كتب ميشال ابو نجم | خلفيات الإهتزاز الأمني على وقع الضغوط “الزلزالية”: قساوة قبل “الترتيبات” إقليمياً والخطة “ب” رئاسياً!

ميشال ابو نجم | كاتب وباحث سياسي لبناني

كلّ عوامل تحريك الوضع الأمني متوافرة. انهيار ووضع معيشي كارثي، تحريض وانقسامات أهلية، معلومات أمنية مقلقة، إعلاميون يُكلفون بنقل أجواء عن زلازل بالغة الخطورة، الأهم الإنسداد السياسي لا الداخلي فحسب بل على مستوى الإقليم الذي لم “تترتَّب” أوراقه بعد، على ما أفصح نقلُ السيد حسن نصر الله الصراع إلى مستوى تهديد “ربيبة” أميركا… كل ذلك من شأنه تحرك “الفالق” السياسي اللبناني إلى مرحلة شديدة الخطورة، لكن ذلك لا يعني أبداً تحديد مواعيد لمدة هذا الإهتزاز، على ما تكشِف مصادر أمنية وسياسية.

يمكنك أن تُشعِل الأوضاع، لكنّ الحريق لا يمكن ضبطه كما يتوهم البعض. صحيح أنَّ المسار لن يُترجم بحربٍ أهلية نظراً إلى أكثر من عامل بينها “توازن” الشوارع، لكن الأنظار متوجهة إلى أكثر من بؤرة وحادثة أمنية، تحركّت وبانتْ رسائلها، أو تحت المراقبة. مخاوف موجودة من السلاح الفردي المنتشر بكثرة بين اللبنانيين، ومن تحركات مسلحة في بعض المناطق.

بين مدة الأسابيع لدى المتفائلين، والأشهر للمتشائمين أو الواقعيين، معلومات وتحاليل تحصر الوضع اللبناني المُهتز. لائحة مطالب أميركية يعرفها حزب الله جيداً، من أبرزها بعد الترسيم، الإستراتيجية الدفاعية، أسلحة نوعية، نوع معين من “الحياد” وصولاً إلى تغييرات في النظام السياسي. إشكاليات كبرى لا يعني الضغط والإهتزاز أن حزب الله سيبادر إلى التنازل أمامها بسهولة. في المقابل، المؤشرات لا تسمح بهامش واسع من المناورة، من الوضع الإقتصادي المتدهور للبيئات الطائفية غير المنتمية إلى بيئة “الحزب” التي أكَّد متانتها السيد نصر الله في خطابه، إلى العلاقة المهتزة مع الحليف المسيحي الأساسي. تحديات غير تقليدية في الحرب الهجينة عل عكس ما اعتاده “الحزب” في المواجهات العسكرية والأمنية.

هناك بالتوازي ارتفاع باللهجة الغربية والأوروبية تجاه إيران و”الحزب”. ألمانيا لا تتدخل كما في السابق كما يقول المعنيون وهي ذات الدور الوسيطي التدخلي كما أفصحت عن ذلك عشية الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبننا وصولاً إلى الإفراج عن الأسرى. أصحاب النظرية الواقعية أو المتشائمة يربطون بين الحديث عن استئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني والضغط الحاصل على “الصفيحة” اللبنانية لتعزيز الأوراق، في ظل نقاط بالغة القوة لحزب الله تكمن في أدائه الإستراتيجي الإقليمي ومؤسساته. لكن الحضور الإيراني المكثف والمتتالي في لبنان يكشف عن أفكار غير معلنة قُدِّمت لحزب الله، تواكب شد الحبال الحالي. في المقابل، أتى لقاء باريس ليتحوّل “منصة” تأسيسية للضغط في المرحلة المقبلة، مع دور قطري فاعل نتيجة التكليف الأميركي بالوساطة، ووجود غطاء مصري تريده الولايات المتحدة للتخفيف من قساوة حصر اللعبة بيد الأفرقاء الإقليميين المعنيين. في الشكل، تجديد يعاكِس مشهدية هجوم 2005 بعد قمة النورماندي والذي انحصر آنذاك أميركياً وفرنسياً وتُرجم على يد الثنائي جيفري فليتمان وبرنارد إيمييه. على الرغم من ذلك، يكشِف قريبون من سفراء دول “اللقاء الخماسي” في بيروت أن الضبابية تخيم على طريقة التعاطي مع “معطلي” الإستحقاق الرئاسي. هناك نيّة للضغط وحديث عن عقوبات، لكن كيف ومن يستطيع قياس نسبة التعطيل؟

في هذه المشهدية المهتزّة بقوة، يصبح إسم رئيس الجمهورية تفصيلاً. “البروفايل” عدا قدرة التعاطي مع ملفات مالية واقتصادية تبدأ بالغاز ولا تنتهي بالإصلاح وهيكلة المصارف، تتطلب رئيساً ليس متحالفاً مع حزب الله لكن ليس خصماً له، يؤمن بإدارة التعددية واستطراداً تكريسها باللامركزية، ولديه قدرة على فتح ملف النزوح السوري الذي لا يملك الأوروبيون حلاً له سوى تكريسه في لبنان. من هنا، تصبح أسهم المرشحين الرئاسيين كالبورصة. حزب الله ونبيه بري وإنْ كانا متمسكين بسليمان فرنجية فإنهما يعدان الخطة “ب” رئاسياً مع الإستمرار في تشددهما تجاه إسم العماد جوزيف عون. قريبون من أجنحة في الإدارة الأميركية و”دولتها العميقة” يقولون إنَّ اسم جوزيف عون يبتعد تدريجياً، وأنه لا يوجد حماس أصلاً لدى المعنيين في الإدارة، باستثناء “البنتاغون”، مع عودة إسم أحد النواب الموارنة القريبين من الأميركيين إلى التداول بقوة كمرشح الخطة “أ” المُجهضة في مهدها، كما فرنجية، بعد استنفاد معركة ميشال معوض. استطراداً، تكون “المواصفات” و”الأولويات” التي طرحها جبران باسيل واقعية في ظل دعم جهات لدى دولة خليجية فاعلة لجهاد أزعور، والتداول بأسماء “وسطيين” كزياد بارود، أو غيره من شخصيات مارونية ذات تجربة سياسية وفكرية راسخة.

وبين التفاؤل بأسابيع من الإهتزاز، والتشاؤم الواقعي لأشهر، يبقى الأكيد عبور اللبنانيين في مرحلة جديدة من القساوة، سنشهد فيها الكثير من الترتيبات والتغييرات ووضع بعض الشخصيات التي لعبت أدوار الأداة على الرفوف. المسألة ليست لجمال الديكور، بل لمصالح عميقة واستراتيجية لدول تتخلى عن “المنفذين” برمشة عين لصالح التسويات مع أخصامها…

خلفيات الإهتزاز الأمني على وقع الضغوط “الزلزالية”: قساوة قبل “الترتيبات” إقليمياً والخطة “ب” رئاسياً!
https://akhbarkum-akhbarna.com

هل دنت لحظة الحسم، خطاب السيد الساح يحررويحمي ويطعم ويداوي ايضا.docx