تصريح عمر معربوني ل ” بوست سوري ” حول الغارات على سورية .
خاص بوست سوري – إليان سلام
استيقظ السوريون اليوم على وقع الغارات الجديدة والمتكررة التي تقوم بها إسرائيل ضد مواقع للجيش السوري، او حتى لحلفائه الإيرانيين أو حزب الله، وتكرر السؤال في أذهان الجميع إلى متى يتم الاحتفاظ بحق الرد؟ أليس ما يجري هو بمثابة حرب، فالغارات والضربات باتت تنفذ بشكل دوري ومكرر بشكل متقارب.
مع بداية توارد المعلومات نجد ان الضربات الأخيرة على دير الزور والبادية السورية، قد تم تنفيذها بالتنسيق مع الولايات الأمريكية المتحدة، وهو امر غير مفاجئ كما يرى البعض، فقد تم الترويج له عبر منصات إعلامية خليجية منذ عدة أيام، كما أن عمليات الاستطلاع الإسرائيلية، بتعاون امريكي كانت مكثفة خلال الأيام الماضية، حيث اخترق الطيران الجوي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية عدة مرات بمهمات استطلاعية كما تبين.
وبالنظر إلى الأهداف التي تم استهدافها ، وإلى اتساع رقعتها ،نجد أن القوات الإيرانية الحليفة للجيش العربي السوري، هي أكثر المواقع استنزافا، فهل يعتبر هذا الهجوم تنفيذا لتهديدات ترامب الأخيرة بمهاجمة إيران، ولكن تم عبر و على الأراضي السورية؟ وكيف سيتصرف محور المقاومة تجاه هذه الاعتداءات السافرة على قواته؟
كل التفاصيل الخفية والتوضيحات، والإجابات يطلعنا عليها الباحث في الشؤون السياسية و العسكرية عمر المعربوني:
بداية أود أن ألفت أن المواقع التي تم استهدافها اليوم فجرا في منطقة دير الزور هي مواقع ترتبط بمنظومة القيادة والسيطرة ومنظومة الاستطلاع و الآمن، فقد استهدف الكيان الإسرائيلي صباحا مقر الأمن العسكري في دير الزور، إضافة إلى أحد المقرات الأساسية لحلفاء الجيش العربي السوري.
اعتداءات الكيان الإسرائيلي مرتبطة بأصل المشكلة التي يعاني منها، منذ اكثر من ثلاث سنوات، فالمنطقة التي تم استهدافها هي عقدة سيطرة أساسية بين طهران ولبنان وهو خط الامداد الاستراتيجي بينهما، وبعد أول عملية ربط حدثت شمال شرق التنف، صرح سماحة السيد حسن نصر الله تصريحا أرعب إسرائيل حيث قال “الان بات باستطاعتنا استقدام عشرات ألاف .. بل مئات المجاهدين لخوض المواجهة المقبلة”.
وهو تصريح أرعب الإسرائيلي حيث فهم مقدار التحولات التي حدثت في سوريا، الامر الذي سبب له الذعر.
كما نرى وجود خلل كبير في ميزان القوى، بالإضافة إلى خلل بقواعد الاشتباك، فسلاح الجو الإسرائيلي تم تحييده عن المجال الجوي السوري، وهو امر له حساباته بالمواجهة الشاملة، خارج نطاق الغارات التي تحدث الآن، لأن الإسرائيلي يعمل على تثبيت مفهوم المعركة بين الحروب ، عن طريق الغارات التي تستهدف أسلحة نوعية وقيادات ومقرات ذات طبيعة علمية وقيادية، بديلا عن التفوق في ميزان القوى السائد سابقا، وعملية الربط بين الحدود السورية والعراقية.
فإسرائيل لا تريد الذهاب إلى حرب شاملة، وبنفس الوقت لا يمكنها ان تكف عن التعاطي مع الميدان السوري وتحولاته.
ولا يمكن أن نتجاهل أن تنفيذ الغارات يتم بتنسيق تقني متقدم، فهناك تكامل في منظومة المتابعة والتجسس، أي أن الولايات الامريكية المتحدة متورطة بهده العمليات التي يتم التنسيق لها باستخدام الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة المتقدمة وطائرات الاستطلاع، كما لا يمكن انكار دور الأردن الذي فتح اجواءه للطائرات المغيرة لمرورها لتنفيذ عملياتها في دير الزور، فضلا عن وجود العملاء والجواسيس على الأرض والتي تسهم بتحديد طبيعة ونوعية الأهداف.
اما عن الاحتفاظ بحق الرد، فالجدير بالقول أن المواجهة لا تقاد ولا تخاض بالعواطف، هناك حسابات دقيقة يتم اتخاذها ومتابعتها، كما أن وجود خلل في ميزان القوى، و خلل في قواعد الاشتباك، هو امر يعود لمصلحة سوريا ومحور المقاومة، لكن الأمور عموما لم تصل لمرحلة الجهوزية لـ المواجهة الشاملة، هذا على المستوى العسكري.
اما على المستوى السياسي و الإقليمي والدولي حقيقة هناك مواجهة كبيرة جدا, لكن سوريا والمحور يحرصان على ان يكونا بموضع الدفاع لتبرير الدفاع بالبعد السياسي، فإقدام السوري على السلوك الهجومي المضاد سيضع الأمور في أماكن غير مرغوبة بالمواجهة القادمة.
أما عن الاستنزاف الإيراني والسوري : بالمتابعة نرى أن كل الغارات الإسرائيلية تحدث أضرارا بالمواقع المستهدفة فعلا، لكن دون تغيير في الخط البياني المتصاعد في ميزان القوى، ولم تحدث أي تغيير جديد في قواعد الاشتباك، اما عن غارات اليوم فهي حدثت ضمن مناطق لا يوجد فيها أي دفاع جوي، وهو امر مريح للإسرائيلي، لكن لا يمكن الحديث عن خسائر لا تتجاوز البعد الموضعي، والتي يمكن ان تؤثر بطبيعة الاشتباك وموازين القوى.