في ليلة 6 – 7 تشرين الأول أصدرت القيادة العامة أوامر إلى التشكيلات بالإسراع في احتلال المرتفعات والتمسك بها، لأن العدو أخذ يدفع احتياطاته من العمق لتعزيز وحداته في نقاطه الأمامية، لاسيما على المرتفعات، ورؤوس الوديان.
في أول ضوء من يوم 7 تشرين الأول تابعت التشكيلات الصديقة تقدمها في عمق مواقع العدو الدفاعية، ومن أجل استثمار نجاح تشكيلات النسق الأول وسبق العدو في دفع احتياطاته، أمرت القيادة العامة في الساعة 8,00 بزج الفرقة الأولى دبابات في المعركة من الخط المقرر: تل يوسف – السلوقية على أن تكون على خط الزج في الساعة 13,00 وعلى الرغم من الهجمات المعاكسة الإسرائيلية، تابعت القوات ضغطها وتقدمها، وكان الاندفاع مركزاً على القطاعين الأوسط والجنوبي.
لوحظ خلال هذا اليوم (7 تشرين الأول) تركيز الهجمات الجوية والبرية على الجبهة العربية السورية، إذ سرعان ما ظهرت الطائرات المعادية، وبدأت تنقض على قواتنا، واشتدت رمايات المدفعية. غير أن قواتنا الجوية ووسائط دفاعنا الجوي واجهت الطيران المعادي بجرأة وشجاعة، وحققت إصابات عالية في الطائرات المعادية. ولقد شعر الإسرائيليون بأن لا سبيل إلى تحليقهم فوق القوات السورية دون عقاب.
القطاع الشمالي:
في هذا اليوم واجهت كتيبتان من اللواء 85 مشاة نيراناً شديدة من دبابات العدو في تل الشيخة وضهرة الأرانب. فاضطرتا للتراجع إلى غرب الخندق المعادي المضاد للدبابات، أما الكتيبة الثالثة فقد بقيت متوقفة أمام نقطة استناد جسر الرقاد، وتبادلت الاشتباك بالنيران مع دبابات العدو.
في الساعة 1,00 يوم 7 تشرين الأول قام العدو بتقديم احتياطاته من العمق من الاتجاهات التالية:
• رتل يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه: مسعدة ـ ضهرة الأرانب.
• رتل يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه: واسط ـ المنصورة.
• رتل يقدر بكتيبة دبابات من اتجاه: كفر نفاخ ـ القنيطرة ـ المنصورة.
وفي الساعة 12,15 احتلت الأرتال المعادية القائمة بالهجوم المعاكس الخط: ضهرة الأرانب ـ السفوح الجنوبية الشرقية لتل الشيخة ـ تل البرم ـ ضهرة المنصورة ـ ضهرة إبراهيم ـ شمال شرق المنصورة بـ1 كم وتمكن العدو من تشكيل سد في وجه اللواء 78 دبابات. الذي اشتبك معه بالنيران، واستطاع الصمود وإنزال الخسائر الفادحة في الوحدات المعادية المذكورة، وبعد قتال عنيف تمكن اللواء 78 من التملص من المعركة بعد أن تكبد خسائر كبيرة في العتاد القتالي. وفي الساعة 14,25 زج لواء آخر هو اللواء 121 مشاة لمهاجمة خط المقاومة الرئيسي للعدو، وتعرضت وحدات اللواء لنيران الهاون والمدفعية والدبابات من تل الشيخة – ضهرة الأرانب – الثلجيات. وقامت مجموعة مدفعية الفرقة بفتح نيرانها على مصادر نيران العدو وأسكتتها.
القطاع الأوسط:
تمكن اللواء 33 مشاة من إنهاء اقتحام الخندق المضاد للدبابات بفضل اندفاع اللواء 43 دبابات واللواء 51 دبابات، واشتباكهما مع المقاومات خلف تل شعاف السنديان وتل فزارة. وفي الساعة 14,30 وصل اللواء 33 مشاة إلى الخط: عين عيشة – السفوح الجنوبية الشرقية لتل يوسف – شمال الرمثانية. وقد أُسندت للواء مهمة تأمين زج الفرقة الأولى دبابات من الخط المحتل. وفي الساعة 12,00 تحرك اللواء 43 بأمر من القيادة العامة باتجاه القنيطرة من أجل مساعدة اللواء 52 مشاة على احتلالها.
