هزت جريمة اغتيال لقمان محسن سليم (58 عاماً) المجتمع والرأي العام في لبنان، وسط امتدادات لردود الفعل، كان لها ارتدادات دولية، أميركية وأوروبية، من شأنها ان ترفع من منسوب حركة الاعتراضات أو الفيتوات، على الرغم من ان القضية باتت بانتظار ما ستفسر عنه التحقيقات والتي من شأنها ان تساهم في احتواء التشنج الداخلي، والانقسامات المترتبة، على مناخ الاغتيالات السياسية، وتأثيراتها على المسار السياسي العام في البلد، الذي يشهد أسوأ أزماته الصحية والنقدية والمالية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن الأزمة السياسية المفتوحة، على خلفية الخلاف الحاد.
الاّ ان هذه الجريمة تطرح العديد من علامات الاستفهام فهل تعود الاغتيالات إلى المشهد الداخلي؟ هل يتجه لبنان إلى نموذج “العرقنة” في تصفية النشطاء وقادة الرأي والتعبير؟ من التالي على قائمة التصفيات؟
جريمة اغتيال لقمان سليم
اذاً، استفاق اللبنانيون على خبر اكتشاف اغتيال الناشط والكاتب لقمان سليم بقتله بخمس رصاصات في رأسه وظهره في سيارة مستأجرة، بعدما فُقد الاتصال به منذ الثامنة من مساء الاربعاء بينما كان يقوم بزيارة عائلية في بلدة نيحا الجنوبية. وأشعل اغتياله موجة واسعة من ردود الفعل الرافضة لعودة الاغتيالات والتصفيات والمتخوفة من دلالات الجريمة التي ذكرت بمرحلة الاغتيالات التي ذهب ضحيتها رموز من انتفاضة 14 آذار.
وأفادت مصادر امنية أنّ “هاتف الناشط لقمان سليم عثر عليه على بعد نحو 300 متر من المنزل حيث كان سليم في بلدة نيحا قضاء صور، قبل ان يتم اختطافه واغتياله في احدى الشوارع الفرعية من بلدة العدوسية قرب النبطية التي تبعد قرابة 40 كلم عن نيحا. وان الناشط لقمان سليم استأجر السيارة في 30 الشهر الماضي وهو يتعامل مع الشركة نفسها منذ مدة. واضافت ان الشركة عادة ما ترسل السيارة إلى منزله وفي 29 الشهر الماضي سلمته الشركة سيارة مستأجرة الا انه قام بتبديلها شخصيا من مكتب الشركة الواقع في خلدة بعد يوم نظرًا لوجود خلل فيها. وبحسب المعلومات فان السيارة التي استاجرها سليم لا تمتلك جهاز تعقب وقد تم التواصل مع الشركة من قبل العناصر الأمنية لأول مرة اليوم عند الساعة السابعة صباحا بعد العثور على السيارة في بلدة العدوسية.
ومع ان ردود الفعل الداخلية حاذرت بمعظمها توجيه اتهامات مباشرة وحضت الدولة وأجهزتها على استعجال التحقيقات لكشف الجناة، شكلت الردود الديبلوماسية الدولية محط انتباه ولعل ابرزها كان بيان للسفيرة الأميركية دوروثي شيا التي وصفت اغتياله بانه “بربري” وأضافت : “لقد قال لقمان سليم سرا وعلانية أنه كانت هناك تهديدات لحياته، ومع ذلك استمرّ، بشجاعة، بالدفع من أجل العدالة والمساءلة وسيادة القانون في لبنان . هذا الاغتيال، لم يكن مجرد اعتداء وحشيا على فرد، بل كان هجومًا جبانًا على مبادئ الديموقراطية وحرية التعبير والمشاركة المدنية.إنه أيضا هجوم على لبنان نفسه.إن استخدام التهديد والترهيب كوسيلة لتخريب حكم القانون وإسكات الخطاب السياسي هو أمر غير مقبول”.
واكدت “ضرورة إجراء تحقيق سريع في هذه الجريمة وغيرها من عمليات القتل الحديثة التي لم يتم حلها حتى يتمّ تقديم مرتكبي هذه الأعمال إلى العدالة. في بلد يحتاج بشدة إلى التعافي من الأزمات المتعددة التي يواجهها، ترسل الاغتيالات السياسية إشارة جد خاطئة إلى العالم حول ما يمثله لبنان “.
ودانت الخارجية الفرنسية “قتل الناشط اللبناني لقمان سليم ورأت ان اغتياله “يشكل جريمة بشعة” وطالبت بتحقيق شفاف .
الملف الحكومي عالق
اما في الملف الحكومي، فأشارت مصادر مطلعة لـ”اللواء” إلى أن الأنظار متجهة إلى الحراك الخارجي في موضوع تأليف الحكومة بعد ما اظهرت التحركات الداخلية عدم جدواها مشيرة إلى أنه لا بد من ترقب الحركة الخارجية بعد تحرك الرئيس الفرنسي.
وأكدت المصادر إنه يفترض أن يستتبع هذا الحراك اتصالات سواء مباشرة أو غير مباشرة من أجل متابعة الملف موضحة أن الواقع يفيد أنه لم يعد في الامكان التعويل على مبادرات أو وساطات داخلية. وأفادت أن الحراك الخارجي ينتظر المزيد من الجولات في المشاورات قبل أن تتضح الصورة بالشكل النهائي لأنه حتى الآن هناك خطوات تسبق الوصول إلى أي خلاصة معينة يترجم بحل للملف الحكومي.
وفيما يواصل الرئيس الحريري تحركه الخارجي، وترقب وصوله الى الإمارات او الرياض او باريس، شدد كل من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان على “الضرورة الملحة” لتشكيل حكومة ذات مصداقية في لبنان. ودعا الوزيران لإعلان النتائج سريعا في أسباب انفجار مرفأ بيروت بعيدا عن التدخل السياسي.
وتقول مصادر قريبة من بعبدا ردا على سؤال حول ما اذا كان البحث عاد الى تركيبة 6-6-6: أن هذا الطرح موجود أصلا ولم يغب عن طاولة البحث، ولكن تمسك الرئيس المكلف سعد الحريري باعتبار الوزير الارمني من ضمنه، وتاليا من حصة رئيس الجمهورية هو ما يعيق الامور، لأن الرئيس عون يعتبر أن من حق الطائفة الارمنية أن تسمي هي من يمثلها، من هنا كانت الدعوة الى اعتماد وحدة المعايير في عملية التشكيل، وان كل ما يقال عن تمسك رئيس الجمهورية بالثلث المعطل غير صحيح.