أثار الحكم الذي أصدرته المحكمة الصهيونية العليا بإبطال تعيين زعيم حزب “شاس” الديني المتشدد أرييه درعي وزيرًا للداخلية والصحة، في حكومة بنيامين نتنياهو، جدلًا واسعًا لدى المسؤولين الصهاينة ومواقف متباينة تراوحت بين رافضة ومؤيدة.
وجاء قرار المحكمة الصهيونية برفض تعيين درعي وزيرًا في الحكومة على خلفية سوابقه وارتكابه جرائم فساد متعددة، وذلك بغالبية 10 قضاة مقابل معارضة قاضٍ واحد.
وأكدت المحكمة أن تعيين درعي كان “غير معقول إلى أقصى حد بسبب إدانته المتعددة بتهم فساد”. وذكّر قضاة المحكمة بالموقف الذي قدمه درعي إلى محكمة الصلح التي أدانته بهذه التهم، والذي قال فيه حينها إنه سيترك السياسة بعد ذلك.
وانتقد نواب يمينيون من الائتلاف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكم الدراماتيكي، معتبرين أن القرار يبرر خطط الحكومة المثيرة للجدل لإصلاح النظام القضائي والقانوني في كيان العدو بشكل جذري وتقييد صلاحيات المحكمة.
واعترف درعي، الذي قضى في السابق فترة في السجن لإدانته بالكسب غير المشروع، بارتكابه مخالفات ضريبية العام الماضي كجزء من صفقة ادعاء استقال بموجبها من الكنيست وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.
ويُعتبر درعي حليفا رئيسيا في حكومة نتنياهو التي تضم أحزابًا يمينية ويمينية متطرفة ومتشددة، ثم عاد إلى الكنيست كرئيس لحزب “شاس” الذي فاز بـ 11 مقعدا في الانتخابات الأخيرة، رغم إعلانه أنه سيترك السياسة. وسارع الائتلاف الحكومي في الشهر الماضي إلى تسريع التشريعات لتمهيد طريقه لتولي منصبي وزير الداخلية ووزير الصحة.
واستبق حزب شاس قرار المحكمة محذرًا من أن استبعاد درعي، يشكل خطرًا على الائتلاف الحكومي الذي يقوده الليكود. وتعهد درعي بتحدي القرار ورفض الاستقالة.
وزار نتنياهو منزل درعي في القدس مساء أمس لبحث الخطوات التالية بعد الحكم. وأفادت تقارير أن الائتلاف لديه بالفعل مسار عمل مخطط له، بما في ذلك تسريع جهوده التشريعية لإلغاء اعتبار “المعقولية”، والذي يسمح للمحاكم بالحكم على أن بعض الإجراءات أو القرارات باطلة بسبب كونها غير معقولة إلى أقصى حد.
استند القضاة الى “المعقولية” في رفض تعيين درعي الوزاري، لكن خمسة قضاة اعتمدوا أيضا على مبدأ الإغلاق الحكمي، وحدّدوا أن زعيم شاس قد أشار في إطار صفقة الادعاء إلى أنه سيستقيل من الحياة العامة، لكنه فعل العكس.
بعد لحظات من صدور الحكم، وصف ليفين – وهو عضو بارز في الليكود وأحد المقربين من نتنياهو والذي يقود الإصلاح القضائي للائتلاف – قرار المحكمة بأنه “سخيف”، معتبرًا أنه يدوس على أصوات الناخبين الذين صوتوا لحكومة برئاسة نتنياهو، يكون فيها أرييه درعي شريكًا رئيسيًا.
وقال حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو في بيان عقب الحكم إنه يعتبر درعي “جزءًا مركزيًا وهامًا” من الحكومة وتعهد بإعادته إلى المنصب.
ووصف بيان باسم جميع رؤساء الأحزاب الائتلافية قرار المحكمة بأنه “ظالم” لكل من درعي والناخبين الذين أيدوا إعادة نتنياهو إلى السلطة، بدعم من شركائه في اليمين وفي الأحزاب الحريدية، وهم: “شاس”، “يهدوت هتوراة”، “الصهيونية الدينية”، “قوة يهودية”، و”نوعم”.
وقال البيان: “إن “دولة إسرائيل” بحاجة إلى قدرات درعي الاستثنائية وخبراته الواسعة أكثر من أي وقت مضى”.
ووصف حزب “شاس” حكم المحكمة بأنه “سياسي ومشوب بعدم المعقولية المفرطة”، معتبرًا أن القرار يستبعد شريحة واسعة من الصهاينة.
وأصدر درعي بيانًا وصف فيه الحكم بأنه “ظلم واضح يظهر الحاجة إلى تغيير النظام القانوني الحالي”.
وربط زعيم الحزب الحريدي “يهدوت هتوراة”، يتسحاق غولدكنوبف، قرار المحكمة بأنه “تآكل ثقة الجمهور في النظام القضائي”. و”مثال ملموس آخر على ما خلق أزمة الثقة بين المواطنين والنظام القضائي”.
وقال حزب “ديغل هاتورا” إنه سيدعم تشريعًا لإعادة درعي إلى منصبيه الوزاريين، متهمًا المحكمة بالتدخل في قضية ليس لها سلطة فيها.
وقال رئيس حزب اليمين المتطرف “نوعم”، آفي معوز: “إن المحكمة وضعت نفسها مرة أخرى فوق القانون”، مشيرًا إلى ضرورة الإصلاح القضائي.
وعقبت “الحركة من أجل جودة الحكم” على هذه المواقف بالقول: “إن على نتنياهو احترام الحكم وإقالة درعي… فالحكومة ليست مرفقًا لإعادة تأهيل المجرمين”.
وانضم قادة أحزاب المعارضة إلى الدعوات التي تطالب نتنياهو باحترام حكم المحكمة.
زعيم المعارضة يائير لبيد طالب الحكومة بعدم مخالفة القانون، وقال: “هذه الحكومة ستفقد الحق في مطالبة الجمهور بإطاعة القانون و”إسرائيل” ستدخل في أزمة دستورية غير مسبوقة”.
وقالت رئيسة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي: “من المؤكد أن قرار المحكمة صعب على العديد، لكن يتوجب على اليمين واليسار احترام الحكم”.