وفي الساعة 1,00 عبرت الكتيبة 211 من اللواء 43 دبابات الثغرات وتوجهت إلى القنيطرة بناء على أمر القيادة لمساعدة اللواء 52 مشاة على احتلالها. وقد فوجئت الكتيبة عند وصولها إلى منطقة الغسانية بكمين معاد مؤلف من دبابات وصواريخ مضادة للدبابات. وبعد قتال عنيف استمر ساعة دمر الجزء الأكبر من دبابات الكتيبة كما دمر للعدو بالمقابل عدد كبير من الدبابات. بينما تمكنت الكتيبة 212 من اللواء 43 دبابات من الوصول إلى الدبورة، حيث اشتبكت في صراع بطولي مع دبابات العدو المتفوقة، ودمرت 15 دبابة معادية وعدداً من العربات المجنزرة. ولم يتبق من الكتيبة سوى 3 دبابات التحقت باللواء في منطقة الخشنية.
استمر قتال اللوائين 51 و43 دبابات حتى الساعة 6,00 ووصلا إلى الخط: الخشنية ـ تل الطلائع كما وصلت بعض الوحدات من اللواء 51 دبابات إلى الخط: المشتى – السلوقية، غير أنها اضطرت تحت ضغط قوى العدو للتراجع إلى الخط: الخشنية- تل الطلائع. ولقد أعاد اللواءان تجميع قواتهما في منطقة الخشنية وتل الطلائع، واشتبكا في قتال عنيف ضد الدبابات المعادية التي حاولت شق طريقها نحو الشرق بمعاونة المدفعية والصواريخ المضادة للدبابات، ونجحا في إيقاف دبابات العدو. وبرزت بطولات مشرفة في معركة الخشنية.
في القطاع الأوسط أعطيت التعليمات إلى اللوائين 51 و43 دبابات واللواء33 مشاة بالتمسك بالخطين اللذين تم احتلالهما،وتأمين زج الفرقة أولى دبابات. تمكن اللواء 52 مشاة من الوصول إلى المنطقة جنوب شرق القحطانية، والتخوم الجنوبية الشرقية لبلدة القنيطرة، والاشتباك في قتال عنيف مع العدو الذي استخدم كمائن الدبابات والصواريخ المضادة للدبابات. وقد فوجئت إحدى قطعات اللواء بهجوم معاكس من دبابات العدو، فتراجعت إلى شرق الخندق المعادي المضاد للدبابات. إلاّ أن قائد الفرقة شدد على قائد اللواء بضرورة تدمير العدو والاقتحام ثانية، وخصص له جزءاً كبيراً من المدفعية لدعم أعماله القتالية. وفي الساعة 15,00 ألحق اللواء بأمر القيادة العامة بالفرقة 7 مشاة، وعزز بكتيبة دبابات، وأسندت له مهمة احتلال مدينة القنيطرة بالتعاون مع اللواء 121 مشاة.
زجّ الفرقة الأولى دبابات في الموقعة:
في الساعة 8,00 تلقى قائد الفرقة الأولى دبابات العقيد الركن توفيق الجهني الأمر بزج قواته على الخط: تل يوسف – السلوقية، باتجاه: كفر نفاخ – واسط – القلع، بمهمة تدمير قوات العدو في المنطقة: حرش عين زيوان – كفر نفاخ ، ثم التقدم باتجاه: البجة – واسط – سكيك ـ وتطويق القوات المعادية وتدميرها، بالتعاون مع قوات الفرقة 7 مشاة.
وفي الساعة 11,15 وصلت وحدات اللواء 91 دبابات إلى خط الزج أما وحدات اللواء 76 دبابات، فقد فتحت نيرانها قبل خط الزج بـ 2 – 2,5 كم، وذلك لوجود مقاومات معادية في السلوقية ولفقد قائد اللواء اتجاهه وهذا ما سبب تأخر وصوله إلى خط الزج.
تعرضت وحدات النسق الأول للفرقة الأولى دبابات لنيران غزيرة من القواعد الصاروخية والدبابات المتخندقة في البساتين، غربي تل يوسف والدلهمية والسنديانة والسلوقية، مما اضطر ألوية النسق الأول إلى زج أنساقها الثانية قبل الأوان. وحتى الساعة 17,00 كانت وحدات الفرقة قد وصلت إلى مشارف نهر الأردن. وهنا دار قتال شديد وعنيف، إذ اندفعت قوات مدرعة كبيرة معادية ودخلت مع قواتنا المدرعة في معركة تصادمية، ولقد أمكن تدمير معظمها مع قتل وجرح أطقمها وإصابتهم بجروح، كما احترق عدد كبير من دبابات العدو، وتكبدت قواتنا خسائر في الرجال والعتاد. وخلال الليل أُعطيت التعليمات للانتقال إلى الدفاع الدائري على الخط المحتل، مع الاستعداد لصد هجمات العدو المعاكسة قبل أول ضوء، وتنظيم التأمين المادي والفني والطبي.
