الدكتور حسن أحمد حسن | باحث سوري مختص بالجيوبوليتيك
عندما يكون الحوار مباشراً مع الأمريكي نفسه، ويتم دحض كل ما يتم تسويقه من أباطيل يكتسب الجو نكهة ذاتية، وبخاصة إذا كان المحاور الأمريكي من الحزب الجمهوري، أي ممن يطلق عليهم “الصقور”، فيظهرون على حقيقتهم الهشة بحجج واهية، ولا تفلح الابتسامات الصفراء التي يفتعلونها على وجوههم أن تخفي عمق الإحساس بتآكل عوامل الهيبة التي كانوا يفرضونها على العالم أجمع، ومدى ما يخلفه ذلك من افتقاد للقدرة على إقناع الآخر كائناً من يكون هذا الآخر إذا تم الاحتكام إلى العقل والمحاكمات المنطقية، فضلاً عن التناقضات الصارخة التي تظهر جلية في أقوال أولئك ضمن جلسة الحوار الواحدة..
دعوة من القلب إلى كل من يستمتع برؤية الأمريكي وهو يتجرع مرارة الإحساس بالعجز عن تقديم رواية مقنعة لمتابعة هذه الحلقة النوعية والشفافة من برنامج “مع الحدث”، وقد أدار فيها الحوار الإعلامي المتمكن الأستاذ محمد بيشكر بين ثلاثة ضيوف:
الدكتور محمد مرتضى في الأستوديو من بيروت، والسيد آشلي أنصارا عضو الحزب الجمهوري الأمريكي من واشنطن، والدكتور حسن أحمد حسن من دمشق.
موضوع الحوار: الهجوم على القاعدة الأمريكية في التنف.
التاريخ: 21/10/2021، وفيما يلي مضمون الحوار، وأهم الفقرات والأفكار:
الأستاذ محمد بيشكر: شكل الهجوم على قاعدة التنف العسكرية الأمريكية في سورية نقطة تحول في مسار المواجهة مع الاحتلال الأمريكي والاعتداءات الإسرائيلية على سورية، وفرض معادلة ميدانية جديدة قد تكون بداية لمرحلة فاصلة في معركة دمشق لتحرير أراضيها، فأية أبعاد عسكرية وإستراتيجية للهجوم على قادة التنف العسكرية الأمريكية؟ هل هو بداية لمرحلة المواجهة المباشرة مع الاحتلال الأمريكي في سورية؟ وكيف سيؤثر على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضيها؟ وما الخيارات المتاحة أمام واشنطن بعد الاعتراف بالهجوم على قاعدتها؟.
السؤال الأول للدكتور محمد مرتضى في الأستوديو: إذا أردنا أن نضع هذا الهجوم في سياقه الاستراتيجي، أو البعد الاستراتيجي له، هل يمكن القول إن هذا الهجوم كرس معادلة المواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال الأمريكي في سورية؟
د. محمد مرتضى: بعد تحية المذيع والضيوف والمشاهدين.. اعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن معادلة جديدة.. باعتبار أن المعادلات عندما تطرح ينبغي أن تطرح كاملة بمعنى أن عملية الردع ينبغي أن تكون كاملة لأي عملية اعتداء على الأراضي السورية، سواء أكان من الأمريكي أم من الإسرائيلي، لكن يبدو أن مكتب حلفاء سورية ـ طبعاً بالتنسيق مع سورية، فهي الأساس ـ نظروا إلى ما حدث في موضوع الغارة التي قامت بها طائرات إسرائيلية جاءت من الأردن بحماية وتغطية أمريكية، ومن فوق قاعدة التنف وبالتنسيق معها.. نحن نعلم أن الإسرائيلي دائما يقوم بالغارات بين الفينة والأخرى.. هناك يبدو هامش متفق عليه بين سورية وحلفائها: أي هذا الهامش من الغارات الذي يبقى محمولاً ليس بالضرورة الرد عليه، باعتبار أن هناك أولويات اليوم بموضوع الدخول بصراع مفتوح مع الأمريكي أو مع الإسرائيلي، وخاصة أن الأولوية اليوم لتحرير ما تبقى من الأراضي تحت الاحتلال التركي أو غيره.. ما حدث في الغارة الأخيرة بدا وكأنه تجاوز للحدود والخطوط الحمراء.. نحن لا نخفي سراً أن معظم الضربات التي تقوم بها “إسرائيل” هي على العتاد.. يعني ما تعتبره شحنة أسلحة، أو مخزن هنا، أو قاعدة تبنى هناك، لكن ما حصل في الغارة الأخيرة هو استهداف لمعسكرات فيها عناصر، وبالتالي من الواضح أن هناك محاولة للإيذاء وإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية، وعندما يتعلق الأمر بالخسائر البشرية لا يمكن أن يترك دون رد، لأن ذلك سيفتح الباب أمام تجاوزات أخرى، ومن هنا كان الاتفاق على أن يتم الرد، وقيمة الرد ليس فقط في توقيته وحجمه وما إلى ذلك.. هناك إجماع على أن من قام بالغارة هو الإسرائيلي بحماية أمريكية، لكن الحلف قرر الرد على الأمريكي وليس على الإسرائيلي.
