تقدير سياسي اسبوعي: انقلاب القصر انجازات تتراكم ..هل يسبق الانفجار ؟ ماذا عن التوجه شرقا..؟؟

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

في المعطيات الواقعية ومسارات الاحداث؛
تحولت موسكو الى محجة الساسة والزعامات اللبنانية فاستضافت وفدا من حزب الله وتقرر فتح مكتب تمثيلي للحزب في موسكو ثم زارها الرئيس المكلف سعد الحريري وتحدث هاتفيا مع الرئيس بوتين وحط فيها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل واتم حجه بمؤتمر صحفي وبمقابلة مع الفضائيةrt سجل فيها مواقف لافته فطغت زيارته على سوابقها.
تحول ملف التدقيق الجنائي من تكليف شركة عالمية لم يتعامل معها حاكم المصرف والجهات المعنية بما يوفر لها التدقيق الى ساحة القضاء اللبناني وتقدمت القاضية عون بجرأتها وتصميمها لتضع يدها على داتا التحويلات النقدية لشركة مكتّف وبدا قضاة نظيفي الكف ومتحررين من سطوة مافيا المنظومة بتحكيم القوانين وخبرتهم وعلومهم واطلاق احكام بحق اصحاب ورؤساء مجالس المصارف ووضع اشارات الحجز على املاكهم ما اضطر مدعي عام التمييز الاستجابة لطلبات القضاء السويسري بحق حاكم مصرف لبنان وشلته فختم مكتب اخيه بالشمع الاحمر.
وبعد شد ورخي في مسالة مرسوم الحدود البحرية الذي وضع اشارات استفهام حول وطنية وسيادية المنظومة واحتمال تفريطها بالسيادة والمتاجرة بحقوق لبنان لحماية الكراسي والزعماء، كان في اطلالة متلفزة طالب الوزير باسيل بتفاوض سياسي مع اسرائيل والاتفاق على تقاسم منتجات الغاز في بلوكات جنوبية اعتبر كلامه دعوة علنية للتطبيع ودفعة مسبقة استجابة للضغوط الامريكية لإسقاط اسمه من العقوبات وكترشيح لرئاسة الجمهورية الامر الذي نفاه من موسكو.
في البيوتات والصالونات السياسية والاعلامية تسري معلومات عن حوارات دولية واقليمية لتأهيل المسرح اللبناني لاستدعاء تدخل فتلزيم لبنان لسورية مرة جديدة باعتبار الطبقة والمنظومة عاجزة ولا احد يهتم للبنان وازمته بينما نشاط مافيا التهريب والتوترات الامنية المتصاعدة تؤشر الى احتمال تحول لبنان الى فوضى مضرّة للجميع في زمن اشتداد الصراع بين امريكا واوراسيا والنشاط اللافت للدبلوماسية الروسية في ملفات الشرق وازماته من ليبيا مرورا بالخليج والنووي الايراني وصولا الى افغانستان التي بدأت ادارة بايدن سحب قواتها منها التزاما بمشروع ترامب الانسحابي على غير ما جاءت ادارة بايدن لمعارضته.
الملف النووي الايراني تسير مفاوضاته في جنيف على الاجندة الايرانية وشروطها وجاء تسريب ظريف بمثابة ضربة قوية للتيار الاصلاحي المتأمرك عشية التحضير للانتخابات الايرانية التي باتت كفتها تميل لصالح المتشددين ” الخامنئي والحرس الثوري”، يعزز من نفوذه وفرصه ويؤكد التغيرات البنيوية والاستراتيجية في توازنات القوى .
تصريحات واجراءات لافته لملك البحرين والسعي لعودة العلاقات مع ايران والافراج عن المعتقلين الشيعة ، ومثلت مقابلة محمد بن سلمان على فضائية سعودية رسمية ودعوته ايران للتفاوض وامنياته لخيرها بعد اخبار التفاوض السعودي الايراني في بغداد ومفاوضات سرية ايرانية امريكية في بغداد ايضا.
