رضوان مرتضى | كاتب واعلامي لبناني
الاحتكار في زمن الجوع جُنحة في القانون اللبناني! الاحتكار الذي يتسبب بارتفاع الأسعار ويُهدد حياة الناس ويتسبب بإذلالهم عقوبته مخففة لا تتجاوز السجن لأشهر قليلة، في حال قرر القاضي التشدد في الحكم. ورغم ذلك، لم يُحرك المجلس النيابي ساكناً لتعديل قوانين تحمي المتلاعبين بالأمن الاجتماعي
القانون لا يجيز توقيف المحتكرين احتياطياً لأن الجريمة هي مجرّد جنحة!
غير أنه مع توقيف الصقر على ذمة التحقيق، تبيّن أن القانون اللبناني يعتبر جرم الاحتكار جنحة، وهي من أخفّ الجرائم عقوبة. بالتالي القانون يحمي المحتكر بعقوبة مخففة لكونها جُنَح لا تُوجِب التوقيف. فالعقوبة لا تجيز التوقيف الاحتياطي إذا أراد القاضي تطبيق النص على حرفيته إذا كانت العقوبة لا تتجاوز السجن لسنة واحدة. خلاصة الأمر أن النصوص القانونية، التي لم يجتمع مجلس النواب لتعديلها رغم حدة الأزمة، لا تجيز توقيف أي محتكر للبنزين، مع أنّ الجرم في هذا الظرف الحسّاس يُفترض أن يكون جناية.
وهذه المواد يجب أن تشدّد وتعدل في مجلس النواب لتُصبح جريمة الاحتكار جناية، لأنها جرائم تمس بالأمن الاجتماعي، ما يوجب وجود تدابير زجرية قاسية لردع المحتكرين.
والقانون يميز بين الاحتكار الذي يرمي إلى التلاعب بالأسعار في السوق والذي يرمي إلى تحقيق أرباح، لكنه لا يلحظ حجم الأذى الناجم عن الاحتكار ليعتبر الجرم من نوع الجنحة. فعلى سبيل المثال، إذا حجز المحتكر البضاعة عنده ليتأثر سعر السوق، أي أنه لا يقوم ببيع بضاعته على السعر المنخفض بانتظار غلائها، فتكون عقوبة هذا الجرم تبعاً لقانون الاحتكار (جنحة لا توجِب التوقيف). أما المادة 685 من قانون العقوبات فتنطبق على المحتكر عندما يكون قادراً على التأثير في سعر السوق عبر ضبط البضاعة للتلاعب بالعرض والطلب. هذه المادة تتراوح العقوبة فيها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة مالية. وقد حددت المادة 43 من المرسوم الاشتراعي رقم 37/38 عقوبة جرائم الاحتكار بالغرامة من عشرة ملايين إلى مئة مليون ليرة، وبالسجن من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وعند التكرار تضاعف العقوبة.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد توقيف صقر، سارعت «القوات» اللبنانية أمس، بعدَ انفضاح أحد رجال الأعمال الممولين لها إلى إصدار بيان تتبرأ فيه من الرجل، فقالت: «إذا صحّ ما يُذكَر في بعض وسائل الإعلام عن تاجر من هنا أو صاحب محطّة من هناك ينتمون للقوات واكتشفت لديهم مخازن من المحروقات فهذا شأنهم وشأن القوى الأمنيّة والقضائيّة المعنيّة ولا علاقة للقوات بهم». وأضاف البيان: «تتحدّى القوات أياً من الأقلام، أو وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي، في إثبات واقعة واحدة لتدخلها مع أيّ من الأجهزة الأمنيّة لتغطية أي كان».
الأخبار