ـ الأستاذ محمد بيشكر: سأفصل فيما تفضلت به دكتور، ولكن أود سؤال د. حسن حسن :
هل هذا هو الرد القاسي الذي تعهدت به غرفة حلفاء سورية من وجهة نظرك؟ وما أهمية هذه الضربة على المستوى العسكري؟
ـ د. حسن: بعيداً عما يتم تداوله في الإعلام نحن أمام واقع قائم يقول: هناك ضربة على قاعدة اسمها قاعدة التنف العسكرية التي تشغلها قوات أمريكية، وهي محتلة أمريكياً ويريدون فرض ما يسمى منطقة/55كم/.. العربدة الإسرائيلية لا يمكن لها أن تتم بدون علم أو مباركة، إن لم يكن بدعم أمريكي.. وأنا لا أريد التعامل وفق تسريبات إعلامية، بل وفق ما يثبت أنه واقع، وهذا الواقع أكد بأن الناطق باسم القيادة المتوسطة للقوات الأمريكية اعترف بأن هناك استهدافاً مباشراً لقاعدة التنف، وقد أنكر سقوط قتلى، وهذا يذكرني باستهداف قاعدة عين الأسد سابقا، وخروج المسؤولين الأمريكيين لينفوا أية خسائر بشرية، وتبين لاحقاً وجود العشرات من الجنود الذين يعانون من ارتجاج بالدماغ، وبعضهم ما يزالون يتبولون في سراويلهم… في نهاية المطاف هناك ما يسمى هيبة أمريكية كانت واشنطن تريد أن تفرضها وتعممها بالقوة والعربدة والسلبطة .. الخ.. وفق ما تم تداوله أنه تم استهداف أماكن إقامة الجنود والضباط، وأماكن العمل في الثكنة العسكرية، فهذه الصواريخ عندما تصطدم بالأرض لا تبقى بدون أثر.. لكن لندعهم يكابرون ويماطلون ويحاولون تجرع مرارة الرد، ففي نهاية المطاف هناك صفعة مؤلمة لمن سوَّق نفسه بأنه شرطي العالم.. متى كان المسؤولون في الولايات المتحدة الأمريكية يقولون إنهم يحتفظون بالرد في الزمان والمكان اللذين يرونهما مناسبين؟.. هذا تبدل حقيقي جديد، وقد لا يكون ملموساً، وهو حاصل على أرض الواقع بشكل رسمي ومعلن، لكن النتائج التي يعلن عنها قد لا تكون دقيقة، وعندما تتم قراءة مضمون تصريح الناطق باسم القيادة المتوسطة فهذا يشكل علامة استفهام يجب التوقف عندها..
