زرع فلسطين قد اينع والقطاف لم يعد بعيداً .. وعويل الاذناب على قدر الوجع.
الدكتور روبير بشعلاني | استاذ جامعي وباحث .
يحاول الناهب الدولي عبر ادوات “مفكرة” من ابناء جلدتنا ان يسوق لفكرة ان خصمنا اقوى منا بكثير وانه مهما فعلنا فلن نستطيع ان نكسر الهيمنة الخارجية.
ويحاول هذا الفكر -السلعة ان يقنعنا بنعمة الاستسلام وفشل محاولة التحرر سلفاً.
ولكي يقنعنا يستنتج ان كل محاولات الصد قد انتهت بحروب خاسرة مرفقةً وملفوفة بخطاب مزيف عن نصر مزعوم.
ينسى هذا الفكر-السلعة ان الشعوب تراكم وتتعلم في معاركها وهي تلتقط وميض الأمل قبل هذا الصنف من النخب المستلبة بكثير.
الشعوب تتعلم من خسائرها كما من انتصاراتها وهي تتابع تطور موازين القوى التي تسمح لها بالتحرر.
والشعوب المضطهدة، بعكس “قناعات” هذا الفكر، تغتنم فرصة تراجع عدوها ومأزقه وفرصة تعاظم محور الصعود لكي تخلخل منظومة عدوها وتزيد من ازماته الوجودية.
والشعوب المضطهدة لا تتحرك وفق اجندات فلان او علتان بل وفق التقاطها لهذا الأمل الواقعي الذي يقربها من تحقيق امالها بالتحرر والتقدم وبناء دولتها الكبرى.
لذلك فإن محاولات التركيز على الخسائر في حرب الشعوب هذه وطمس هزيمة الإستراتيجيات العدوة هدفه واضح : زرع اليأس وتوجيه الناس نحو تناقضات ثانوية تعمق الصراع فيما بينها او التركيز على مواضيع بائسة سلفاً ولا تقود الا الى اليأس والاستسلام.
مقياس النصر او الهزيمة في الحرب الامبريالية الحالية ليس في عدد الابنية التي دمرت بل في مدى نجاح المحارب بالاقتراب او لا من تحقيق اهدافه.
ولو لم يكن ذلك صحيحًا لما كان العدو يتخبط اليوم ويعاني ما يعانيه، لما كان العدو يواجه في كل مرة قوة اعظم من كل سابقاتها واكثر كفاحية وعقلانية وتصميما.
مقياس النصر والهزيمة موجود في النتائج التي تلي الحرب وتعمق او لا مشاكل العدو الداخلية وتزيد او لا من القوى التي تواجهه.
مقياس النصر والهزيمة موجود كذلك في قدرة العدو على الردع او الارتداع وليس في قوته التدميرية المعروفة سلفًا.
مقياس النصر او الهزيمة هو اخيرا في “الجو النفسي” الذي يميز النتائج: فعندما تنتشر فكرة “نهاية الرحلة” في صفوف العدو وعندما تعلو الاصوات المنادية بالرحيل من جديد ، عندها لا يمكن القول بأننا ” نحول الهزيمة الى انتصار مزيف”.
معيار النصر والهزيمة له مقاييس عقلية وموضوعية وليس مواضيع انشاء في الصفوف الابتدائية كما يحاول عبثا الفكر الاورومركزي ان يسوق.
فمن يريد تحررا بلا اثمان هو ليس من هذا العالم.هو عبدٌ يستأنس حياة العبودية ويعشق استقرارا موهوماً.وهو مستلب، رأسه بالغرب ولا يعرف ان رجليه في مكان آخر.
بعقلانية وبكل برود وهدوء يمكن القول ان الزرع قد اينع وان القطاف لم يعد بعيداً.
العدو انهزم. نعم لأنه فقد وظائفه ودخل في مرحلة الافول اسوة بمنظومة الناهب الدولي التي دخل راعيها الدولي بمرحلة افول كذلك.
عويل الاذناب على قدر الوجع.