سوء تفاهم «التفاهم» بين الوطني الحرّ والحزب يتسع .

فاطمة شكر | كاتبة واعلامية

إنطلاقاً من المبادىء الأساسية التي بني عليها تفاهم التيارين الأصفر والبرتقالي الذي سمي بـ «تفاهم مارمخايل» باتت تتكشف الأمور أكثر فأكثر عن تباينات تلحظها العلاقة بين التيارين وخصوصاً في الفترة الأخيرة.

وبالتزامن مع ما حددته حكومة المهمة الجديدة التي لم تولد ولن تولد على قاعدة أن سوء التفاهم الذي يتسع بين التيارين يؤدي الى إشكالية أزمة حقيقية بين التيار الوطني الحر وباقي التيارات السياسية في لبنان، ناهيك بالتراشق الحاصل الذي بدأ بين «تيار المستقبل» والرئاسة الأولى منذ بداية التكليف للرئيس الحريري، إضافةً الى امتداد الهجوم ووصوله الى التراشق بين الرئاسة الأولى والثانية منذ أيام . من هنا، ينطلق حزب الله حفاظًا على الوحدة الوطنية من أجل أن يبقى بيضة الميزان القابضة على أمن هذا الوطن، باعتبار أن أي تداعٍ يمكن أن يذهب اليه لبنان سيصيبُ لبنان بمقاومته قبل أن يصيب غيره.

وفي المعلومات المتداولة، إن الحزب يساهم في تقوية وتكريس مبادرة الرئيس نبيه بري الذي طرحها رافضاً مواقف الوزير جبران باسيل التي يعتبرها تخطيا لكل الخطوط الحمراء ، في حين أن الحزب كان يسعى دائماً الى أن يكون وسيط خير بين كل الأطراف من أجل تشكيل الحكومة ، وهو دعا أكثر من مرة الى التنازل من اجل المصلحة العامة ، مذكراً بهموم المواطنين التي لم تعد تحتمل.

وفي معلومات خاصة وقريبة من التيار الوطني الحر، إن أعضاء بارزين في التيار طلبوا من الناشطين الموالين له وقف التراشق والكلام عبر وسائل التواصل الإجتماعي الموجه ضد الحزب، وان مسؤولاً بارزاً في التيار رفض كل الكلام الذي وجهه للحزب ناشطون ينتمون اليه، وتقول المعلومات ان الحزب ايضا طلب بالمقابل وقف السجالات والتراشق في صفوفه مع التيار البرتقالي حتى تتضح الأمور في الساعات القادمة.

ولفتت مصادرمتابعة الى أن كل المساعي والاتصالات التي يقوم بها الحزب توقفت بشكل كلي نتيجة التوتر الذي حصل بين الرئاستين الأولى والثانية وحرب بيانات الردود التي تبادلتها الرئاستان. وتكمن عقدة الخلاف في تحديد صلاحيات الرئيس المكلف حول وضعه واختياره للأسماء، وهل يحق لرئيس الجمهورية التدخل في التشكيلة الحكومية حتى ولو ضمن إطار المشاركة في الأسماء المسيحية؟

إذاً الخلاف واضحٌ حول أسماء الوزراء المسيحيين التي يصر الرئيس عون على التدخل في تحديدها، في ظل إصرار الرئيس الحريري على مواقفه التي يعتبرها محقة له.

ومع هذه الأجواء القاتمة السياسية والخلافات التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم بين القوى السياسية وإعادة توجيه الإصطفافات السياسية وخلط الأرواق، ووقوف أطراف مع بعضها بعضا في وجه طرف آخر.

ولعل ما يجري اليوم هو حرب إلغاء بين القوى السياسية تضيف المصادر، وهذا يندرج بسياق التحضير للانتخابات النيابية وشد العصب الطائفي، وكل المؤشرات تؤكد أن لا حكومة في الوقت الحالي… كما لا اعتذار … وكل ما يطرح من أسماء بديلة يدخل في باب «الزكزكات» ليس إلا ، وان ما جرى في اجتماع دار الفتوى هو أقرب لرمي الحرم الكنسي على من يتجرأ ويقبل التكليف الحكومي في حال اعتذر سعد الحريري، بل إن ما يجري هو أقرب إلى توحيد الصف خلف الحريري، وهذا كان واضحاً من خلال لقائه عدداً من الشخصيات السنية، جهاد الصمد، عدنان الطرابلسي، وآخرون لم يفصح عنهم. والاعتقاد السائد، أنه ربما يؤجل الإعتذار الى لحظة مناسبة تعطيه أفضلية لخوض الانتخابات من صفوف المعارضة، ناهيك بأنه لن يترك لهم هامشاً لتشكيل الحكومة.

كل هذا انعكس على المواطن اللبناني الذي يعيشُ حالةً من القلق والخوف نتيجة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار أمام الليرة ما انعكس ارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية، مما أصاب فئة كبيرة من المواطنين بحالة من الهستيريا التي دفعت بهم الى اتهام من يحكم الدولة بسياسة القتل الرحيم والبطيء بحقهم دون أن تقوم بأي مبادرة إصلاحيةٍ وإنقاذية تساعد في ضبط الإنهيار ومحاصرة الفساد.

ولعل تحرك الإتحاد العمالي الذي شهده لبنان لن يكون الأخير، وقد تتسعُ الدائرة الى أن تصل الى مرحلة الفوضى والعصيان المدني والتكسير للأملاك العامة كما شهدنا منذ أشهر.

دولياً، يسعى المجتمع الدولي اليوم الى ضبط إيقاع الأزمة بانتظار الإنتخابات القادمة والتي تطالب بعض الأطراف باستعجالها لأسباب سياسية تحددُ شكل المجلس النيابي الجديد والأكثرية، علماً أن المجتمع الدولي لا يتعاطى مع لبنان في هذه الفترة بأريحية نتيجة للتطورات الإقليمية وللإنهيار الإقتصادي الكبير الذي شهده لبنان، عدا معرفته بالفساد و حصوله على بيانات وأرقام تدين بعض من في الدولة، إضافة الى أنه لن يقدم له الحلول قبل أن يكتشف خريطته السياسية التي سيتبعها بعد الإنتخابات وشكل الإصطفافات السياسية الجديدة.

كل المؤشرات والأدلة تشير الى أننا نعيشُ الإنهيار الكبير، وأن كل ما تقوم به الطبقة السياسية هو تمريرٌ للوقت وتحقيقٌ لمصالحها الخاصة، ولعلنا اليوم نعيشُ مرحلة الإرهاصات الأخيرة التي ستؤدي الى حلول لكنها غير جذرية …

فهل سيتوقف هذا الانهيار ولو بشكل بسيط علنا نصل الى أبسط حقوق العيش في هذا الوطن ؟

وهل من المعقول أن يرحمنا من كان السبب في قتل آمالنا ؟

سيظل الشعب اللبناني يطرح الأسئلة على هذه الطبقة دون الحصول على أجوبة، حتى إشعارٍ آخر …. أو ثورة تغيّر المشهد بأكمله …

الديار

Exit mobile version