الأمر الآخر أنا لا أدري لماذا الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها يؤكدون بالسلوك والأفعال أنهم في تقهقر وفي انحسار وأن قوتهم في تآكل، وأن الهيبة الأمريكية لم تعد موجودة، ومع ذلك ينبري بعضهم ليسوق أن كل هذه الهزائم الأمريكية تكتيكات ضمن استراتيجية، كما تم الحديث عند الانسحاب المذل من أفغانستان، وتصوير ذلك على أن غاية واشنطن منه خلق الفوضى في المنطقة.. نعم واشنطن تريد أن تخلق الفوضى سواء أكانت موجودة، أم غير موجودة.. لو كان بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية تحمل تكلفة الاستمرار في أفغانستان أو في العراق أو في سورية لما ترددت في البقاء، لكن كل ما في الأمر…
الأستاذ محمد بيشكر: سأعود لمناقشة كل ما يتعلق بهذا الأمر وأرحب الآن بالدكتور آشلي أنصار من واشنطن: فعلاً أحسسنا بأن الرد الأمريكي على ذلك الهجوم لم يكن ذاك الرد القوي.. يعني سنرد بالزمان والمكان المناسبين، واقتصر الأمر على قيادة المنطقة الوسطى لا غير.. ما تقديرك لهذا الهجوم؟ ولماذا هذا الفتور إذا جاز التعبير بردة الفعل؟
ـ السيد آشلي أنصارا: هو لا يوجد ردة فعل حالياً من الولايات المتحدة على الإطلاق.. هو الهجوم الذي حصل على قاعدة التنف تم بالدرون.. ما فيه أي جرحى ولا وفيات في صفوف المئتي جندي أمريكي الموجودين في القاعدة.. الأرواح ما زالت موجودة، ولم يمت أحد في الهجوم.. وجهة نظر الحكومة الأمريكية هي تريد الخروج من المنطقة بأكملها، وليس لقاعدة في سورية أو قاعدتين في العراق أن تحدد مصير أمريكا في منطقة الشرق الأوسط.. في العراق يوجد حوالي /2500/ عنصر أمريكي، وفي سورية يوجد حوالي/900/ عنصر منهم /200/ في قاعدة التنف.. الهجوم ليس كبيرا، واعتقد أن الحكومة الأمريكية سوف تصبر قليلاً لتجد من هو الذي قام بالهجوم بالطائرات المسيرة.
ـ أستاذ محمد: يعني هل ترى دكتور بأن واشنطن لا ترى بأن هذا الهجوم يشكل خطراً على القوات الأمريكية هناك؟ ولا ترى أن هذا الهجوم يمكن أن يكون باكورة هجمات أخرى؟ ألا تستشعر خطراً من مثل هكذا هجمات؟.
د.آشلي: على الإطلاق.
أستاذ محمد: فيما يتعلق برد الفعل لماذا لم يصدر شيء عن وزارة الخارجية أو البيت الأبيض حتى الآن على الأقل، حيث اقتصر الأمر على البنتاغون.
ـ د. آشلي: طلع منشور من البنتاغون، وطلع الخبر على محطات والنيوز ميديا وكلهم ذكروا هذا الموضوع، ولكن لا أخطار ولا خسائر أو ضحايا، وبالتالي رد الولايات المتحدة سوف يكون بسيطاً، وبالتالي حتى ما يكون فيه رد على الإطلاق.. لا أظن أن أمريكا سترد على الأمر، لأنه لم يتم تنفيذ هجوم حقيقي سافر على القاعدة، بل بالدرون، وعادة يكون ذلك من قبل ناس متابعين، والدرون الذي طلع على القاعدة تقريباً صناعة إيرانية، وفيه الكثير من أفراد / حzب ال ل ه/ امتلكوا هذا الدرون واستعملوه ضد ” إسرائيل” لا اعتقد سيكون هناك أية ردة فعل ستحصل بخصوص هذا الموضوع.
ـ الأستاذ محمد بيشكر موجهاً السؤال للدكتور محمد مرتضى: هذا التخفيف من وطأة الهجوم، هل توافق عليه كما وصف الدكتور أنصار؟
ـ الدكتور محمد مرتضى قدم جواباً واضحاً وغنياً وشافياً ويمكن للمهتمين متابعة كامل اللقاء بالصوت والصورة بالضغط على الرابط المذكور أدناه.
ـ الأستاذ محمد بيشكر” دكتور حسن هل توافق على الأبعاد الأربعة التي طرحها الدكتور مرتضى؟ ثم أريد منك على المستوى العسكري بيان أهمية أو رمزية هذه القاعدة، وخاصة أنها تقع جغرافياً في المثلث الحدودي: الأردني ـ العراقي ـ السوري، وكما قال د. مرتضى هي قد تكون ملجأ أو مركز تدريب لبعض العناصر المسلحة التي تقاتل الجيش العربي السوري والحلفاء؟
ـ د. حسن: بشكل عام طالما أن د. مرتضى من نهج/ ا ل م ق ا و م ة/ فالأمر الطبيعي ليس فقط أن أوافقه، بل أن أكون متطابقاً مع وجهة نظره، وأتمنى من ضيفك الأمريكي أن يسمعني بهدوء… أنا كنت سعيداً جداً بالجواب الذي قدمه.. بهذه اللهجة الهادئة.