حتى الساعة 17,00 لم يتمكن اللواء 58 ميكانيكي من زج قواته في المعركة، على الرغم من تلقيه الأمر بذلك، بسبب مقاومة العدو والقصف الجوي المركز على أرتال هذا اللواء، مما اضطر قائد الفرقة إلى إعطائه الأمر بالانتقال إلى الدفاع على التخوم الشمالية الغربية والجنوبية لعين وردة، إذ كان قد وصل قسم من وحدات اللواء إليها بعد الساعة 17,00.
القطاع الجنوبي:
ابتداء من صباح 7 تشرين الأول، استأنفت الفرقة 5 مشاة هجومها ووصلت حتى الساعة 10,00 إلى خط المهمة القتالية، وعلى هذا الخط بدأت تتعرض لنيران المدفعية المعادية والطيران الذي استخدم النابالم في قصف قطاعات اللواء 132 في غارات متتالية. وفي الوقت نفسه بدأت بعض دبابات العدو المنسحبة، وبعض الدبابات القادمة من العمق، بشن هجمات جزئية متعددة ومن اتجاهات مختلفة ضد قوات الفرقة، بغية إيقافها وكسب الوقت لتقديم احتياطات من العمق. وفي هذا الموقف لم يكن باستطاعة تشكيلات الفرقة متابعة تقدمها، لما تكبدتهمن خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وأصبحت، في آن واحد، معرضة لهجوم معاكس محتمل بقوى كبيرة، فاضطر قائد الفرقة إلى أن يطلب من القيادة العامة الموافقة على زج اللواء 47 دبابات في القتال لصالح معركة الفرقة، على أن تكون مهمته تطوير الهجوم في العمق واحتلال الخط: سكوفيا- فيق خارجاً -الياقوصة، والتمسك بهذا الخط.
وفي الساعة 5,30 من يوم 7/10/1973،أسند رئيس أركان الفرقة الخامسة المهمة القتالية إلى اللواء لزجه في المعركة ابتداءً من الخط: (قرية القريعة – عين جديد) والهجوم باتجاه فيق واحتلال الخط (فيقـ سكوفيا) والتشبث به. وفي الساعة 11,00 من يوم 7/10/1973، وصلت كتائب اللواء إلى خط الزج وبدأ اللواء هجومه بالاتجاه المذكور وكانت في النسق الأول الكتيبة الأولى إلى اليمين والكتيبة الثانية إلى اليسار. وكان هذا اللواء قد شُكل حديثاً ومعظم عناصره تجهل طبيعة الأرض في الجولان، لذلك اضطر قائد اللواء، وهو في هذا الموقف الصعب إلى أن يوزع مقري الرصد والقيادة على الشكل التالي:
1 ) قائد اللواء يرافق ويوجه أعمال الكتيبة اليمنية.
2 ) رئيس أركان اللواء يرافق ويوجه أعمال الكتيبة اليسارية.
وقريباً من الساعة 4,00 من يوم 7/10/1973، أعلم رئيس أركان اللواء قائد اللواء بوجود مقاومة كبيرة أمام هجوم الكتيبة اليسارية. وبعد وقت قصير من هذا الإعلام عاد وأعلم قائد اللواء بصعوبة الموقف لدى هذه الكتيبة وطلب موافقته بزج النسق الثاني على الخط جنوب غربي خسفين /1 كم/. أما القوات المعادية المواجهة لهاتين الكتيبتين فقد قدرت بما يقارب كتيبة دبابات معززة. ولم يتمكن قائد اللواء من متابعة معركة هذه الكتيبة لوجود وادٍ مانعٍ يفصل بين الكتيبتين. وقد تابعت الكتيبتان هجومهما بالاتجاه المطلوب حتى دخلت بعض الدبابات قرية العال.
وفي الساعة 14,30 من يوم 7/10/1973، ظهرت مقاومة أمام الكتيبة اليمنى في قرية جرنايا وبدأت معركة الكتيبة مع هذه المقاومة، من الخط 1,5 كم شمال شرقي جرنايا. وكان قائد اللواء مع هذه الكتيبة يراقب ويوجه أعمالها. وبعد معركة دامت زهاء /45/ دقيقة بين الكتيبة والمقاومة المعادية التي تقدر بكتيبة دبابات معززة بقواعد صواريخ م/د، استطاعت الكتيبة الوصول إلى هذا الخط بعد أن خسرت الكتيبة /10/ دبابات من مجموع 21 دبابة وألحقت بالعدو الخسائر التالية: تدمير حوالي 13 دبابة وقاعدتي صواريخ. بعدها بدأت بقية دبابات الكتيبة تنفذ قتالاً تراجعياً باتجاه الشمال والشمال الشرقي بإمرة رئيس أركان الكتيبة، لأن دبابة قائد اللواء ودبابة قائد الكتيبة دمرتا في هذه المعركة.
