سندات اليوروبوند الاردنيه والدين العام وتصريح وزير المالية

الدكتور مروان الزعبي | خبير مالي واقتصادي جامعة الزيتونة الاردنية

كلما اصدرت وزارة المالية سندات اليورو (وهي سندات بالدولار الامريكي تباع في الاسواق العالمية)، تصرح بأنها نجحت في تسويق الاصدار بدليل ان الاقبال او ما يسمى بالتغطية بلغت ثلاثة او اربعة اضعاف او اكثر وعلى الرغم من اهمية هذا المؤشر الا انه قد يكون دليل فشل وليس نجاح وذلك لان الاقبال يرتفع كلما ارتفع العائد او الكلفة على الوزارة. ومن الملفت ان وزير المالية صرح في المؤتمر الصحفي الخاص بموازنة 2022 قبل عدة ايام ان كلفة هذه السندات منخفضة بالمقارنة مع الدول المجاورة والاقليم والواقع ان الكلفة مرتفعة جدا لأن النجاح يقاس بمعيارين، الاول يتمثل بنسبة التغطية والثاني بالكلفة، فاذا ارتفعت الكلفة (او عائد المستثمر) سترتفع نسبة التغطية. ولذلك يقاس النجاح بحالة واحدة تتمثل بانخفاض الكلفة ولا يهم ان كانت نسبة التغطية 4 او 10 اضعاف، المهم ان تكون كافية.
وعادة ما يتم مقارنة السندات التي تصدر بالدولار بسندات صادرة من دول اخرى وبنفس العملة، وبهذه الحالة يمكن مقارنتها مع سندات الخزينة الامريكية فمثلا يبلغ عائد (الريع الاطفائي) هذه السندات لاجل 10 سنوات 1.4% في حين يبلغ عائد السندات الاردنية لنفس الاجل اكثر من 6% اي اكثر من 4 اضعاف! وبهذا المقياس فان كلفة السندات الاردنية مرتفع جدا ومكلف جدا. ولا بد من الاشارة الى ان السندات الامريكية صادرة عن اقوى اقتصاد في العالم ومن الطبيعي ان يكون عائدها منخفض واقل من السندات الاردنية وبلغة المال فان مخاطر السندات الامريكية اقل من مثيلتها الاردنية وهذا ما يبرر انخفاض عائدها ولا خلاف على ذلك لكن ليس لدرجة ان تكون كلفة السندات الامريكية اقل من ربع كلفة السندات الاردنية، وفي ذلك هدر كبير للمال العام.
ولا بد من التنويه بأن مخاطر السندات الاردنية سواء كانت صادرة بالدينار الاردني او بالدولار منخفصة جدا لما هو معروف عن الحكومة الاردنية انها التزمت تاريخيا بتسديد كافة التزاماتها ولم يسبق لها ان تخلفت عن تسديد اي قرض فكيف نبرر هذا الارتفاع بالكلفة؟ صحيح ان مخاطر السندات الاردنية اعلى من تلك الامريكية ولكن ليس بسبب ارتفاع مخاطر التسديد وانما بسبب ظروف الاقليم المضطربة لكن ذلك لا يبرر بأي حال من الاحوال ان تكون الكلفة 4 اضعاف او اكثر وانا ارى ان على الوزارة ان تعيد النظر بتصريحاتها وان لا تصدر سندات بمثل هذه الكلفة. ولاثبات هذه الحجة، فلقد اصدرت الحكومة الاردنية في منتصف عام 2020 سندات يورو بقيمة 500 مليون دولار بسعر فائدة بلغ بحدود 5% ولاجل 5 سنوات وبقيمة 1250 مليون دولار لاجل 10 سنوات وبسعر فائدة بلغ بحدود 6%. وبنفس الفترة اصدرت شركة الحكمة للادوية سندات يورو بقيمة 500 مليون دولار بسعر فائدة بلغ بحدود 3.25% ولاجل 5 سنوات وكانت بسبة تغطيتها 3 اضعاف ولا ادري كيف يفسر لنا وزير المالية الاصدار الحكومي؟ هل يستطيع القول ان سعر الفائدة منافس! من الواضح ان سعر الفائدة على السندات الحكومية كان مرتفع جدا وهو فشل ضريع ومكلف على خزينة الحكومة والضحيح ان السعر الحكومي كان من المفروض ان يكون اقل من سعر سندات الحكمة (اي اقل من 3.25%) واعلى من سعر السندات الامريكية لاجل 5 سنوات (والبالغ بحدود 1%). اي يجب ان يترواوح ما بين 2%-3%.
من جانب اخر، كيف للوزارة ان تصرح ان الدين لصالح صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي ليس دينا عاما؟ حتى لو كانت كل معايير الدنيا تقول ان هذا الدين لا يدخل ضمن الدين العام، يبقى دين على الحكومة وهو واجب السداد مثله مثل اي دين اخر خاصة وانه يبلغ حوالي 7 مليار دينار. فبهذا التصريح، وكأن الوزير يقول انه دين ولكن ليس واجب التسديد وانا متأكد انه لم يقصد ذلك لكنه يرسل رسالة خاطئة للمتابعين والمراقبين، والدين العام يبلغ 37 مليار دينار وليس 29.4 مليار دينار. في الاردن هناك من يستطيع ان يقرأ ويحلل الارقام وهناك الكثير من الخبرة والمعرفة والعلم وهو امر نعتز كلنا به وندرك ان الوزارة حققت بعض الانجازات وفي طريقها لتحقيق البعض الاخر لكن عليها الانتباه الى الكلف المترتبة على المال العام واعادة النظر باصداراتها المحلية والدولية!

الٓاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف “ المراقب ”

Exit mobile version