ـ أستاذ محمد بيشكر: معروف الأستاذ أنصارا بهدوئه، يعني هذا الذي يلفت بشخصيته..
ـ د. حسن: بغض النظر عن الأسماء.. متى كان من يمثل الغطرسة الأمريكية.. العربدة الأمريكية .. العنجهية الأمريكية يقول: إنه لن يكون هناك رد، وأنا أريد أن أشكره، وهذا يؤكد ما تفضل به الدكتور مرتضى بأن الرسالة فعلاً قد وصلت، ولكن أود أن أسأله ـ وبخاصة أنه يبتسم ـ هو تحدث عن /200/ جندي أمريكي بقاعدة التنف، والسؤال : هؤلاء تحت أي عنوان موجودون هناك؟ هل تحت عنوان المساعدات الإنسانية، أم تحت عنوان محاربة الإرهاب أو داعش التي اعترفت القيادات الأمريكية هيلاري كلنتون وترامب وغيرهما بأنها صنيعة الاستخبارات الأمريكية؟. أريد أن أذكر ضيفك الأمريكي بأن الخط نفسه الذي سلكه العدوان الجوي الإسرائيلي كان هو المسار لداعش وغيره من الجماعات الإرهابية المسلحة في جميع الاستهدافات التي تمت في السابق..
النقطة الأخرى: من المتعارف عليه والمسلم به بأن قاعدة التنف هي مركز تدريب لتلك المجاميع الإرهابية المسلحة منذ أن أقيمت قاعدة التنف وليس فقط الآن، مرة كان اسمها النصرة، ومرة أخرى داعش وغيرها، ويأتي السيناتور الأمريكي .. يأتي المايسترو الأمريكي. يأتي اليانكي الأمريكي ليقول: إنه يريد أن يحارب الإرهاب.. يا أخي منشان الملائكة أنتم اتركوا أهل المنطقة بحالهم، فأهل المنطقة أولى بشؤونها، وهم الأدرى كيف يواجهون الإرهاب الذي أنتم خلقتموه.. من الذي منح الأمريكي جوازاً للسفر للوجود في التنف أو غيرها؟ وتحت أي عنوان؟ القانون الدولي، أم القيم الإنسانية؟… بأي حق وتحت أي عنوان؟.. إنه قانون السلبطة والعربدة والبلطجة فقط لا غير.. وصلنا إلى مكان لم يعد بالإمكان الاستمرار بهذه البلطجة، وهذا لا يعني على الإطلاق أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت ضعيفة فهي ما تزال الأقوى في العالم عسكرياً واقتصادياً، وتستطيع أن تفني البشرية عدة مرات، لكن هناك نقطة ضعف، وهم يدركونها، وهي أن أية مواجهة مفتوحة تعني تحمل تكلفة مترتبة على تلك المواجهة، وبخاصة التكلفة البشرية، وواضح أن المجتمع الأمريكي لا يستطيع تحمل نفقة الدماء، وبالتالي هو يريد أن يخلق في المنطقة واقعاً يناسبه بدون دماء… لاحظ في كل دول المنطقة: في العراق، في لبنان، في سورية، في جميع المناطق يريد خلق حالة من الفوضى، وبالتالي وكأنه يقول للجميع: إما أن تذعنوا لما أطلبه، أو أدخلكم في فوضى لا نهاية لها، أي القبول بالتفاوض معي وكما أريد، أو الفوضى بانتظاركم.. من الذي قال للأمريكي إن منطق: (إما ـ أو) يمكن أن يقبل به محور ال م ق ا و م ة؟.. هذه الثنائية الكارثية مرفوضة، ومحور الmقاwمة ابتكر مخرجاً منها وهو ما أشار إليه س م ا ح ة ال س ي د: إذا كان الخيار بين تسليم السلاح أو الموت جوعاً، فلن نلقي سلاحنا، بل سنقتل بسلاحنا من يريد أن يقتلنا جوعاً، ويخطئ كثيراً الأمريكي وكل أدواته إن كانوا يظنون أو يتوهمون أن بإمكانهم مصادرة إرادة الشعب السوري، أو أي شعب صاحب إرادة حرة وكرامة.
