حكومة ميقاتي ستفاقم أزمات لبنان
علي خيرالله شريف | كاتب لبناني
عندما تتصفح المقالات والتحليلات والتقييمات لأداء حكومة ميقاتي، تظن أن الفرج قد صار على الأبواب وأن هذه الحكومة ستأتي بالمن والسلوى للبنان، وستحل كل مشاكله وأزماته. كذلك الأمر في تقييم بعض الكُتَّاب لزيارة ميقاتي لفرنسا وبريطانيا.
أما في حقيقة الأمر إن دققنا في مواضيع البحث أثناء الزيارات الميقاتية، وفي تصريحات المعنيين بها، فإننا نسمع ونقرأ كلاماً لا يبشر بالخير؛ فمثلاً يتحدثوت عن ضرورة المباشرة بالإصلاحات كشرط أساسي لتأمين الدعم الدولي للبنان، ويتحدثون عن دعم دولي وعن قروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حتى البطاقة التمويلية يتحدثون عن تمويلها من قروض البنك الدولي.
أما الإصلاحات التي يتكلمون عنها فهي ليست مكافحة الفساد، ولو كانت كذلك لكافحوا قبل كل شيء وصول ميقاتي وأمثاله إلى الحكم ولدعموا مساعي حكومة د. حسان دياب الإصلاحية المشهود لها. بل إن الإصلاحات التي يريدونها هي عبارة عن إجراءات خطيرة أهمها رفع أي دعم حكومي للمواطنين، وزيادة الضرائب، وخصخصة القطاع العام وبيعه للقطاع الخاص الخارجي والداخلي؛ ومن يقول خارجي يقول بنوك مشبوهة ومتصلة بمافيات العدو. وكل ذلك سيؤدي إلى زيادة فاحشة في الأسعار وإلى ربط سعر الليرة أكثر بمزاجية صندوق النقد الدولي والانصياع للبنك الدولي. ويتحدث البعض عن استقرار سعر عشرة آلاف ليرة للدولار، ولكن ذلك سيبقى تحت طائلة إعادة رفعه عندما يشاؤون.
أما سياسة الدعم الدولي التي يطير نجيب ميقاتي فرحاً بها، فهذا الدعم هو عبارة عن زيادة الديون وزيادة ربط رقبة لبنان بنير الجهات الدولية المشبوهة ومعروفة الانتماء والغايات. كما أن هذا الدعم الدولي هو إمعان في ثني لبنان عن استخراج ثرواته وتحويل اقتصاده إلى اقتصاد منتج، وبالتالي منعه من الاعتماد على نفسه بأي شيء، بل الاتكال الكلي على الجهات الدولية التي تريد توجيهه نحو أجندتها المعروفة.
حتى البطاقة التمويلية التي يتحدثون عنها، فهي علاوة على أنها باتت بعد عصرها أصغر بكثير من الحجم الذي يعطونها إياه، فهم يريدون تحويلها إلى عبء على الخزينة ما يزيد حاجة لبنان للاقتراض، ويريدون بها تحويل الشعب اللبناني إلى شعب يتكل سوادُه الأعظم على المساعدات المالية تماماً كما يحصل في قضية رواتب أهالي غزة التي يستعملونها لتضييق الخناق عليها كلما حاولت التمرد عليهم.
إذن فليُهَدئ المتفائلون من مبالغتهم في التفاؤل، وليعلموا أن حكومة ميقاتي، إن استطاعت المضي في النهج الذي تسير فيه، فإنها ستجلب المصائب على لبنان وستزيد من فقره ومن سيطرة الغرب عليه، ومن رضوخه لشروط ذلك الغرب التي أقلها التطبيع الإلزامي مع العدو، بل الخضوع التام له.
وهذا النهج الميقاتي يختلف كثيراً عن نهج حكومة الرئيس حسان دياب، التي كانت تسعى إلى بناء اقتصاد حقيقي للبنان، يتكل به على نفسه ويؤسس للنمو والازدهار المستقبلي الحقيقي والتدريجي. وبسبب ذلك حاربه الغرب والخليج وأقفلوا أبوابهم بوجهه، بينما فتحوها أمام ميقاتي الذي ينفذ كل شروطهم ويحقق مآربهم.