د.عمران زهوي | كاتب وباحث سياسي
ما تشهده اليوم فلسطين هو تغيّر نوعي في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الصهاينة. بدأت الشرارة التي قسمت ظهر البعير من حي الشيخ جراح الذي يقطنه 7000 فلسطيني منذ النكبه، وحاول الكيان الغاصب إخراجهم بذريعة انهم لا يملكون مستندات تعطيهم الحق في السكن به، وتزامناً بدأت الأصوات الرافضة والتحرك الشعبي المنتفض والرافض.
في القضاء ادّعت الجمعية الإسرائيلية «نحلات شمعون»، ملكيتها للحي، فهي قامت بتزوير مستندات ونجحت عن طريق الغش والتزوير في نقل الملكية من أصحابها الفلسطينيين الأصليين إليها، وبالتالي نقلتها إلى العائلات اليهودية التي استولى بعضها على عدد من البيوت.
وآخرها محاولة طرد ٤ عائلات من الحي لصالح الجمعيه وطلب محامي العائلات (حسني أبو حسين) تفسيراً من المستشار القانوني للدولة ليقدّم تبريرا قانونيا لما يحدث ولكن المستشار استمهل اسبوعين لدراسة الموضوع هذا في الظاهر، ولكن ما كان مخفياً ان تقرير أمني سري قدّم الى المحكمة مفاده ان التحركات والأصوات المنددة عربياً ودوليا ممكن أن تفضح كل شي أمام المجتمع الداخلي والدولي، فالأفضل تأجيل الموضوع. ليتبيّن لاحقا ان المستشار القضائي للحكومة قدّم بنفسه هذا التقرير للأجهزة الأمنية الذي وقّع عليه رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، بعد أن صادق عليه جميع المسؤولين الأمنين الإسرائيليين من مختلف الأجهزة الأمنية.
بالعوده الى الحقائق بيّنت المستندات التي حصلوا عليها من الأرشيف العثماني ثم الأردني تؤكد ملكية الحي لعائلة حجازي المعروفة أيضاً بعائلة «السعدي»، التي كانت تسكن في حي السعدية في القدس. ولان عائلات الشيخ جراح حصلت على حقوق استئجار لأجيال من الحكومة الأردنية التي كانت في ذلك الوقت، حسب القانون الأردني، هي مالكة الأرض والموكلة بإعطاء الملكية عليها؟ يجري الحديث عن بيوت تم بناؤها منذ سنوات طويلة، وُلد فيها جيلان وكونا حياتهما ومجتمعهما».والقانون الدولي فيما يتعلق بحقوق الانسان يكفل للفلسطيني حق البقاء في الحي.
ونشير الى انه إذا سقط حي الشيخ جراح ستسقط القدس لما له من أهميه جغرافية.
ومع احتدام المواجهات في القدس بالتزامن مع إنطلاق المسيرة السنوية للاحتفال بالاستيلاء على القدس قرر بنيامين نتنياهو وخلافاً لموقف القائد العام للشرطة الإسرائيلية، كوبي شبتاي، ووزير الأمن الداخلي أوحانا، منع «مسيرة الأعلام» من السير في المنطقة المحاذية للمسجد الأقصى، وتحديداً «باب العمود». وجاء قرار نتنياهو في أعقاب توصيات قدمها «الشاباك» وقادة الجيش الإسرائيلي، الذين اعتبروا وصول المسيرة إلى ما أسموها «المنطقة المشتعلة»، من شأنه إحداث مواجهات، وسيكون من الصعب السيطرة على الوضع.
وللمرة الأولى منذ أكثر من 30 سنة لم تمر هذه المسيرة من أمام «باب العمود» في القدس الشرقية، وهو أمر اعتبرته حركة «الجهاد الإسلامي» انتصاراً للمقدسيين، فيما حذرت «حماس» من بقاء عناصر الشرطة بعد السادسة، ونفّذت تحذيرها بإطلاق أكثر من 30 صاروخاً حتى السابعة.
بدأت حكاية العشق لتحرير الأرض بألحان جديدة من بدر 3 وعياش والمسيرات كشهاب وغيرها ليجد الكيان نفسه أمام مأزق كبير أقل النتائج منه هو إرساء قواعد اشتباك وتوازن ردع جديدة، وفقد الصهيوني الثقة بحكومته التي لم تستطع أن تحميه وبات أكثر من 70% منهم بالملاجئ، والكلفة المادية باهظه وصلت الى مليار دولار خلال يومين. فإذا واصلت الفصائل المقاومة على هذه الوتيرة وبقي الصدام في القدس ومناطق 48 والضفة فلن يبقى مستوطن لن يراوده حلم العودة الى الدول التي أتى منها نتيجة الرعب مما ينتظره وسيندم الصهاينة، لانه حتى في حال توسعت دائرة الحرب فالمواجهة الكبرى بين المحور المقاوم وبين الكيان وداعميه ستكون معركة وجود ولن تبقى معركة توازن ردع أو تسجيل نقاط. وختاماً صدق الله العظيم عندما قال «انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا».
النصر لاخوتنا في فلسطين بحق رب العالمين.