مقالات مختارة

ترهل الحلول… ونفاق بالجملة

مبارك بيضون | مركز بيروت للأخبار

طار الحوار وانتفضت الناس من جديد على وقع الأزمات المتتالية، فعادت دعوة نقابات المهن الحرة والاتحاد العمالي العام واتحاد النقل العام إلى الشارع في صورة ضبابية علها تغطي الطبقة السياسية الحاكمة، والمنظومة المنتظمة تحت لواء الحكم الحاكم والمتحكم، بقيادة المايسترو رياض سلامة, فانقسم الشارع مرة جديدة تحت عناوين مختلفة فمنهم من عمل على قطع الطرقات بأوصال العاصمة ليلا، لمن تبقى من خلايا نائمة لـ 17 تشرين المنتظمة تحت لواء غرف سوداء منتظمة وغب الطلب، ضمن الإطار العام لثورة ملونة منقسمة حتى على نفسها في بعض الأحيان.

مشهد يكرر نفسه، فالمنظمون لهذه التحركات باتوا معروفين التوجه والاملاءات التي تملى عليهم من خلال بيئة يرأسها أصحاب المنظومة السياسية المتواجدة والحاكمة، اذ ان الحركة الخجولة ليلا أضحت منضوية تحت شعارات كانت بدايتها 17 تشرين وانقسمت هي الاخرى على نفسها متمثلة بما يسمى الـ NGOs ، التي تحركت ليلا دون جدوى مثلها مثل الحركة الصباحية، كلا الحركتين تعبّر عن فشل سبق فشل الحوار بعد مشاورات وجدل بيزنطي أحاط تلك الأجواء التي لم يفلح اهل الحكم على تدوير الزوايا والعمل على السماح لحكومة الرئيس ميقاتي بالانعقاد وترك الملفات الشائكة جانبا لتخطي الأمور العالقة، ولا سيما القضائية منها المتمثلة بالتحقيق في انفجار المرفأ وتداعياته المتعلقة بالقضاء المنقسم على نفسه أيضَا.

في مقابل انقسام حاد واصطفاف قضائي حول جبهة أخرى متمثلة بالهجوم على حاكم مصرف لبنان، والذي ادى بدوره أيضا الى النتيجة عينها. وفي نهاية المطاف كل تلك المشاهد وما سبقها وما لحقها ما هي إلا إثبات للفشل على كل المدرجات التي من شأنها تذليل العقبات الاساسية المتمثلة بعودة الحكومة الى الاجتماع ومنها الدعوة الى مناقشة موازنة 2022 لتحاكي بدورها مطلب صندوق النقد الدولي وهو شرط من الشروط الأساسية للوصول الى فسحة أمل علها تخرج البلاد من التخبط السياسي الداخلي الحاد.

اذا، كل ذلك ما هو إلا زوبعة في فنجان يتراقص مع ما ستؤول اليه الظروف الخارجية والتي لعبت دورا أساسيا في تعطيل كل المبادرات الخارجية والتي من شأنها ان تعيد الوضع الى السكة الصحيحة، دون عناد من الافرقاء، وبات معروفًا بأن أي قرارات من شأنها ان تتخذ بحق بعض الموالين يسارًا او يمينًا، ستؤدي الى ما لايحمد عقباه، فجميعهم على مفترق طرق البعض منها غامض حتى الساعة، وجميع الطرقات المؤدية إليه مقطوعة حتى الساعة.

أما الحقيقة التي تختبئ ورائها كل المكونات والاطياف، فهي لم تعد قادرة على أية حلول، لأنها هي بحد ذاتها أساس الأزمات، ونتيجة هذه التباينات لم يعد باستطاعة أي من العرابين وخصوصا في الداخل العمل على إيجاد حل كون المشكلة تكمن فيهم، كما باتت أغلبية المؤسسات الرقابية معطلة بما فيها القضائية وغيرها من هيئات التفتيش المركزي وتوابعها.

كما يبدو أن الواقعة قد وقعت والجميع بات يعد الخسائر، ومتهم وصلاحياتهم أصبحت غير نافذة، بانتظار انتزاع حكم منوط بحاكمية حكمت وتحكمت ولتصبح صالحة لاتخاذ قرارات تلجم من استحكموا بالعباد والبلاد. وقد نكون بحاجة الى عصا سحرية تطيح بكل هذه المنظومة وحتى إشعار اخر تبقى المبارزة مفتوحة وفي داخلها التلاعب في العملة الوطنية مقابل الدولار الأمريكي والعمل على استنهاض الملفات الساخنة والتي تخنق وتضرب ما تبقى من طبقة بدأت تنحو باتجاه الفقر المميت والحاجة اليومية للقمة العيش المرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى