اللواء الدكتور بهجت سليمان
1▪︎ بفضل الشعب الصيني العظيم أولا ، وبفضل الحزب الشيوعي الصيني العظيم ثانيا .. ستصل الصين قريبا جدا ، وبقوة ، إلى سدة النظام العالمي القائم / أو الجديد ، وتصبح الأقوى اقتصاديا وعسكريا.
ولولا الثورة الصينية التي قادها ماوتسي تونغ عام 1949 ، لبقيت الصين تشبه أندونيسيا .
فالشعب الصيني العظيم موجود منذ آلاف السنين .. وفقط عندما قيض له حزب عظيم وقائد عظيم ، بدأ بارتقاء سلم المجد .. وسيستمر في ذلك إلى أن يتربع على قمة العالم لعشرات السنين القادمة .
2▪︎ وبعد وفاة مؤسس الصين الجديدة وقائد ثورتها ” ماوتسي تونغ ” عام 1976 ، وخلفه بعد سنتين ” دينغ هسياو بينغ ” عام 1978 ، الذي بنى على ما أسسته الثورة الصينية العملاقة منذ عام 1949 وحزبها الشيوعي .. وشق طريق ” اقتصاد حر ” يتبع في مفاصله الأساسية للحزب الشيوعي ، وتناغمت الصين مع المستجدات العالمية الجديدة ، على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي ، فقفزت قفزات عملاقة نحو سدة القمة العالمية .
3▪︎ وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 ، شعرت الدولة العميقة في أمريكا ، بخطورة تحول الصين إلى قطب منافس لها ، فعملت على مسارين متوازيين :
○ مسار مضاعفة العمل على احتوائها اقتصاديا ، من خلال التشابك والتشبيك الاقتصادي والمالي مع الصين ..
○ ومسار اتخاذ الإجراءات العسكرية والسياسية الأمريكية والدولية ، لتطويق الصين وقطع طريق الوصول إلى القمة عليها .
4▪︎ وسقطت مراهنات الدولة العميقة في أمريكا ، بعدما توهمت أنها بعد مد يدها للصين عام 1972 والتناغم معها ضد الاتحاد السوفيتي ، بأنها سوف تتمكن من احتواء الصين وتحويلها إلى جرم يدور في الفلك الأمريكي ، كاليابان وألمانيا وباقي الدول الأخرى .
ومهما أرغت وأزبدت الدولة الأمريكية العميقة ، فإن منطق التاريخ سوف يفرض نفسه ، وستسقط الامبراطورية الأمريكية ، كما سقطت جميع الامبراطوريات التي سبقتها ، رغم أنف سدنتها وقادتها . .
لا بل سينهار ( النظام الرأسمالي ) الذي تتحكم فيه نسبة أقلية الأقلية من الطغمة المالية ، بأكثرية مجتمعاتها الساحقة وبدولها القائمة ، وخاصة بعد أن فقد صلاحيته ووصل إلى نهاية هذه الصلاحية و بات عاجزا عن إصلاح نفسه من داخله ، كما كان عليه الأمر سابقا . . وهو يغرق في المشكلات والأزمات التي تسبب بها ، والعاجز عن حلها .
5▪︎ وما يبعث على الضحك هو محاولات بعض ” الكتبجية ” و ” العرضحالجية ” الأورو – أمريكان وأذنابهم ، إرجاع سبب النهوض الصيني الراهن إلى ” عظمة النظام الرأسمالي ” !! وإلى بعض الوصفات الاقتصادية الرأسمالية ..
و السؤال ، هو طالما أن هذه الوصفات ناجعة إلى هذه الدرجة ، فلماذا لم تتمكن من الحفاظ على تفوق أعتق الامبراطوريات الاستعمارية ” التي لا تغيب عنها الشمس ” وهي الامبراطورية البريطانية الأخبث والأدهى و الأقذر في تاريخ البشرية ؟!
