كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
منطقة «رخوة أمنياً» تسللت إليها الفتنة وتسابق «القوات والتيار» على حماية المسيحيين
كشف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، عن مضمون الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه رئيس الجمهورية ميشال عون، وفيه تحذير من ان لا يلعب بالنار، ويهدد السلم الاهلي، وضبط الوضع بعد ان سقط شهداء وجرحى واضرار مادية في الطيونة، واعادت الاحداث ذاكرة اللبنانيين الى مرحلة الحرب الاهلية، التي انطلقت شرارتها من عين الرمانة وقد تعود وتندلع منها.
فما افصح جعجع عنه، اكدته مصادر في القصر الجمهوري، من ان الرئيس عون، ومنذ حصول التوتر الامني تابع لحظة بلحظة مع قيادة الجيش والاجهزة الامنية والوزراء المعنيين، ومراجع رسمية، ومنها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الى قادة احزاب ومنها «حزب الله» ومرجعيات دينية، من اجل العمل على حصر ما جرى وترك الجيش يعالج التفلت الامني، وسحب كل العناصر المسلحة.
واحداث الطيونة، التي تطلق عليها توصفيات عدة، من كمين الى مجزرة الا انها كشفت عن جهوزية لدى «القوات اللبنانية» وانتشار مسلح لها في كل الاحياء والشوارع، وقد لفت الحضور المسلح للقوات، نظر سكان المنقطة، الذين كان يقال لهم، بان وجود المسلحين هو لمنع دخول عناصر من حركة «امل» و»حزب الله» الى منطقة عين الرمانة، وفرن الشباك، ومحيطها، وفق ما روى مواطنون من سكان هذه المناطق، وقد شهدوا على مثل هذه الحالات في مرات سابقة، اذ سبق وحصلت توترات بين الشياح وعين الرمانة، التي كان يضبطها الجيش الذي انتشر عند خطوط التماس الماضية على طريق صيدا – القديمة عشية التظاهرة التي دعا اليها كل من حركة «امل» و»حزب الله» واتخذ اجراءات امنية، بين الطرفين، كي لا يحصل اي صدام، الذي وقع في منطقة «رخوة امنية» وفق وصف مصدر امني، لم تكن من خطوط التماس السابقة، ولا يوجد فيها احتكاك مباشر، وتعرف بمنطقة مدرسة «الفرير» اذ لم تكن مخابرات الجيش والاجهزة الامنية الاخرى، تضع في حسابها ان تكون هذه المنطقة، هي التي ستنطلق منها الشرارة – الفتنة.
فالتحذير الذي وجهه رئيس الجمهورية الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» كان رسالة واضحة له بان اللجوء الى اساليب الحرب الاهلية وتعزيز مقولة «الامن الذاتي» واستعادة شعارات الحرب «امن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار»، لم تعد هذه اللغة مجدية، بل يجب التطلع نحو الدولة ومؤسساتها، اذ تكشف مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر»، بان «القوات اللبنانية»، حاولت استغلال تظاهرة الثنائي و»حزب الله» لتخويف المسيحيين وحشدهم الى جانب التهيؤ للدفاع عن «المناطق المسيحية» لاستعادة السيطرة عليها من باب الامن والتفرد بتبريرها والذهاب الى الانتخابات النيابية بشعار امني وهو الدفاع عن الوجود المسيحي لكسب اصوات في الانتخابات النيابية المقبلة و»شيطنة التيار الوطني الحر»امام المسيحيين واسقاط مقولته الدفاع عن حقوقهم وقد فتح مناطقهم «لحزب الله» وسلاحه وامّن لهم معبرا سياسيا عبر»تفاهم مار مخايل».
ولذلك فإن «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» يتبادلان الاتهامات وتحميل المسؤوليات اذ يحاول جعجع تسويق فكرة ان استقواء «حزب الله» بسلاحه بات معلوما لكن ان يشرّع الرئيس عون وتياره السياسي لهذا السلاح فهنا الخطورة وهذه هي حقيقة الازمة التي نواجهها وتقف معنا غالبية من الشعب يقول جعجع الذي دعا ما اسماه «الشعب اللبناني الحر» الى التصدي «لحزب الله» ومواجهة سلاحه غير الشرعي وتسليمه للجيش اللبناني فيرد عليه «التيار الوطني الحر» بأن تفاهمه مع «حزب الله» حمى السلم الاهلي وادى الى انفتاح المناطق اللبنانية على بعضها ولماذا نقبل بمصالحة الجبل ولا نعزز التفاهمات الداخلية باتجاه الوحدة الوطنية.
ويبدو ان ما حصل من كمين في الطيونة بدأت ارتداداته تظهر في مناطق عين الرمانة وفرن الشباك والشياح في صراع بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» حول من يحمي المسيحيين هل بتفاهم مار مخايل الذي شرّع سلاح»حزب الله» ام بالجهوزية الشعبية للدفاع بالسلاح عن «مناطق مسيحية» سعى «حزب الله» وحركة «امل» للتمدد اليها جغرافيا وديموغرافيا واصبحت لهم جزر امنية في عمق هذه المناطق ليرد «التيار الحر»على القوات بأن التجربة تعلّم ويبدو ان القوات لم تتعلم بعد.