يعتبر حي الشيخ جرّاح من أهم الأحياء السكنية الفلسطينية في مدينة القدس، فهو من أهم مداخل القدس الشمالية ولذلك كان هدفًا للمستوطنين بشكل دائم وسط دعمٍ كامل لهذه الأطماع من المستويات السياسية “الإسرائيلية” بكافة توجهاتها.
الحي الذي أنشئ بالقدس المحتلة عام 1956 بموجب اتفاقية وقّعت بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والحكومة الأردنية، يقطنه 28 عائلة فلسطينية هُجرت من أراضيها المحتلة عام 1948، ويسكن الحي اليوم حوالي 600 فلسطيني، واليوم يعاني الحي من تمدد أطماع المستوطنين وانتشار البؤر الاستيطانية وكاميرات المراقبة، مما يضع السكان فيما يشبه السجن، ولاسيما في المناسبات والأعياد اليهودية.
*رمزية حي الشيخ جرّاح*
للحي مكانةٌ رمزية إسلامية ووطنية؛ إذ أن الحي سُمي على اسم طبيب صلاح الدين الأيوبي، كما وسكن هذا الحي سابقًا مفتي القدس الحاج أمين الحسيني، وهذا الحي أيضًا هو من أحياء شرقي القدس؛ وهناك توجه “إسرائيلي” لزيادة عدد المستوطنين في منطقة القدس.
ونحن نلاحظ أن القدس هي من المدن التي يصل تعداد سكانها ما بين المسلمين والمسيحيين واليهود قرابة المليون، وعدد الفلسطينيين فيها قرابة 400 ألف نسمة أي بنسبة 40% من سكان المحافظة، حيث يسكن منطقة القدس الشرقية قرابة 100 ألف مسيحي والباقي مسلمين والأقلية الأخرى.
من جانبٍ آخر يضم حي الشيخ جراح اليوم مقار العديد من البعثات الدبلوماسية ومعالم معروفة مثل بيت الشرق وفندق الأمريكان كولوني والمسرح الوطني الفلسطيني.
*سياسات الاحتلال الاستيطانية*
نظرًا لتمتع الحي بموقعٍ استراتيجي بذلت جماعات المستوطنين “الإسرائيليين” جهودًا حثيثة في السنوات الأخيرة من أجل السيطرة على الأراضي والممتلكات لإقامة مستوطنات جديدة في حي الشيخ جراح، ونتيجة لذلك فقد أكثر من 60 فلسطيني بيوتهم ولا يزال هناك 500 آخرون مهددين بالطرد بالقوة، ونزع الملكية والتهجير في المستقبل القريب.
محللون سياسيون أكدوا أن خلال تصريحات صحفية أن التوجه “الإسرائيلي” نحو السيطرة على حي الشيخ جراح لصالح جمعيات استيطانية تأتي في سياق سياسات تفريغ المحافظة من الفلسطينيين أو إخراجهم خارج الجدار ضمن المرحلة الأولى، ويأتي ذلك ضمن صمت عربي ودعمٍ أمريكي وعجز السلطة الفلسطينية.
ومنذ عام 1967 ركزت سياسات الاحتلال على استراتيجيتين مركزيتين، تتمثل الأولى في تعزيز وجود أغلبية يهودية في المدينة عن طريق إنشاء مستوطنات “لليهود فقط”، فيما سعت الثانية إلى تحقيق نفس الهدف عن طريق الحد من النمو السكاني الفلسطيني وتقليص أعدادهم باستخدام سياسات ممنهجة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين بالقوة من مدينة القدس أو إعاقة تنمية وتطوير المجتمع الفلسطيني.
يُشير المحلل السياسي هاني أبو السباع أن الحكومة الصهيونية والجمعيات الاستيطانية تقوم بالادعاء أن هذه الأملاك تعود لها، إذ أنها تُطبّق قانون أملاك الغائبين، فكل عقار أو حصة في عقار كان يملكها فلسطيني لم يكن متواجدًا ابان الاحتلال عام 1967 يتم مصادرتها لصالح جمعيات “إسرائيلية”، هذا هو القانون الذي تستند إليه ما يسمى بدائرة الاجراء التي تقوم بتبليغ الفلسطينيين بضرورة إخلاء مساكنهم.
وبحسب عضو لجنة الحي ناصر الغاوي، يخطط الاحتلال لبناء مستوطنة على أنقاض “الشيخ جراح” تضم 250 وحدة سكنية، ويستند في هجمته ضد الأهالي إلى مزاعم أن الورقة التي تضمنتها الاتفاقية الموقَّعة بين سكان الحي و”أونروا” لم تكن موسومة بشعار الوكالة حتى لا تتحمل أعباء فيما بعد، ما جعل الجمعيات الاستيطانية تتخذ هذه المسألة ذريعة ليكون لها موطئ قدم في الحي.
*أهداف الاحتلال من تهجير سكان حي الشيخ جرّاح*
1- ترحيل عدد كبير من المقدسيّين خارج البلدة القديمة.
2- محو الهويّة العربية والإسلاميّة لمدينة القدس واستبدالها بيهوديّة.
3- عزل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية الفلسطينية بالقدس.
4- تحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس، كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال، وكتلة E1الاستيطانيّة في الشرق، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب.
*مطالبات بوقف المشروع الاستيطاني*
أكدت المملكة الأردنية وسلطاتها المختصة، أنها ما زالت تقدم كل عون مستطاع في متابعة قضية حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
من جهة أخرى طالبت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، المنظمات والهيئات الأممية والدولية والمؤسسات الحقوقية ذات الشأن، وجامعة الدول العربية، بالتدخل الفوري العاجل للضغط على سلطات الاحتلال لإيقاف المجزرة التي تنوي ارتكابها بحق أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
وحذّر الأمين العام للهيئة حنا عيسى من خطورة هذه الخطوة الإسرائيلية التي تستهدف أكثر من 600 فلسطيني، داعيًا إلى الإسراع في هذا التدخل القانوني الإنساني، لاسيما في ظل العديد من القرارات التي تصدر تباعًا عن محاكم إسرائيلية بإخلاء عشرات الفلسطينيين من منازلهم بالشيخ جراح وسلوان.