لم تكُن أجواء الأيام الماضية كافية للجزم بإمكانية حدوث خرق ما في موضوع الحكومة قبل رأس السنة. التأليف رُحّل إلى السنة الجديدة، لا نقاش في ذلِك. فالقوى السياسية أخذت عطلة الأعياد باكراً، وجمّدت حركتها واتصالاتها، رُغم أن الوضع المعيشي ــــ الاقتصادي جعل أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خط الفقر. ذلك لم يدفع بالمنظومة الحاكمة إلى التعامل مع الفترة الراهنة، باعتبارها استثنائية، فهي قد تخلّت عن كل حسّ بالمسؤولية، لكنها لم تُغيّر عاداتها في افتعال تصريحات سياسية تستجلب تصريحات مضادّة، تتقاذف فيها الأطراف تهم التعطيل والفساد والهدر والخيارات الخاطئة. وهو آخر ما يحتاج المواطن اللبناني إلى أن يسمعه، فيما يستعدّ لتوديع سنة تُعدّ من أصعب السنوات، واستقبال أخرى مفتوحة على كل الاحتمالات السيئة.
وقد افتتح رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب التصريح لأكثر من وسيلة إعلامية، تناول خلاله ملفات عدّة: من الدعم الى انفجار المرفأ. ورأى دياب أن اتهامه بالإهمال في حادث انفجار مرفأ بيروت «غير طبيعي». وأعرب في مقابلة مع موقع «بي بي سي» عن أمله ألا يصبح كبش فداء في حادث الانفجار الهائل، قائلاً «أتمنى ألا أكون كبش محرقة».
ورداً على سؤال بشأن اتهامه بتقويض القضاء وعدم احترام سلطة القانون، قال إنه ليس متمرداً على القضاء وإنه أول من استقبل قاضي التحقيق عندما بدأ بتحقيقاته .لكنه رأى «الادعاء أمراً آخر وخاضعاً لأحكام الدستور»، مضيفاً «إذا أراد قاضي التحقيق الادّعاء عليّ، فعليه أن يسلك المسار الدستوري».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دياب قوله إن «تقرير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي قدّر كمية نيترات الأمونيوم التي انفجرت داخل المرفأ بـ 500 طن»، متسائلاً «أين ذهبت 2200 طن المتبقية»؟
ورأى دياب أنّ إغلاق المطار بسبب انتشار فيروس كورونا مسألة غير ضرورية في هذه المرحلة، موضحاً أنّ «الاتجاه إلى الإقفال العام يتقرر الأسبوع المقبل بعد تقييم اللجنة التقنية إذا كان هناك حاجة إليه».
ونبّه دياب إلى «أنّنا تأخّرنا كثيراً بالحل»، غير أنّه أشار إلى أنّه «لن يدعو الى جلسات لمجلس الوزراء لأن هذا مخالف للدستور»، معرباً عن رفضه لإلغاء دعم السلع الحيوية، وهو ما يجب أن يتوجّه فقط إلى المحتاجين. وكشف دياب أنّ حاكم مصرف لبنان لم يعطه الأرقام الحقيقية بهذا الشأن، معرباً عن اعتقاده بإمكانية الصمود 6 أشهر.
على جبهات أخرى، اشتعلت حرب كلامية بين تيار المستقبل من جهة، والحزب الاشتراكي من جهة أخرى، كما بين «القوات» و«المردة». فتعليقاً على كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول أخطاء الرئيس سعد الحريري بفرض أسماء على رئيس الجمهورية واعتباره أحد المعطّلين للتشكيل، قال نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش «لا أدري أين تذهب مروحة جنبلاط، إذ يتحدّث حيناً يميناً، ثمّ يعود ليتحدّث شمالاً. فليقل لنا ما قصده بذلك، وليخفّف غلبته شوي». وسرعان ما جاء الردّ على لسان عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبد الله في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي قال «لن نساجلك في هذه الظروف، لأن فشلك واضح في تقمّص دور منظّر التيار».
بينما ردّ النائب طوني فرنجية على الكلام الأخير لرئيس حزب القوات سمير جعجع عبر تويتر وقال: «قد يكون من الحكمة أن يتحفّظ من وقَّع على اتفاقية معراب عن لغة الانتقاد وأن يُراجع أخطاءه، فلسنا نحن من أعلنّا وفي ذكرى شهدائنا أن «الحل هو بوصول عون الى سدة الرئاسة. صحيح اللي استحوا كورنوا». وكان جعجع قد قال في حديث إلى قناة «أم تي في» إنّ «استقالة الرئيس عون وحدها لا تفيد بشيء الآن. المفيد هو الذهاب إلى جوهر المشكلة، وتغيير الأكثريّة النيابيّة من خلال انتخابات نيابيّة مبكرة»، مركّزاً على أنّ «الأكثريّة الحاليّة لن تدع الحكومة العتيدة تعمل كما يجب». ورأى أنّ «رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لم يتمكّن من التشكيل لأنّه يريد حكومة اختصاصيّين، لكن يبدو ألّا حلّ فالأكثريّة تفكّر بأمور مختلفة».