خريطة ميقاتي لإذلال لبنان

علي خيرالله شريف | كاتب وباحث

الرئيس نجيب ميقاتي يدعو الوزير جورج قرداحي إلى تحكيم ضميره؛ وتحكيمُ الضمير بالنسبة لميقاتي يكون في استقالة الوزير والانصياع لِنَزوَةِ السفير والأمير. ويقول رئيس الحكومة اللبنانية أنه قد وضع خريطة طريق لحل ما يسميها الأزمة مع المملكة السعودية، عبر إقناع الوزير قرداحي بالاستقالة، أو عبر إقالته عن طريق مجلس الوزراء أو ربما مجلس النواب. وفي حال فشلت مساعيه لتلك الاستقالة، يهدد ميقاتي بالاستقالة وفرط الحكومة… يا لعظمةِ رئيس حكومتنا وهو يرتَعِدُ رعباً من “جِلَّابِيَّةِ” ذلك السفير البدوي.
يتكلم رئيس الحكومة عن خريطة طريق لإقالة الوزير قرداحي، ولكنه لم يتكلم قط عن خريطة طريق لإنقاذ شعبه من الفقر والفاقة والحصار، ولحفظ كرامة لبنان من الإهانة. ويصِفُ ما يُقال لدعم موقف الوزير قرداحي، بالشعارات الشعبوية…
نعم للأسف هو يرى الدفاع عن كرامة لبنان “شعبوية”.
إن الشعبوية يا دولة الرئيس هي في دعوتِكَ لاستقالة الوزير جورج قرداحي أو إقالته، وليست في رفض الوزير للاستقالة ولا في الحراك المؤيد له. وإنَّ تحكيم الضمير يكون في أن تعلم أنت أن تصريح الوزير قرداحي ليس سبب معاداة السعودية للبنان وعدوانها عليه، وأنَّ مصلحة لبنان ليست في أن يركع الوزير وتركع الحكومة وينبطح الوطن ويستسلم الشعب لِذَبَّاحيه؟
غريبٌ أمرُ هذا الرئيس، لسنا ندري هل هو يعمل عند الشعب اللبناني أم عند أمراء الخليج؛ إذ لم نرَهُ يحوص ويلوص ويقوم بجولاته المكوكية بين الشرق والغرب، لتخفيف المعاناة عن شعبه، بل نراه يفعل كل ذلك وأكثر، لنصرة رعونة السعودية وعدوانها غير الـمُبَرَّر على لبنان، ويستميتُ لرؤية البخاري يفتح خيمته البدوية مُجدداً في وسط بيروت، يستقبل فيها الزاحفين واللاهثين، يرتدون أفخر ثيابهم، ويُطَوِّقون أعناقَهم بأطول ربطاتِ العُنُقِ وأَمتَنِهَا واكثرِها طواعية للانقيادِ وتنفيذ التعليمات؟ كما رأيناهم أول مرة ينحنون أمام “ابو الدشداشة” بينما كان هو يتسلى بأصابع رجليه.
عن أي مصلحة وطنية تتكلم أيها “النجيب”؟
وكأنك بكلامك هذا قد تم تكليفُك برئاسة الحكومة، ليس من أجل الشعب اللبناني وإنقاذ لبنان، بل من أجل نزوات السعوديين وأسيادِهم وأمرائهم ومشايخهم المتربعين على ثرواتٍ فاحشة، ولتنفيذ أجنداتٍ متنوعة مناقضة لمصلحة لبنان تُذَكِّرُنا بتاريخك المأزوم.
للأسف نراكَ تدعو إلى استقالة الوزير الذي نطق بما تريده الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني. وهذه الأكثرية تعلم أن رحيل الخليجيين من لبنان هو فاتحةُ خيرٍ لعودة الأمن والأمان إلى ربوعه. وتعلم أيضاً أن الأموال التي يُنفِقُها الخليجيون في لبنان، ليست سوى أموال حرام، تأتي من النفط المسروق من الجزيرة العربية، وتصبُّ في جوارير بارات لبنان وفي جيوبِ بائعات الهوى، وتجار الذِّمَم، وسماسرة الأعمال المشبوهة، ولا تنفعُ الشعب بشيء.
بصراحة يا دولة الرئيس إن الشعب اللبناني لا يثق بك، ولا بحلولك وخرائط طريقك، ولا بمساعيك التي لم تَصُبَّ يوماً في مصلحة لبنان، كما يحدثنا عنها تاريخُك. وبالمقابل، الشعبُ بأكثريته يثق بالوزير قرداحي، ويعلمُ أنه لا يتمسك بمنصب وزير، بل هو أكبر من المناصب، وما رفضُهُ للاستقالة، إلا تَمَسُّكٌ بكرامةِ لبنان التي تسعى جهدك أنت إلى هدرها على عتبة أمراء الحقد والكراهية والانتقام الأحمق والأرعن من الشعب ومن مق_او_م_ته. وبالتالي إن الشعب اللبناني يطلب من الوزير قرداحي عدم الاستقالة، ولتذهب مملكة الغدر إلى الجحيم. إن كل مطالبة باستقالة الوزير الشريف جورج قرداحي، هي مطالبة بإذلال لبنان.
فما بالكم، نرفعكم وأنتم تصرون على النزول تحت عتبة السيادة والكرامة الوطنية؟

Exit mobile version