غالب قنديل | رئيس مركز الشرق الجديد
بخطوة عملية في الاقتصاد هذه المرة، استطاع السيد نصرالله أن يطلق سلسلة تداعيات مستمرة، ما زالت مفتوحة على المزيد وحرّك مباريات دولية إقليمية في المبادرة لإسعاف لبنان بإشارة إصبعه لانطلاق البواخر القادمة عبر البحار، محملة بالفيول والمشتقات النفطية لجميع اللبنانيين بلا تفريق أو تمييز بين المناطق أو الطوائف والمذاهب، مكرسا مكانة وهيبة في الحياة الوطنية فوق الجهات والعصبيات، وأقوى من التحريض، خارقة وكاسرة للسدود الافتراضية، التي تمزّق الشعب.
أولا: سنشهد في الفترة القريبة القادمة تتابع النتائج العملية لمبادرات سيد المقاومة، وحصيلتها كسر الحصار. ووفقا لقانون تحويل التهديد إلى فرصة، تخطّت أصداء وتفاعلات الحدث حدود احتواء ومعالجة مشكلة المحروقات الطارئة، التي فرضها الخنق الاقتصادي الأميركي، بتحريك البواخر، ونقل حمولتها عبر قوافل الصهاريج من سورية. فشقّت العملية مسارات جديدة لشراكات وعلاقات اقتصادية مجزية ومربحة بين لبنان وسورية وإيران والشرق البعيد والقريب، وأتاحت التحرّر من الحظر الأميركي والغربي في فروع عديدة ومهمة من النشاط الاقتصادي، كما علّقت المباراة الدولية المفتوحة في التسابق إلى تقديم العروض الميسرة والمجزية. وستكون الحصيلة التراكمية لذلك كلّه كسر الطوق وإخراج لبنان من حالة اختناق لئيم، والمسارات التي فتحت يستحيل سدّها او حظرها، لأنها محصّنة بشبكة مصالح، ستولّد المزيد من التفاعلات والحوافز السياسية.
ثانيا: النجاح الجليّ لمبادرة نصرالله أخرس الأبواق الخبيثة المصابة بالطاعون والسفلس، التي يحرّكها الأجنبي ضد حزب الله، وهي تواصل النقيق والنعيق والفحيح، من غير أن تبدّل شيئا في مسار الأحداث ومجراها، لأن اللبنانيين سئموا من طوابير التنغيص والتبخيس، التي تثير اللعيان والاشمئزاز. ويبدو أركانها ومنابرها في زمن ضيق كارثي محبطين خائبين، بينما الناس يتلهّفون إلى أي خطوة إيجابية، تبشّر بفرج قريب، مهما كان بسيطا، ويتلقّفون بالترحيب والترقّب كلّ بادرة بناءة، فلا يعطون بالا لأي ثرثرة أو دسّ رخيص أو فحيح، وهذا ما يثير الغيظ والخيبة في طوابير العمالة وأبواقها ومنابرها المفجوعة بما يجري، وهيمن عليها عصاب، تعبّر عنه هستيريا الشتم والردح وهذيان التبخيس. وقد حضّرها الأميركي أصلا، لتنظيم حملات شماتة وتحريض، باستغلال أجواء الضائقة والاختناق الاقتصادي المالي الناتجة عن الحصار، ولتروّج لفكرة الرضوخ والركوع لمشيئة السيد الأميركي واملاءاته السياسية، فخابوا جميعا بضربة واحدة.
ثالثا: تتكرّس المقاومة بوصفها طليعة مبادرة في طريق إعادة البناء الوطني، وهي تقدّم رصيد مصداقيتها وتحالفاتها كقيمة لبنانية مضافة قابلة للتسييل في تفعيل الإحياء الاقتصادي العام بعد الكارثة، وبما يفعّل مسار الانتقال من احتواء الانهيار إلى تلمّس مسارات نهوض اقتصادي شامل وواعد. ويقدّم القائد نصر الله برهانا تطبيقيا على كيفية تحويل التهديد إلى فرصة، عبر ادارة قيادية متقنة ودقيقة لملف الشراكة مع إيران وسورية، تماما كما فعل في المستوى العسكري من قبل وفي زمن الكارثة، شرعت تتبلور مجالات تحوّل في البنى الاقتصادية لصالح الانتاج والتنمية وفرص العمل، بصورة تطال سائر المناطق وجميع اللبنانيين دون استثناء، ولن يطول انتظار بدايات الحصاد القادم حكما.
كلمة أخيرة، يُفترض بالحكومة الجديدة وضع جدول أعمال استثنائي، لتنشيط الاقتصاد، وتوسيع الشراكات إلى أبعد الحدود المتاحة، ومضاعفة الفرص والموارد، لتخطّي حالة الشحّ والاختناق المالي.