حسان الحسن | كاتب واعلامي لبناني
لا بشائر حل تلوح في الأفق القريب لمعالجة أزمة المرواحة الحكومية الراهنة، الناجمة عن تمسك الثنائي حزب الله وحركة أمل بتنحي المحقق العدلي في كارثة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار عن ملف التحقيق في هذه الكارثة. بالإضافة الى ذلك، لم تتوصل مكونات الحكومة الميقاتية الثالثة الى التفاهم على حلٍ يفضي الى إستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، أو إقالته في مجلس الوزراء، إثر الأزمة التي إفتعلتها المملكة السعودية مع لبنان، بذريعة موقفٍ من الحرب على اليمن، أدلى به الويزر المذكور في حديثٍ تلفزيونيٍ قبل توليه الوزارة بنحو شهرٍ، إستحضرته الرياض لإثارة أزمة مع بيروت، للضغط على لبنان، إستكمالاً لحرب الأولى على حزب الله، بحسب تأكيد وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود. وبذلك بقي الوضع الحكومي على حاله، ولم تطرأ أي مستجداتٍ تذكر تبعث الأمل حتى الساعة. وبالرغم من الأجواء الإيجابية التي خرجت، عقب اللقاء الرئاسي الرئاسي الثلاثي الذي إنعقد في اليوم المصادف لذكرى الإستقلال في قصر بعبدا في الأيام القليلة الفائتة، بين رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، غير أنه لم يفض الى النتائج المرجوة، أي عودة مجلس الوزراء الى الإنعقاد، خصوصاً في هذه الأوضاع الإقتصادية والمعيشية المتردية وغير المسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، والمترافقة مع إرتفاع جنوني في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل هبوط قيمة الليرة اللبنانية، من دون أن يحرك المعنيون ساكناً.
فالإيجابية الوحيدة لهذه الاجتماع، هي إنعقاد اللقاء بحد ذاته لا غير، وكان على أمل أن يؤدي الى مشاوراتٍ تعيد إنتظام عمل مؤسسات الدولة، وفي مقدمها السلطتيّن التنفيذية والقضائية، غير أنها لم تصل الى الخاتمة المرتجاة، في وقتٍ لايزال فيه الأفرقاء الحكوميين متمترسين خلف مواقفهم، في شأن مسألتي البيطار وقرداحي المذكورتين آنفاً.
كذلك رغم الأجواء التفاؤلية التي حاول رئيس المجلس النيابي نبيه بري إضفاءها عقب اللقاء الثلاثي الأخير، عندما قال: “إن شاء الله خير”، كونه المفوض من “الثنائي” للتفاهم مع المكونات الحكوميين، لحل أزمة تعطيل الحكومة، غير أن هذه الأجواء خفتت، إثر عدم توصل مجلس القضاء الأعلى الى حلٍ قانونيٍ لإبعاد البيطار عن ملف إنفجار المرفأ، بحسب تأكيد مصادر متابعة. وقالت:” لقد طار الحل”.
وهنا يبدي مرجع مسؤول في فريق المقاومة خشيته من النهجيّن السياسي والقضائي المتبع في شأن ملف كارثة المرفأ، معتبراً أن مجريات التحقيق في هذه الكارثة، تؤكد أنه تحقيق مسيس، ويستهدف فريقاً سياسياً محدداً من دون غيره، على حد تعبيره.
ويرى المرجع أن بقاء البيطار وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه في موقعهما، في ضوء إستمرار الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، كذلك غياب وزير الصحة فراس الأبيض عن السمع، وسط إستفحال أزمة غلاء أسعار الأدوية وفقدان بعضها من السوق اللبنانية، في ضوء إستمرار الشلل الحكومي الراهن، هو إستكمال للحرب على المقاومة في لبنان، من داخل البيئة اللبنانية، ولكن هذه المرة، تحت شعارات مطلبية براقة وخادعة، من خلال محاولة إيهام الرأي العام، أن هذه المقاومة هي المسؤولة عن تردي الوضعين الإقتصادي والمعيشي الراهنين، بعد فشل الحروب السياسية والعسكرية والإرهابية التي شنت عليها، ولم تحقق مبتغاها، ودائما بحسب المرجع. ولا يستبعد لجوء الإدارة الأميركية وأتباعها الإقليميين والمحليين، الى إعادة تحريك أنشطة المجموعات التي تتقاضى الأموال من هذه الإدارة وملحقاتها، والعمل على تجميع “موزاييك شعبي” من مختلف الطوائف، وتحريضهم في الشارع على حزب الله وحلفائه، في ضوء إستمرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بممارسة الضفوط على مختلف أفرقاء محور المقاومة في المنطقة، لفرض الإملاءات الأميركية عليها، خصوصاً في شأن مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي، كما يشتهي العدو وبما يتناسب مع مصالحه على حساب لبنان واللبنانيين، يختم المرجع.