الدكتور علي عز الدين | كاتب ومحلل سياسي
عام 1914م غزت الولايات المتحدة الأمريكية هاييتي، كان هدف العملية تحصيل ديون أميركا، الهدف غير المعلن هو الاستيلاء على البنك المركزي بالقوة، حيث استمر الاحتلال تسعة عشر عاماً، قبلها تم ضم أراض مكسيكية كونت لاحقاً أهم ثلاث ولايات أميركية، بعد هذه السرقة الدموية للأرض والتاريخ قامت أميركا ببناء جدار عازل غادر، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الشرعية العالمية بحق العبور الشرعي، فكان أن منعت أصحاب الأرض الأصليين من الدخول إلى أراضيهم المغتصبة.
نرجع إلى الماضي القريب، «غوانتانامو» 1898م تم مصادرة الخليج هناك، واليوم يعد سجن «غوانتانامو» من أسوأ سجون العالم، وأكثرها إجراما وبشاعة ومخالفة لكل معاني الإنسانية والبشرية، مثل كل السجون الأميركية المنتشرة حول العالم المعروف منها والسرية التي لا نعلم عنهم شيئا…
غزو الأراضي الممنهج وشن الحروب تحت عناوين براقة؛ تارة لبسط الديموقراطية، وتارة لعزل رؤساء طواغيت من صنع أميركا نفسها، وإقامة قواعد عسكرية على جميع منافذ النفط في العالم.
إنه البيت الأبيض، أحجاره من أسكتلندا، مهندسه من أصول غير أميركية، هو بيت هارٍ على شفا حفرة من الإجرام منذ أيامه الأولى كانت أعمدته مبنية بدماء الهنود السكان الأصليين، وهم بالمناسبة ليسوا حمراً كما صورهم الإعلام الأميركي في السينما الموجهة، وليسوا بربريين، إنما كانوا أصحاب أرض مسالمين، وتم التنكيل بهم من الآباء المؤسسين لأمريكا التي بنيت على القتل والسرقة، ولم يسلم منها أي أحد عبر عمرها وتاريخها الدموي..
غزو «بنما»، تاريخياً دعمت أمريكا الزعيم «نورييغا»، ثم انقلبت عليه، باختصار عملت ما بوسعها لبقاء هيمنتها على القناة، ومن هنا سوف ندخل إلى أهمية النفوذية في الفكر الاستراتيجي الأميركي على الأقنية التي تطل على منافذ النفط حول العالم، أهمها أسباب العدوان على اليمن، فبعد أن كان اليمن في عصر الرئيس السابق مرتعاً لطائرات أميركية مسيرة بحجة مكافحة انتشار الجماعات الإسلامية المتطرفة، بعد استهداف المدمرة الأميركية ( يو إس إس كول ) على شواطئ مدينة عدن، تغلغلت الاستخبارات الأمريكية في كل أروقة صنع القرارات في اليمن، ولعبت الأدوار الخفية حتى في القصور الرئاسية مع تواجد قوات من المارينز بحجج مختلفة منها حماية السفارة أو لضبط الأمن، وما شاكل من تبريرات متعمدة من الإدارة الأمريكية عادة.
نقطة الوصل بين البحر الأحمر بخليج عدن مع مياه الخليج الفارسي، وتبعاً لاتفاقية ((جامايكا)) عام 1994م جعلت لليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر أكسبه أهمية عالمية؛ حيث أضحى من أول أربعة ممرات، وأكثرها نشاطاً من حيث عدد الناقلات التي تمر عبره في الاتجاهين، خاصة ناقلات النفط، وأغلبها التابعة لدول الخليج، من هنا عملت القوى الكبرى على محاولة السيطرة الفعلية على هذا المضيق، وبذلت ما بوسعها للبقاء، لكن تغير الخارطة السياسية والعسكرية في اليمن لصالح الشعب اليمني، والذي أدهش العالم بقيادة السيد عبد الملك الحوثي، وتحت راية الجيش واللجان الشعبية، وخوفاً من تكرار إغلاق المضيق بوجه العدو الإسرائيلي كما حدث عام 1973م، وخوفاً من إرادة الشعب اليمني، ورفضه لاتفاقيات المرور البريء الذي وضع على قياس القوى الكبرى، وينص على المرور دون دفع أي رسوم، وبهذا يخسر اليمن كل الفوائد الاقتصادية الممكنة؛ ولذلك عمدت أميركا بتحريك أدواتها في المنطقة عبر الأمير الطامح والمراهق السياسي إلى شن عدوان عالمي بمساعدة بعض ممالك الرمال ومدن الملح على الشعب اليمني؛ استكمالا للنهج الأميركي الإسرائيلي بإبادة الشعوب التي تملك إرادة حرة ترفض الهيمنة الاستكبارية على قراراتها وأسلوب الحياة فيها..مجددا يصطبغ البيت الأبيض بدماء أطفال اليمن الأبرياء كما هو ديدن الإدارات الأميركية المتعاقبة على سفك الدماء، وهدر الأرواح سعياً وراء مصالحها، وعبر أدوات رخيصة يتم استبدالها بعد نهاية صلاحيتها.
كما تم حرق البيت الأبيض عام 1814م سوف يتم حرقه قريباً، وإزالة نقطة العار الإنسانية على مدى الأجيال التي سُحِقت تحت مسمى حقوق الإنسان، ونشر الديمقراطية الزائفة..