لفتت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أنّ فشل المساعي الهادفة إلى عزل روسيا اقتصاديًا ودبلوماسيًا، تزامن مع تزايد نفوذ الصين الدبلوماسي والاقتصادي. وبيّنت، استنادًا على استطلاعات حديثة، أن الدعم لأوكرانيا آخذ في التراجع خارج المعسكر الغربي، وأنّ عدد الدول التي تدين ما أسمته “الغزو الروسي” تراجع قليلًا خلال العام المنصرم، بينما ارتفع عدد الدول الحيادية وتلك الداعمة لموسكو.
ما تقدّم تناوله الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” Ross Douthat بمقالة، أشار فيها إلى تقرير جديد صدر عن جامعة Cambridge الخريف الماضي بعد ثمانية أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا.
ورأى الكاتب أنّه “بينما انقلب الرأي العام في دول “ديمقراطية متقدّمة” ضد روسيا والصين (وفق التقرير)، إلاّ أن رأي الشارع في الدول النامية بقي أكثر تأييدًا لروسيا مقارنة مع الولايات المتحدة، وإلى أن الشارع في هذه الدول كان، ولأول مرة، أكثر تأييدًا للصين من الولايات المتحدة، وفق تعبيره.
وأضاف الكاتب بأنّ المساعي الهادفة إلى عزل روسيا اقتصاديًّا لم تجد الكثير من الدعم الثابت، وأنّ الشيء نفسه ينطبق على مساعي عزل موسكو دبلوماسيًا. وقال في هذا الإطار إنّ “موسكو وجدت دولًا مستعدة لشراء مواردها للطاقة في مناطق مثل جنوب آسيا وأميركا اللاتينية”، مشيرًا في نفس الوقت إلى أنّ روسيا عقدت مؤتمرًا للسلام جمع كل من سوريا وتركيا وإيران.
كذلك تابع بأنه، وبحسب الوثائق الاستخباراتية الأميركية المسرّبة، فإنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وافق مؤخرًا على مبيعات سلاح سريّة إلى روسيا، وذلك على الرغم من كون مصر من الدول الحليفة لأمريكا وتتلقّى منها المساعدات.
وأشار الكاتب أيضًا إلى استطلاعات حديثة بيّنت أنّ الدعم لأوكرانيا آخذ في التراجع خارج المعسكر الغربي. وأردف أن “عدد الدول التي تدين “الغزو الروسي” تراجع قليلاً خلال العام المنصرم، بينما ارتفع عدد الدول الحيادية وتلك الداعمة لروسيا”. كما أضاف بأنّ ذلك يتزامن مع تزايد نفوذ الصين الدبلوماسي والاقتصادي، لافتًا إلى أن الأخيرة تلعب دورًا محوريًا كـ “صانع سلام” في “الشرق الأوسط” مع دول حليفة لأميركا مثل السعودية، على حدّ قوله.
واعتبر الكاتب أنّه ليس واضحًا ما إذا كانت إدارة بايدن تملك استراتيجية كبرى لمواجهة هذا الواقع، مضيفًا بأنّها تبنّت في العموم المقاربة التي يعتمدها “الصقور” بتقسيم المشهد السياسي بين “الديمقراطية” و”حكم الفرد”، والليبرالية مقابل السلطوية.
كما شدد على أنّه “لا يمكن بناء التحالفات المطلوبة من أجل احتواء الصين وروسيا إذا لم تكن تستطيع التعاون مع دول لا تتبنّى النهج “الليبرالي” الغربي. وأكد على ضرورة التعامل البنّاء ليس فقط مع الأنظمة الملكية والحكام العسكريين، بل أيضًا مع النماذج السياسية التي تُوصف بأنها “شعبوية” أو ديمقراطية غير ليبرالية، مسمّيًا في هذا السياق كل من الهند وتركيا.
كذلك شدد على أنّه لا يمكن حشد التأييد الديمقراطي والجمهوري لاستراتيجية داعمة للديمقراطية إذا ما تم ربط ذلك بالمواجهة مع الخصوم السياسيين في الداخل. وقال إنّ “الاستراتيجية التي تعتبر أن الديمقراطية هي عبارة عن الليبرالية الاجتماعية او التقدّمية لا يمكن أن تحصل على دعم ثابت من الحزب الجمهوري، وإنّ مثل هذه الاستراتيجية ستكون رهينة الدورة الانتخابية القادمة”.
هذا، وقالت مجموعة “صوفان” إنّ اتفاق عودة العلاقات بين إيران والسعودية برعاية الصين إنّما يفيد بأن دولًا إقليمية لطالما اعتمدت على التعاون الأمني مع الولايات المتحدة قد تبحث في زيادة خياراتها على صعيد العلاقات الدبلوماسية.
وأضافت أنّ انضمام السعودية إلى منظمة تعاون شنغهاي كشريك حواري يصبّ في هذا الإطار. كما أوضحت بأنّ الولايات المتحدة وبينما لم تكن في موقف يسمح لها بلعب دور الوسيط بين إيران والسعودية، إلاّ أنها ستستفيد على الأرجح من خفض التصعيد إذا استمرّ الاتفاق.
كذلك اعتبرت أنّه يجب النظر إلى مساعي بكين الدبلوماسية الأخيرة ضمن إطار استراتيجيتها على صعيد السياسة الخارجية. وأردفت بأنّ مبادرة الأمن العالمية تُعدّ جزء أساس في هذا السياق، مشيرةً إلى وثيقة صدرت عن وزارة الخارجية الصينية في شهر شباط/فبراير الماضي والتي تحدد طموحات الصين لتعزيز دوها العالمي على الصعيدين السياسي والأمني، وفي نفس الوقت الترويج لمفاهيم ومبادئ مثل عدم التدخل وغيره، حيث تأمل بأن تتميّز عن الولايات المتحدة والغرب عبر مثل هذه المقاربة.
وشددت المجموعة على أنّ من مصلحة الولايات المتحدة تكثيف المساعي الدبلوماسية وتبنّي سياسة خارجية تثبت للدول التي تتبنّى الحياد بأنها شريك يمكن الاعتماد عليه في الأمد الطويل.