حسام الدين خلاصي | رئيس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سورية
منذ بداية الحرب عليها بدا كما لو أن إخراج سورية بكامل قدراتها وعقيدتها من معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي
أمر مقرر ،ويجب الوصول إليه بشتى السبل والضغوطات العنفية والإرهابية والاقتصادية ليتم حينئذ استبدال كلمة الصراع بكلمة الوئام العربي – الاسرائيلي.
وبعد سنين الحرب العشرة على سورية، توضح للجميع أن العقيدة السورية وطريقة قيادة دولتها وسيادتها لم تتغير و أن هناك تغير وحيد قد حصل وهو لمصلحتها ، حيث أنها بدأت بالتعافي وحققت انتصارات عسكرية مهمة جدا على الإرهاب ،وامتازت بالهدوء في معالجة الصدامات العربية معها رغم كل الأسى ،وحافظت على استراتيجيتها وموقعها ومكانتها بين الدول العربية إيمانا وفهما منها لطبيعة الأنظمة العربية وتقلباتها السياسية تبعا لما يأتيها من أوامر .
فخروج سورية من جامعة الدول العربية لم يكن قرارا عربيا صرفا ولم يكن بالإجماع لذلك بقي مقعدها شاغرا في انتظار عودة السيادة والقرار السيادي للجامعة في لحظة اعتراف بفشل المتآمرين على سورية ولحظة الأمر من المشغل بتبديل مواقف هذه الأنظمة.
لقد قرأت سورية وقيادتها المشهد بصورة صحيحة ورسمت تحالفاتها وعمقتها مع الأشقاء والأصدقاء وذلك بحسب الضرورات الجغرافية والسياسية والعسكرية لدول الجوار والإقليم .
لقد صبرت سورية صبر الأسود لتكون ضرباتها محكمة في كل الميادين لتكون كل ضربة هي ضربة ناجزة وتحقق غايتها.
وبعد سلسلة من الانتصارات العسكرية و آخرها في درعا مع تطعيم هذا الانتصار بروح المصالحة الوطنية استطاعت سورية أن تفقأ عين الكيان الصهيوني وترسل إلى العالم رسالتها بأنها ماضية في تحرير أرضها .
وكما سورية تقرأ المشهد فإن خصومها يفعلون ورأوا أنه بات من الضروري أن يبدأوا بحجز بطاقات العودة للعلاقات مع سورية بدءا من الدول الأقل انغماسا في الدم السوري وصولا في المستقبل إلى الأصلاء في التآمر .
بدأ الأمر من سلطنة عمان مرورا بالإمارات ثم العراق ثم لبنان ثم الأردن ، إضافة إلى دول عربية هي أصلا لم تقطع علاقاتها مع سورية كالجزائر.
هذا التقارب وخاصة الأخير مع الأردن أتى من البوابة الأمريكية ومن الأسى الاقتصادي للأردن ومن الموقف في درعا وسقوط الارهاب في الجنوب السوري ولأجل تدارك الجبهة الشمالية للكيان الصهيوني في أراضينا المحتلة .
بالمقابل أتى هذا التقارب من الجهة السورية من بوابة انتصارها وسيادتها ومن مرتكز القوة واليقين بأن الوضع الشاذ زائل .
وسمحت سورية للغاز المصري بالوصول وبتوليد الطاقة الكهربائية إلى لبنان تفهما منها لعدة نقاط وهي:
● تبدل الموقف الأمريكي تراجعا وانكسارا بدءا مما حدث في لبنان وتصريح المقاومة وتصرفها من خلال النفط الإيراني.
● الوضع الاقتصادي الأردني ورغبة الأردن بإنهاء الوضع الشائك في جنوب سورية.
● مشاكل الطاقة في لبنان وانتصار حل المقاومة وتدعيم التنسيق بين سورية وحلفائها.
● تعزيز فكرة الانتصار السياسي لسورية والاستفادة الاقتصادية .
● وأخيرا بقاء سورية على اخلاصها لفكرة التضامن العربي هو الحل ولابديل عنها وبقاءها كرائدة وقائدة في هذا المجال.
وبعد إن العودة العربية إلى سورية باتت في أقل تقدير أمرا واقعا لامفر منه يفسره العرب على هواهم وبحسب معتقدهم ولكن هذا لن يغير في الأمر شيء فلقد انتصرت رؤية سورية للحل ونظرتها الواقعية منذ بداية الحرب عليها بأن كل عدوان ونأي بالنفس وبأي صيغة كانت هو إلى زوال
وأهلا وسهلا بكم في دمشق من جديد .