شوقي عواضة | كاتب واعلامي لبناني .
في ظلّ استمرار العقوبات الأميركيّة على لبنان مترافقة بالأزمة الاقتصاديّة وجائحة كورونا، يعيش اللّبنانيون أزمةً من أسوأ الأزمات بانتظار الفرج، حيث لا يلوح في الأفق أيّ بادرة أمل بحلّ قريب للأزمة السياسيّة والاقتصاديّة التي تعود لأسباب عديدة أولها تغليب المصلحة الشّخصية لدى أغلبية السّياسيين في لبنان والتّعامل مع الأزمة من منطلق ثأري سياسي دون تسليط الضّوء على معاناة الشعب وتشخيص الأزمة بدقة والعمل على حلّها، فمحاولة الرّئيس المكّلف سعد الحريري التفرّد باتخاذ القرار لتشكيل الحكومة وفقاً لمعايير لا تخدم الوحدة الوطنيّة بل تساهم في تصعيد الأزمة إضافة إلى وجود ثغرة دستوريّة تساهم في تفاقم الأزمة وهي عدم إلزام الرّئيس المكلف بمدّةٍ زمنيّةٍ لتشكيل الحكومة وهذا يعني المراهنة على الزّمن من خلال تمديد أزمة التشكيل للضّغط على رئاسة الجمهورية للقبول بالأسماء التي قدّمها الرئيس الحريري للرّئيس عون والتي تتضمّن تشكيلة اللّون الواحد الذي سيقدّم حلّاً للأزمة السياسيّة فقط من خلال تقديم التنازلات والموافقة على المزيد من الشّروط الأميركيّة السعودية التي لن تقدّم ولن تؤخّر في حلّ الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة بل على العكس تماماً. ومن الواضح أنّ للحكومة التي تقاتل من أجلها واشنطن والرياض مهمات عديدة منها:
1 ـ أن تلتزم بتنفيذ كافّة شروط الإدارة الأميركيّة والمختصرة بشرط واحد وهو سلاح المقاومة.
2 ـ تحقيق انتصارٍ سعودي على محور المقاومة في لبنان في ظلّ الهزيمة النكراء التي تلقتها السّعودية على مدى ست سنوات من العدوان على اليمن.
3 ـ تحريك ملف ترسيم الحدود مع فلسطين وتقديم التّنازلات للكيان الصّهيوني في ملف الغاز والنّفط.
4 ـ العمل على قطع وفصل العلاقات السّورية اللبنانيّة وفتح ملف التّطبيع مع كيان العدو وهي من المهمّات الأساسيّة.
في المقابل دعا الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله إلى تفعيل حكومة الرئيس حسان دياب في حال لم تشكَّل حكومة الرئيس الحريري، دعوة قابلها بعض اللبنانيين من فريقي 8 و14 آذار بالرّفض أو بوضع المعوّقات لحكومة الرئيس دياب منذ تأليفها، وبالتالي تغليب المصلحة الشّخصية على المصلحة الوطنيّة، إذ بدأ العمل على تعطيل الحكومة منذ اللّحظة الأولى لإعلان الرئيس دياب عن برنامج حكومته، وذلك بتواطؤ خارجي مع بعض الدّاخل الذي لا يزال يصرّ على فصل لبنان وعزله عن سورية وجرّه إلى المعسكر الأميركي السّعودي «الإسرائيلي» ومع تكبير لائحة اللاءات الأميركيّة على حكومة الرئيس دياب، وتفعيل دور «الجنرال» رياض سلامة، وبالتالي تجريد الحكومة من أية صلاحيات لتصبح حكومة شكليّة، وهذا يعني أنّ أصحاب المشروع الأميركي «الإسرائيلي» في لبنان ما زالوا يصرّون على مشروعهم القديم الجديد ولم يعتبروا من التّاريخ ولم يتعلّموا بأنّ الثّلة القليلة من المقاومين التي عجزت عن هزيمتها قوّات النّخبة من المارينز عام 1982 وحاملة طائراتهم نيوجرسي والجيوش المتعدّدة الجنسيّات ومظلّيوها واجتياح الجيش الذي قيل بأنّه لا يُقهر… لغاية اللّحظة لم يعِ أولئك ولن يعوا بأنّ الثّلة القليلة من المقاومين التي هزمت تلك الجيوش أصبحت أمة مقاومة لن يهزمها حصار ولن يضيمها فرض عقوبات ولن يثنيها عن متابعة مسيرتها تآمر أذناب أميركا و»إسرائيل» واتباعهم. وعليهم أن يدركوا بأنّ تراجع أميركا ومشاريعها في المنطقة وهزائم نظام آل سعود في اليمن وانهزام الكيان الصهيوني الذي يرتقب لحظة انفجاره لن تحقق في لبنان تقدّماً ولن تنجز انتصاراً لهم يعوّض عليهم هزائمهم، فلبنان كان ولا يزال وسيبقى وطن الانتصارات. ومن الأوْلى للباحثين عن إنجازات أو انتصارات أن يستعيدوا هيبة جيوشهم المسحوقة على امتداد محور العزّة والمقاومة من صنعاء إلى القدس. فالمقاومة التي حمت الوطن وأبناءه ستقف معهم في مواجهة الحصار والعقوبات وستنتصر.