عمر معربوني | باحث لبناني في الشؤون السياسية والعسكرية .
سلامٌ عليكم وسلامٌ لكم .
بداية اود ان انبئكم بأني لا زلت اكّن الود لكم ، وما عرف قلبي تجاهكم الحقد والبغضاء رغم ان كل منّا على ضفة ، وعزائي ان بيننا نهر الحياة .
قبل أن ابدأ بكتابة رسالتي اليكم أود ان اسألكم كما اسأل نفسي دائماً : هل للسياسة ربّ ؟
وجوابي وارجو ان يكون جوابكم مطابقاً لجوابي : نعم ، للسياسة ربّ ، والرَبّ في اللغة هو السيّد مالك الشيء ، وفي لبنان وعلى مساحة الشرق الذي يُطلق عليه البعض لقب الشرق الجميل ، والبعض الآخر ينعته بالشرق اللعين الآف الأرباب ، ولكل ربّ مكتب سياسي ولجنة مركزية وقطيع ، مع اختلاف المسميات بين قطيعٍ وقطيع والنتيجة واحدةٌ ، زمجرةٌ وتهديدٌ ووعيد من الأرباب ، وثغاء مختلفة نغماته وسلّمه الموسيقي للقطعان .
امّا بعد .
تعالوا نتصارح ، تعالوا نضع النقاط على الحروف ، تعالوا نكون موضوعيين لمرّة ولا نتنابذ ونهجر التكاذب ولو لساعة من زمن .
أمّا عنّي فقد وُلدتُ في منزل عشق طلّة جمال عبد الناصر ولحن صوته ، وعشتُ في بيئة كانت تقدّس كوفية الفدائي ، وكانت البوصلة في بيتنا على الدوام .. فلسطين .
هذا عنّي ، امّا عنكم فقد كنتم مثلي وكنت مثلكم ، هتفنا في ريعان الشباب في التظاهرات لتحيا فلسطين وإنّا الى القدس قادمون .
لم يقتصر الأمر على الهتافات فقد حملنا السلاح على أكثر من جبهة واستشهد منا البعض وجُرِح البعض .
صُدمنا معاً عندما حطت طائرة السادات في تل ابيب ، وقاتلنا معاً في خلدة وعلى تخوم بيروت وفي الجبل والبقاع الغربي والجنوب يوم انتهكت دبابات شارون قدسية بيروت .
ذرفنا معاً الدموع يوم غادر أبو عمّار بيروت على متن سفن الأطلسي ، اطلقنا النار في الهواء تحية وعتاب .
وصُدمنا يوم أوسلو ووادي عربة لكنّنا لم نيأس
وللتذكير ، فقط للتذكير ، ولإنعاش الذاكرة لعلّها تنتعش وتنتعشون .
حينها صارت كل الأنظار متجهّةً نحو دمشق درّة بلاد الشام وقلب العروبة النابض ، وأكثر ، جذبتنا رياح الثورة في طهران ووجدنا فيها يومها ملجأً .. العلمانيين منّا والإسلاميين .
ولبثنا على حال المقاومة معاً انا وانتم حتى تحرير عام 2000 .
بعدها بزمن بدأت رياح التحولات فمنّا من آثر الإستمرار في المقاومة لإدراكٍ في دواخله طبيعة الهجمة وتجدد آلياتها ، واستشعر بوعي ان المعركة لم تنتهي بعد وانّ القادم اعظم توحشاً وظلامية وجور .
ومنّا وهم من أخاطبهم آثر الإنكفاء ، والإنكفاء تعبير ملطّف حتى لا استخدم تعبيراً آخر .
وفي حين انّ فلسطين لا تزال تسكنني صار برج خليفة عندكم الكعبة ووجهة الصلاة .
وصار بنو سعود الذين كنّا نُطلق عليهم انا وانتم الرجعية العربية قبلة العروبة والأحرار .
انا لا زلت كما عرفتموني ، فماذا عنكم ؟
انا أيها الأحباء لا اهجي ولا اذّم ، انمّا اذكّر لعل الذكرى تنفع المؤمنين .
الا زلتم مؤمنين ؟
ان كنتم على ايمانكم ، فتوجهوا بقلوبكم نحو القدس واعلنوا التوبة فالله يقبل توبة التائبين .