ـ الأستاذ محمد بيشكر: واضح السؤال، وسأؤجل السؤال حول أهمية قاعدة التنف جغرافياً وعسكرياً إلى السؤال اللاحق..وأريد أن انتقل إلى واشنطن لأسمع تعليق د. أنصارا على ما سمع، ثم من أين أتيت بأن واشنطن لن ترد، علماً أن المتحدث باسم قيادة المنطقة الوسطى قال: سنرد بالزمان والمكان المناسبين؟.
ـ د. أنصارا: أولاً الدكتور حسن حسن من وجهة نظره أن أمريكا هي التي خربت الشرق الأوسط، وهي التي خلقت الإرهاب، وأن أمريكا هيأت المجتمعات العربية، وبالذات في سورية والعراق ولبنان واليمن وخلافه لتدخل في مرحلة الفوضى وكانوا يسمونها الفوضى البناءة وللأسف لم تكن بناءة على الإطلاق.. يا دكتور حسن السياسة العالمية غير مرتبطة بالأردن أو العراق وسورية على الإطلاق.. هذه الدول تم لها نزيف عدة سنوات من الدم والشعوب والاقتصاد، وانهارت سورية والعراق وليبيا واليمن والسودان والصومال وخلافه وخلافه، انهارت تماماً.. يا دكتور حسن ما أراه أن هذه الدول لن تنمو على الإطلاق إلا إذا الشعب نفسه قرر أن يبني بلده بنفسه، ولا حاجة لأي واحد أجنبي سواء من أمريكا أو من روسيا أو إيران وخلافه.. أنا اعتقد أن هذه الحروب الموجودة في المنطقة لم تخلقها “إسرائيل”على الإطلاق، هي خلقت لأن الشعوب نفسها ضعيفة، والمبادئ السياسية والاجتماعية ضعيفة، وبالتالي كان فيه بؤرة فساد موجودة في داخل المجتمع، وتبلورت وكبرت وخلافه، سواء من أول ما صدام حسين راح الكويت، وبعدها حرب الخليج الأولى والثانية، والتدمير الكامل والشامل للمجتمعات.. بدها تاخد خمسين سنة لكي يبني المجتمع السوري وأكثر، وخمسين سنة ليبنى المجتمع العراقي.. أنا كمحلل سياسي موجود هنا في الساحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنا أحب العرب والشرق الأوسط، أنا أصلي مصري.. نعم موجود في أمريكان من /45/سنة، ولكي نكون واقعيين وصريحين الحل ليس موجوداً في واشنطن أو في موسكو، أو في أي منطقة أخرى، ولكن الحل موجود لدى الشعب عندما يتكاتف مع نفسه.
ـ الأستاذ بيشكر: دكتور أنصارا واضح كلامك تماماً، والفكرة التي تريد إيصالها وصلت، ولكن سؤالي لحضرتك: ماذا تفعل القوات الأمريكية في سورية والعراق وفي بعض الدول العربية والإسلامية؟. يعني إذا كانت الأمور تذهب إلى حد تقول إنه على الشعوب أن تتكاتف وأن تبني، فهل الولايات المتحدة تساعد في البناء، أم في التدمير؟.
ـ د. آشلي: لا يا سيدي بالعكس، هو بدأها صدام حسين المجنون لما دخل الكويت.. لا بد من النظر إلى البداية، لا تستطيع أن تحلل بدون معرفة الحقيقة.. الشرق الأوسط مليء بالتناقضات: سياسية واجتماعية ودينية.. تخلف سياسي، وتخلف اقتصادي.
الأستاذ محمد بيشكر: ولكن يا دكتور أنصارا القواعد الأمريكية موجودة قبل صدام حسين، وهل الوجود العسكري الأمريكي يساعد على البناء أو على التدمير؟ ولكي نستفيد من الوقت قل لي بوضوح: ماذا تريد أمريكا بقواتها العسكرية من سورية تحديداً؟.
