرضها التدريب المستمر قرابة شهر كامل علي إستمرارية عمل الجيش بمجال مكافحة الأرهاب والأمن الجاري في الحلبة الفلسطينية وصولا الي المعركة ما بين الحروب في الشمال.
سؤال أخر يستحق الدراجة هو حجم الأستيعاب للرؤية القتالية التشغيلية الجدية. أحد أسباب فشل الحرب بين جيش الاحتلال الاسرائيلي وحزب الله بصيف عام 2006 هي أن الرؤية القتالية التي تم بلورتها قبل الحرب لم يتم استيعابها كما يجب داخل القوات العسكرية.
مع ذلك يسمح شهر الحرب للجيش بوجود فترة متواصلة من الممارسات التي ستعمل على إستيعاب مفاهيم تحسين كفاءة القوات والقادة. التحدي ألأبرز للجيش الإسرائيلي ينبع من استخلاص الدروس وتحديثها في إطار الأستعداد للحرب القادمة.
التحدي الذي يواجه جيش الاحتلال الاسرائيلي هو خاص بجانب استخلاص الدروس من المعارك التي حارب خلالها التنظيمات الشبه عسكرية كما هو الحال في حرب لبنان الثانية وعملية الجرف الصامد ولغاية الأن ” مناورة شهر الحرب” من أجل ان يكون في المعركة القادمة أنجاز والوصول الي انتصار خلال وقت زمني أقصر والذي سيكون تعبيرا للتغيير المعمق الذي طرأ علي الجيش الإسرائيلي.