6 ▪︎ وقد يتساءل سائل : إذا كان الأمر هكذا ، فلماذا لم يتمكن الحزب الشيوعي السوفيتي ” العظيم ” والشعب الروسي العظيم ومعه باقي الشعوب السوفيتية السابقة ، من الحفاظ على ” الامبراطورية السوفيتية ” ؟
والجواب : هو أنه تمكن من الحفاظ عليها لمدة ثلاثة أرباع القرن تقريبا .. ومن ثم دارت دائرة الزمن على هذه الامبراطورية ، وفعلت قوانين التاريخ فعلها ، من حيث ” نشوء وصعود وسقوط الدول ” التي تحدث عنها ” ابن خلدون ” منذ مئات السنين .. وتحدث عنها الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ” بول كنيدي ” في كتابه ” نشوء وسقوط القوى العظمى” الذي صدر قبيل تفكك الاتحاد السوفيتي بقليل ، وجعل منه سجلاً تاريخياً يستعرض فيه الدورة الحضارية لتأريخ أمده خمسمائة عام من عام ” 1500 حتى عام 2000 ” .
7 ▪︎ وقد يتساءل سائل أو سائلون ممن يؤمنون بأن التاريخ والحاضر والمستقبل هو صناعة ( يهودية – ماسونية – صهيونية ) !!! :
وأين دور الصهيونية العالمية وأدواتها في ” قيام الثورة السوفيتية ” وفي ” سقوط الاتحاد السوفيتي ” ؟..
وأين دورها في ” نهضة الصين الحالية ” ..
8▪︎ والجواب : هو أن ” اليهود ” وقفوا بقوة ضد ” القيصر الروسي ” وشاركوا بفعالية في ” الثورة السوفيتية ” عليه عام 1917 ، وكانوا من كبار قادتها .. ولكن الحزب الشيوعي السوفيتي نفسه ، قام بقيادة ” ستالين ” بإبعادهم و التخلص منهم واحدا إثر الآخر ، بعدما حاولوا توظيف الثورة الوليدة بما يتناقض مع أهدافها الاستراتيجية ..
وبعدئذ انقلبوا عليها وتحولوا إلى ” حلفاء ” للدولة الأمريكية الناهضة ، بمواجهة الدولة السوفيتية الوليدة .
9▪︎ وأما في ما يخص ” الصين ” ، فلا علاقة لليهود بقيام الثورة الصينية العظمى عام 1949 .. ولكنهم كعادتهم ينصبون الجسور مع ويراهنون على أي قوة دولية ناهضة ..
حتى أنهم نقلوا مقر المنظمة الصهيونية العالمية ، من لندن عام 1943 إلى ” بالتيمور ” بالولايات المتحدة الأمريكية ، لقناعتهم بأن واشنطن باتت هي الثقل العالمي الأكبر ومركز القرار بدلا من بريطانيا .
و المنظمة الصهيونية العالمية (عبرية: הַהִסְתַּדְּרוּת הַצִּיּוֹנִית הָעוֹלָמִית) هي إطار تنظيمي يضم كل اليهود الذين انضووا تحت إسم “المنظمة الصهيونية” في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 ، بهدف ما سموه ” إقامة وطن قومي لليهود ” .
وما قامت به هذه المنظمة و” إسرائيل ” بالنسبة ل ( الصين ) هو أنها نصبت جسورا معها ، في العقود الأربعة الأخيرة ، وقدمت لها خدمات هامة تكنولوجية ومالية وحتى استخبارية ، لكي تكسب ثقة الدولة الصينية.
10▪︎ وذلك في الوقت الذي كانت فيه معظم الدول العربية تدور في الفلك الأمريكي ، مبتعدة عن الصين . الأمر الذي أدى إلى انتقال الصين من تأييد القضايا العربية والقضية الفلسطينية ، إلى موقف رمادي لا تعنيه القضايا العربية وفي قلبها القضية الفلسطينية ، وخاصة بعد أن فرط النظام العربي الرسمي بها وبغيرها .
و أخيرا ، ما يجب على جميع الشرفاء والمخلصين في ديار العرب والإسلام والمسيحية المشرقية ، أن يعرفوه وأن يعملوا بموجبه ، هو قول الشاعر العربي :
ما حَكَّ جِلْدَكَ ، مِثْلُ ظِفْرِكْ فَتَوَلَّ أنْتْ جميعَ أمْرِكْ