د. آشلي: سورية ليست منفصلة عن الشرق الأوسط أبداً.. أوعاك تظن أن المرض الموجود في سورية هو سوري، فهذا المرض يتبلور بالتخلف الاجتماعي والسياسي في الشرق الأوسط، ودعني أقل لك أمرا: لدينا هنا في واشنطن قناعة أن الحكومة السورية حكومة بشار الأسد بدأت تعمل اتصالاتها المكثفة مع الأردن ومع العراق لإيجاد حل للمعسكر الأمريكي الموجود في التنف، واعتقد أن العراق والأردن وحتى مصر بدأت تدخل في هذا الموضوع.. الإدارة الأمريكية الديمقراطية تريد الخروج خارج الشرق الأوسط بالكامل.. يعني هم لا يريدون أي حاجة عسكرية موجودة في الشرق الأوسط خالص.
ـ الأستاذ محمد بيشكر: سمعنا هكذا أقوال من الكثير من المسؤولين، ولكن هل هذا ينطبق على سورية.. الانسحاب من سورية؟.
د. آشلي: نعم ينطبق .. بل بالعكس سورية في الوقت الحالي، وسأكون صريحا معك: سورية في هذا الوقت، والتحالف الروسي السوري الموجود في سورية هو تحالف مرتبط بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية عليه، الأمريكيين متفقين مع روسيا بخصوص سورية، وحل مشاكل سورية يقع في موسكو وواشنطن، إذا هم اتفقوا ليجعلوا هذه المنطقة منزوعة السلاح بالكامل، ويبدو الحكومة الشرعية السورية الحق الكامل لفرض سيطرتها على كل سورية، ورجوع الخمسة عشر مليون لاجئ الموجودين في أوربا وفي كل مكان في العالم يعودون، فلو أن أمريكا وروسيا اتفقتا فهذا يمكن أن يحصل.
ـ أستاذ محمد: يعني أفهم أن وجود القوات الأمريكية في سورية الآن سورية مرتبط بالحل السياسي.
ـ د. آشلي : بدون شك.. يا سيدي الوجود العسكري الأمريكي رمزي.
الأستاذ بيشكر: نحن لا نتحدث عن /200/ أو /900/ عسكري نحن نتحدث عن الوجود الأمريكي بشكل عام.. عموماً سأعود إليك… دكتور محمد مرتضى عندك تعليق على ما تفضل به؟.
ـ د. مرتضى: عندي مجموعة من الأسئلة، وصراحة أحببت الجو الذي وضعه الأستاذ يعني: شعوب تتحابب وتتعايش، وكأن المشكلة في هذه المنطقة أصبحت مشكلة شعوب، والولايات المتحدة ليس لها علاقة.. طيب: نتحدث عن بناء المجتمع، فلترحل الولايات المتحدة الأمريكية عن المنطقة.. نتحدث عن الفوضى البناءة: من الذي أطلق مصطلح الفوضى البناءة؟ الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يطلق مصطلحاً يعمل عليه، إذن هي التي كانت تعمل للوصول إلى الفوضى، وهي التي أطلقت على عملها الفوضى البناءة.. ثانياً الفساد: اليوم نحن نعيش في لبنان، ونعاني من الفساد.. رؤوس الفساد لديهم غطاء من الولايات المتحدة الأمريكية.. اليوم إذا ذهبنا إلى الأنظمة العربية سنجد أن أكثر الأنظمة فساداً وقمعاَ وظلماً هي الأنظمة المحمية من الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما نتحدث عن الحروب، وقد تفضل الأستاذ بالحديث عن الحروب، فهل حصلت هذه الحروب بالعصي والحجارة، أم بصواريخ وأسلحة؟ من أين تأتي هذه الأسلحة؟ من الذي موّل هذه الجماعات بالأسلحة؟ /25000/ سيارة دفع رباعي من نوع تويوتا موحدة ونفس اللون لداعش اشتروها دفعة واحدة وبصفقة واحدة.. من أين أتت هذه الخمس وعشرين ألف سيارة؟ هل كانت غائبة عن أعين الولايات المتحدة الأمريكية؟ ألم تأت من المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ولها فيها قواعد عسكرية؟…هذه الأسلحة من أين كانت تأتي؟… لو كانت هذه الشعوب تتقاتل بأسلحة بدائية نقول: المشكلة عند الشعوب، وأنها منقسمة ومشتتة ومفتتة، لكن هذه الشعوب التي تقاتلت فيما بينها حصلت على أسلحة، فمن الذي يغذي هذه الحروب؟ ومن الذي يشعل هذه النار؟
الأستاذ محمد يشكر: خاصة أنه اليوم إضافة إلى هذه هناك حروب اقتصادية، وهناك حصار وما شابه ذلك، ولكن ماذا عن سورية بالتحديد. يعني الاحتلال الأمريكي في سورية مرتبط بالحل السياسي كما فهمنا من د. آشلي؟.