على خط مواز للأحداث والتطورات الكاشفة لانقلاب ميزان القوى في الشرق والعالم نجحت ايران بصد التحرشات الاسرائيلية وكسبت حرب السفن والحرائق والحرب السيبرانية، ووقع شرود الصاروخ السوري من منظومات الدفاع الجوي سام ٥ وانفجاره بالقرب من مفاعل ديمونا وقع الصاعقة على الرؤوس وانذر بالنار نتنياهو بضرورة وقف التحرشات وفشل استراتيجية المعارك بين الحروب واعلن الصاروخ ان سورية وحلفها وبموافقة روسية اصبحوا في جاهزية للاشتباك والحرب.
وخسرت اسرائيل حرب التطرف والمستوطنين على بيت المقدس والمقدسيين الذين هبوا واسندوا من فلسطينيي ٤٨ وكسروا ارادة اسرائيل واضطروها لوقف الاعتداءات وسحب الحواجز من القدس القديمة ولعبت غزة ومناوشاتها الصاروخية وتهديدات الفصائل دورا محوريا في حماية الهبة المقدسية التي تشكل نذر لانتفاضة ثالثة ستتحول سريعا الى السلاح ان حصلت، وتتعزز فرصها بدخول الاردن حقبة التوترات والاضطرابات وانكشاف ازماته التكوينية كلبنان ونظم سايكس بيكو التي لم تنفجر بعد.
ومازال نتنياهو يتعثر في تشكيل الحكومة بينما الخيارات تراوح بين انقلاب سياسي مدعوم من الخارج والدولة العميقة للإطاحة بنتنياهو او انتخابات خامسة لطرده من الحلبة السياسية الاسرائيلية وتأهيل اسرائيل لصفقة تسوية تعيد الجولان لسورية وتحقق انسحابا لحدود الرابع من حزيران في الضفة استجابة لشروط الاسد الاب والاسد الشاب وستجدد له سوريا رئيسا قائدا مفوضا .
فالأرجح الا يشكل الحريري حكومته والا تتوحد المنظومة وتعيد انتاج توافقاتها وحكومات لم شملها وبات من غير المستبعد ان يعتذر الحريري فقد انكشفت مبادرة ماكرون على خواء القوة وتمظهرت كظاهرة صوتية وعراضة بلاغات لفظية وحركات جسد، وقد اصيب الحريري باليتم السياسي فالأب السعودي طرده وفرض حظر على لبنان ومنتجاته وامه” الكتلة الشيعية” تفككت ولم يعد لها مصلحة بتبنيه وشارعه السني انفض عنه وزياراته ربما لترتيب مستقبله العائلي والاقتصادي ومن غير المستبعد ان يحقق الوزير جنبلاط وعده وامنيته بالتقاعد السياسي والتفرغ لهواياته في باريس او واشنطن، والقوات اللبنانية ليست بأفضل حال، اما النواب والفاعليات فستجد طريقة للتكيف كما رموز ونواب المستقبل فغالبهم كان محمولا على اكتاف السوري وقد يحاول العودة والاعتذار، سبق ان فعلها جنبلاط ” لحظة التخلي”،.
على نتائج هذه الواقعات والاحداث تتعمق الازمة في لبنان . ليصير السؤال؛ هل ستنفجر الازمة بعد عيد الفطر لحظة وضع قرار الحاكم برفع الدعم موضع التنفيذ؟ ام ينجح تحالف حزب الله عون بتعديل موازين القوى في السلطة والنظام ويتحولون الى الشرق؟ وماذا عن التدخل السوري ان اصبح الخيار والملاذ الوحيد؟؟
التحليل؛
تصل بنا التطورات والاحداث الى الخلاصات التالية؛
1- في اذار ٢٠٢١ هزم فريق من الطبقة عندما جمع قواه وراهن على الشارع فافشله الشارع لأنه اكثر ذكاء من اركان المنظومة وفصائلها والعابثين بثورة ١٧ تشرين من المراهنين على الخارج وثوار السفارات والngos والانتهازين وثوار الواتس اب ونكاياتهم فالمنطقي ان ينتج الفعل رد فعل يزيد عنه، فتمكن تحالف عون حزب الله من التماسك وادارة وتأمين القاعدة الاجتماعية بالحاجات الاساسية ومحاولة الشروع عبر نفوذهما في القضاء واجهزة الدولة بإنفاذ انقلاب مضاد وبدأت حملة القضاء على المصارف والحاكم ومهربي الاموال تحقق نتائج وقد تستهوي المزيد من القضاة للانخراط بها ومن غير المستبعد انضمام نواب ومدراء عامين وموظفين كبار طلبا للحماية ونكاية بالأخرين، وهذه عادة لبنانية في الانقلابات والتقلبات فذاتهم من كانوا مع سورية وعاشوا على اكتافها انقلبوا عليها وغدا سينقلبون لها .