ظل قائد اللواء يجهل مصير قائد هذه الكتيبة حتى اليوم الثاني من المعركة، حين تبين بأنه جريح في مستشفى إزرع. وقريباً من الساعة 16,30، تم إعادة الاتصال بقائد الفرقة الخامسة وبقي الاتصال بالكتائب الأخرى مفقوداً، وذلك لتدمير دبابة قائد اللواء الذي كان يقود وحدات اللواء من خلالها.
وفي الساعة 7,00, من يوم 8/10/1973، أمر قائد الفرقة قائد اللواء بالتقدم بالدبابات المتبقية لديه إلى قرية ناب مكان اللواء 132. وحين وصول هذه المجموعة إلى قرية (ناب)، كانت قد وصلت وحدات هجوم العدو إلى هذا المكان. عندئذٍ نشر قائد اللواء هذه المجموعة مع /3/ دبابات من اللواء 47 بإمرة قائد الكتيبة الثالثة (التي وجدها في تلك المنطقة). ثم خاضت هذه المجموعة بالتعاون مع عدة دبابات من اللواء 132 ومدافع م/د من عيار 106 مم تابعة لاحتياط م/د الفرقة الخامسة معركة دامت زهاء /60/ دقيقة دمر للعدو فيها /4/ دبابات سنتوريون وقاعدتا صواريخ. وحتى الساعة 10,30، احتل اللواء 61 مشاة الخط: تل البازوك- تل المنطار.
واحتل اللواء 112 مشاة نقطتي استناد تل القلع والرفيد جزء من القوى وتابع التقدم بالجزء الباقي، كما احتل بقوى كتيبة الخط: الفرج – أم الدنانير. أما تل الفرس، فقد تم احتلاله بواسطة قوات حطين المنزلة بالطائرات العمودية (الهليوكبتر) في الساعة 17,00، ولذا فقد احتل اللواء بجزء من قواته سفوحه الجنوبية والشرقية، وقام بفتح مرصد في التل.
تمكن اللواء 12 دبابات حتى الساعة 1,00 من يوم 7 تشرين الأول من تدمير جميع المقاومات التي اعترضته، وكان أبرزها هجمة معاكسة بقوى سرية دبابات معززة في منقطة صير الحوار، واحتل الخط: رسوم القطار- أم الدنانير وقضى على جميع محاولات العدو لاسترجاعه، وفي الساعة 5,30 استأنف اللواء هجومه وتعرض، على مسافة 2 كم من قرية المشتى، لضربة معاكسة قوامها حتى 50 دبابة تعززها الصواريخ وتدعمها نيران المدفعية والطيران، فاحتل خطاً مناسباً وقام بصده من الثبات،وقد نجح بتدمير 15 دبابة و4 عربات صاروخية، وأسر 11 إسرائيلياً منهم ضابط برتبة نقيب، وتمكن من أسر بعض الطيارين. وقد احتلت الكتيبة 355 من اللواء الخط: المشيرفة ـ رسم الرمليات. وفي الساعة 8,40، وصلت الكتيبة 203 إلى منطقة اليعربية، حيث اشتبكت مع ثلاث سرايا دبابات معادية. وقد تمكنت حتى الساعة 14,00 من تدمير 19 دبابة منها، ولاذت الدبابات المتبقية بالفرار. إلا أن الصواريخ الكثيفة المضادة للدبابات أحدثت إصابات مباشرة في دبابات الكتيبة، وبعد ساعتين من القتال لم يبق لدى الكتيبة سوى دبابتين وناقلة جنود. وحتى الساعة 10,00 احتلت الكتيبة 262 من اللواء 132 مشاة مستوطنة خسفين ثم تابع قائد اللواء /132/ مشاة التقدم بالوحدات الموجودة لديه واحتل حتى الساعة 16,30 الخط: ناب – كفر ألما.
الموقف في نهاية اليوم الثاني من الحرب: (7 تشرين الأول)
حتى نهاية يوم 7 تشرين الأول، وصلت القوات إلى الخط:
الفرقة 7 مشاة: مزار أبي ذر الغفاري – 500 م شرق تل الشيخة -ضهرة ابراهيم.
الفرقة 9 مشاة: 500م شرق الخشنية- القحطانية – عين عيشة -الرمثانية- رؤوس الوديان المؤدية إلى بحيرة طبريا.
الفرقة 5 مشاة: المشيرفة- النخيلة – تل البازوك- 1,5 كم شمال خسفين – المنطار – رؤوس الوديان المؤدية إلى بحيرة طبريا.
الفرقة 1 دبابات: 1,5 كم شمال وغرب تل أبي خنزير – 1 كم شمال غرب السنديانة -الرزانية.