كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
في الوقت الذي تغلق ابواب سوريا امام حركة «حماس» فانها تفتح امام وفد من حركة «فتح» زارها مؤخرا برئاسة امين سر اللجنة المركزية جبريل الرجوب بعد انقطاع لسنوات، وهي اتت بعد تحسن العلاقات العربية مع دمشق، وعودة انظمة عربية اليها وفتح سفاراتها، وزيارة مسؤولين لها من دبلوماسيين وامنيين ومن ابرزها دولة الامارات العربية المتحدة التي زارها وزير الخارجية عبدالله بن زايد آل نهيان، ودعيت سوريا الى مؤتمرات ومنها مؤتمر وزراء السياحة العرب في السعودية، حيث تتركز الجهود لدى بعض المراجع الرسمية العربية على دعوة الرئيس السوري الى حضور القمة العربية التي ستعقد في الجزائر في آذار المقبل حيث تتصل القيادة الجزائرية بقادة دول عربية بشأن دعوة الرئيس الاسد الذي تراجع التحفظ عنه، وسقطت محاولة تنحيته عن منصبه، بعد ان صمد في موقعه وحافظ على وحدة الدولة السورية ومؤسساتها بدعم من حلفاء في مقدمهم روسيا وايران وحزب الله. لذلك جاءت زيارة وفد «فتح – اللجنة المركزية» مع تبدل الوضع في سوريا لصالح قيادتها التي لم تكن على علاقة ايجابية مع هذا التنظيم الفلسطيني، الذي انفرد بقراراته منذ زمن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات الذي افترق عن سوريا منذ اتفاق اوسلو في العام 1993 ، وعارضته منظمات فلسطينية احتضنتها دمشق ومنها حركة «حماس» التي بدأت تظهر منذ ثمانينات القرن الماضي، اذ تؤكد مصادر فلسطينية على ان «فتح» ومع اندلاع الازمة السورية لم تكن بريئة من افتعال بعض الاحداث دعما لما سمي «الثورة السورية»، لكنها لم تنخرط كما «حماس» في اسقاط مخيم اليرموك وغيره من مخيمات واحياء، وهي على تماس مع الوجود الفلسطيني، اذ وللمفارقة فان «فتح – المركزية» اقامت مهرجانا لانطلاق الثورة الفلسطينية في مخيم اليرموك بما يشبه الرسالة السورية لحركة «حماس» بانها غير مرغوبة في سوريا، لان ما ارتكبته بحق الشعب السوري لن يمر دون حساب. فاقامة احتفال «فتح» في اليرموك ، وهو يسمى عاصمة الشتات الفلسطيني في سوريا، اعاد العلاقة مع التنظيم الذي لم تعلق نهائيا ملف التمايز معه بشأن حل المسألة الفلسطينية والصراع مع العدو الاسرائيلي تقول المصادر، التي ترى بأن العودة النهائية لفتح ومنظمة التحرير مرتبط بما ستنتهجه السلطة الفلسطينية التي للقيادة السورية ملاحظات على سلوكها، وانها رحبت بزيارة رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) لسوريا، والتي جرى تحديد موعد لها اكثر من مرة، لكنها لم تحصل، لانه كان بحاجة الى رضى بعض الانظمة العربية، لكن هذه المرة نقل الرجوب رسالة من عباس الى الرئيس الاسد عبر وزير الخارجية السورية. ووضعت حركة «فتح» زيارة الرجوب في اطار الانفتاح على سوريا، ولكن لها علاقة ايضا بترتيب البيت الفلسطيني والدعوة الى انعقاد المجلس المركزي الذي يضم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فالتقى قادة هذه الفصائل في دمشق وبحث معهم في موضوع الدعوة للمجلس، ولكنه لم يلق التجاوب الكامل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة ابو احمد فؤاد ولا من الجبهة الشعبية – القيادة العامة برئاسة طلال ناجي، اللذين لهما ملاحظات على اداء السلطة، لا سيما اللقاءات التي عقدها رئيسها محمود عباس مع مسؤولين «اسرائيليين»، وآخرها مع وزير الدفاع بيني غانتس والتنسيق الامني بين الطرفين. واستكمل الرجوب مهمته الفلسطينية في لبنان الذي لم تكن مقررة رسميا، وهو اجتمع مع امين عام «حركة الجهاد الاسلامي» زياد نخالة للبحث معه دون غيره من «تحالف القوى الفلسطينية» في موضوع انعقاد المجلس المركزي، وكذلك مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهي عضو في منظمة التحرير، بحيث لم تخرج لقاءاته عن الاطار الفلسطيني الداخلي دون ان يلتقي حركة «حماس» التي لم تنجح محاولات لمّ الشمل بينهما، اذ الخلاف عميق بين الطرفين حول مسائل عدة داخلية لها علاقة بتكوين السلطة وبادارة المناطق المحررة من الاحتلال الاسرائيلي او تحت سيطرة السلطة. اما زيارة المسؤول الفلسطيني لبنانيا، فهي لم تكن مقررة لبيروت، لكن فرضت ظروف فصائل فلسطينية موجودة في لبنان من حصول الزيارة التي قرر الرجوب ان تشمل مسؤولين لبنانيين، فتم ترتيب البرنامج بين سفارة فلسطين ووزراة الخارجية، فالتقى الرجوب الرؤساء الثلاثة وقادة عسكريين وامنيين، ناقلا تحيات القيادة الفلسطينية للبنان وشعبه على الاستضافة التي تعود الى عقود، والتي تؤكد الشرعية الفلسطينية بانها مع الدولة في لبنان، اذ تؤكد مصادر في حركة «فتح» ان الرجوب خرج مرتاحا من لقاءاته الناجحة والتي اتسمت بالصراحة والتأكيد على احترام الدولة وعدم المس بأمن لبنان واستقراره.
الديار