2- برغم ضعف تحالف عون حزب الله في النظام والمؤسسات وهامشيتهم ” سحب صلاحيات القاضية عون مثالا” الا ان ميزان القوى الميداني والاقليمي بدا يترك اثارا ويتحول وسيتحول الكثيرون اليه ما يسارع في كشف الفريق الاذاري المهزوم وتتراكم خسائره وتضعف قدراته ما قد يمكن تحالف عون حزب الله من الامساك بالدولة واقالة حاكم المصرف واعادة هيكلة القطاع المصرفي وتسريع خطوات التحول شرقا وقد اصبح شعارا لعون يردده باسيل؛ السوق المشرقية المشتركة.
3- جل المعطيات والتحولات الاقليمية والدولية تصب الماء في طاحونة تحالف عون حزب الله وتعري وتكشف التحالف الاذاري وتضعفه وتثبت مقولة ان امريكا والاطلسي واسرائيل في حالة تراجع وانسحابية وكل من توهم وراهن عليهم سيدفع الثمن خسارات فادحة.
4- عودة الحديث والتسريبات والكلام الذي سيق بقلم الباحث قاسم قصير ومن ثم تغريدة الاعلامي جان عزيز واسع الاطلاع والخبرة في النخبة اللبنانية المسيحية غير المنقطعة عن الادارات الغربية ومراكز قرارها وتفكيرها عن استدعاء دولي واقليمي لسورية لتعود وتدير الازمة اللبنانية وتضبطها كما ورد في تقرير مركز كارنجي وقد سبق للباحث الروسي نازاروف ان كتب مطولا ووصل لذات الغاية قبل اشهر، ذات ما قلناه على الفضائيات ووقعنا عليه بالصوت والصورة من ان الانفلات والفوضى ستستدعي السوري بتفويض وتكليف امريكي اوروبي عربي واقليمي.
فالتوازنات المحلية والاقليمية والدولية بدأت تتفاعل ويتحول جديدها الى فاعل مقرر في الشرق وفي لبنان والميزة ان لبنان سيكون جائزة ترضية للمنتصر “هكذا يتصرف الامير محمد بن سلمان” واخذت تنحسر فرصة اللبنانيين لإنتاج حلهم اللبناني عندما كانت حواصل التدخلات الخارجية صفرية فباختلال التوازن في غير صالح المنظومة وفريقها الاذاري يجعل التحولات اللبنانية الاتية متسارعة.
ايهما يسبق الانفجار ؟؟ ام هيمنة ثنائي عون حزب الله..؟. ما شروط العودة السورية ومتى؟؟
الاحتمالات؛
الأول : الانفجار الاجتماعي والفوضى بتوحش يرجحه حتى اللحظة قدرة المنظومة على المقاومة وامتلاكها ادوات التفجير ورهاب فرقاء فيها من خطورة الانعطافة شرقا التي ستجعل لبنان محمية سورية-روسية-ايرانية والسوري اذا استعاد نفوذه عبر الثنائي عون حزب الله او بتفويض دولي واقليمي سيثأر من قوى وزعامات لبنانية يعتبرها قد جاوزت كل مسموح وكسرت معه نهائيا عندما تورطت بالدم السوري والمرتهبون من الثأر السوري لا شيء يمنعهم من خيار شمشون.
هذا في الخيارات السياسية واما في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية فالكتلة المحورية للنخبتين الاقتصادية والسياسية الثقافية والاجتماعية هي متغربة ومتأمركة وقد يكون افضل لها الانهيار على التحول شرقا ولهؤلاء عناصر قوة ومفاتيح في الدورة المالية والاقتصادية والاعلامية ولن تسلم لثنائي عون حزب الله بسهولة ويسر وبكل حال فهذا الاحتمال مداه الاقصى نهاية ايار ورفع الدعم وما يتقرر عمليا بنتائجه.
الثاني : سيطرة متدرجة للثنائي عون حزب الله على الدولة والمؤسسات وازاحة الفريق الاخر لتهميشه واضعافه وفتح ملفات الفساد وتهريب الاموال وتفكيك وتصفية نفوذهم في الدولة واعادة تكييفها على قواعد مشرع الشرق وإزاله هيمنة التغريب وهذا الاحتمال وان كان له حظوظ وبدأت تتراكم عناصره الا ان مخاطر ان يسرع من الانفجار وربما جولات عنف تظل ممكنه ولها الرجحان فليس بتاريخ المنظومة ان قبلت المنظومة جديدا عليها وفي صفوفها الا بعد جولات عنف كما في احداث ال٥٨ وفي الحرب الاهلية تمهيدا للطائف و٧ ايار كتمهيد للدوحة فان تمر الامور بسلاسة وسلام وبلا فوضى او جولات عنف مستبعد وسيكون مؤشر على جديد في لبنان وانتظامه ومنظومته المحكمة.
الثالث : استدراج التدخل السوري الروسي؛ وان كانت له الكثير من المؤشرات والشروط التي تتسارع النضج في البيئات الاقليمية والدولية وتوازناتها واهمية لبنان الجيوبوليتكية الا ان البيئة المحلية لم تنضج من جهة وسورية نفسها ليست مستعجلة فهي مأزومة ومازال ثلث مساحتها خارج سيطرة الدولة وليس في لبنان المنفجر ما يغريها، ولن تقبل اي استدعاء او تكليف ولن تعيد انتاج تجربتها السابقة واخطائها.
فالتجربة والعقل السوري يجب ان يكون الاستدعاء لبناني ومن كتل اساسية وذات وزن وفاعلية وان كان بري وفرنجية وبعض ٨ اذار يرحب الا ان عون وحزب الله لا يستسيغونه وسيكونون ممتعضين وسيحاولون الحؤول دونه، والفرقاء الاخرين سيرفضون ويحاولون بشتى الوسائل والطرق منعه، ولما كانت الازمة بلغت ذروتها والنظام افلس والكيان فقد وظائفه والدولة في حالة تراخ وتحلل واشتباك داخلي فحالة القضاء خير دليل والمؤسسة العسكرية والأمنية في حالة عوز وخطر التفكك والانهيار، وبطبيعة السوري يرغب الدخول على انقاذ المنظومة والنظام فقد تترك الامور وتجري المماطلة حتى تنضج ظروف الفوضى وتحل لتسيطر لأسابيع وتختبر عمليا فرص تمكن الدولة او عجزها عن احتواء الفوضى ويتجسد خطر فوضى لبنان على اسرائيل واوروبا والمصالح الامريكية في لبنان والاقليم فتذهب زعامات وفاعليات الى دمشق تطلب وترجوا العودة على ان تبادر السنية اولا ويعقبها الاخرون ومن غير المستبعد ان تشترط سورية قانون من مجلس النواب والجهات الدستورية المعنية تلافيا لتجربتها السابقة عندما تدخلت بطلب من قادة الجبهة اللبنانية ثم انقلبوا عليها.
بكل حال ان سارت الامور الى هذا الاحتمال او لاحت فرصته، سنحتاج الى الكثير من التحليلات والتقديرات لمعرفة ما سيكون. فسورية بشار الاسد غير التي كانت وسورية بعد الحرب العالمية العظمى التي تخرج منها منتصرة غيرها التي كانت في ١٩٧٦ ومبادرة الاسد الاستراتيجية حينها.
في الحاصل فاحتمال الفوضى والانفجار مازال الاكثر رجحان وان تم يستولد محاولة حسم من ثنائي عون حزب الله ما يعزز الفوضى والحاجة الى راع اقليمي ليس في الافق سوى سورية وما سيكون لها من شروط قاسية وقبضة فولاذية ومشروع اعادة هيكلة النظام والدولة ووظائف الكيان اقله بوضع الطائف موضع التطبيق التام وليس ببعيد تأسيس شروط قيام دولة اتحادية او فيدرالية بدا التحضير لها بشعار السوق المشرقية الواحدة.
من عامود لعامود يفرجها الرب المعبود…
فمن اسبوع لأسبوع تتغير المعطيات والاتجاهات وسيكون لنا تقرير سياسي نتناول فيه اخر المستجدات والسيناريوهات المستقبلية في لبنان والاقليم والعالم.
دمتم والله يحمي لبنان من بعض اهله.

Exit mobile version