د. مرتضى: هناك من يتحدث عن قاعدة صغيرة في التنف.. يا أخي سورية محتلة من الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً قبل أن تكون عسكرياً، وإلا ماذا يعني قانون ظالم ومجحف مثل قانون قيصر؟ هذا عمل إرهابي بكل معنى الكلمة، من قال بأن الإرهاب هو فقط القتل الجسدي؟. القتل المعنوي هو إرهاب، والقتل الاقتصادي إرهاب.. كل هذا إرهاب.. قانون قيصر قانون إرهابي بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. كل العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية هي عبارة عن أعمال إرهابية اقتصادية.. إرهاب اقتصادي.. ماذا حصل مع الجمهورية الإسلامية خلال فترة ذروة كورونا؟ منعوا عنها عن الدواء لمكافحة هذا الفيروس بكل صلف وكل وقاحة، فعن ماذا نتحدث؟.. نحن نتحدث عن دولة خارجة عن التاريخ تعتبر أنها فوق القوانين، وفوق كل شيء، ولا يمكن لأحد أن يحاسبها.. من هنا نجد هذا السعار الأمريكي عندما تجد أن هناك دولة كسورية بمقومات متواضعة، لكن بقيادة قوية، وبشعب قوي قالت للولايات المتحدة الأمريكية: لا، ومن هنا نجد الحملة القوية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأنها قالت للولايات المتحدة الأمريكية: لا، وكل منطقة، وكل شعب يقول للولايات المتحدة الأمريكية لا، سرعان ما نجد أن هناك عصابات ومجموعات إرهابية، وفجأة ينتشر داعش.. فجأة تنتشر مجموعات إرهابية بأسماء مختلفة، وقد سبق وتحدثنا أكثر من مرة قبل عودة داعش الأخيرة، وقلت من هذا المنبر: إن مراكز الدراسات الأمريكية ومنذ سنتين عندما كان داعش في الحضيض وانتهى، وهم يتحدثون عن عودة داعش، وقد كتبت آنذاك أكثر من مقالة وفي أكثر من صحيفة، وقلت: هذه ليست عودة لداعش، بل إعادة لداعش، فالتمهيد يحصل في هذه المراكز الأمريكية للدراسات التي تسوق له تحت عنوان: دراسة علمية وأكاديمية، ويتحدثون ببعض الكلام المنمق المتضمن أن هناك بعض البوادر وبعض العلامات والمعلومات التي تفيد بأن داعش يقوم بتجميع صفوفه، ألا هل يمر أسبوع أو شهر دون أن نسمع عن أن طائرة أمريكية هيلوكبتر ذهبت إلى منطقة الحسكة أو إلى المنطقة الفلانية والفلانية في مناطق سيطرة قسد، ونزلت على سطح أو باحات المساجد، فأخذت عشرة أو عشرين عنصر من داعش واختفوا.. إلى أين ذهبوا؟ اليوم ظهروا في أفغانستان، وقد قلت في إحدى الدراسات التي أصدرتها عام 2018 قلت أول ما انهزمت داعش: إن المخطط الأمريكي يتضمن التالي: على العناصر الداعشية أن تقاتل حسب الجنسية، يعني إذا كان المنتمي إلى داعش سوري الجنسية يبقى في سورية، والعراقي يبقى في العراق، وباقي الجنسيات تذهب إلى أفغانستان.
ـ الأستاذ بيشكر: على كل دكتور حسن بغض النظر عن التصنيف الآن لما تريده الولايات المتحدة الأمريكية من سورية، هل ترى بأن الهجوم على قاعدة التنف جاء كباكورة لهجمات متلاحقة، أو مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، أم ما زال الأمر في إطار الرد فقط؟.
ـ د.حسن:
أستأذن منك أستاذ محمد بالتوقف عند مجموعة نقاط طرحها الدكتور من واشنطن، حيث قال بأن د. حسن يظن بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي خلقت داعش والإرهاب.. لا لست أنا الذي يظن، بل كبار المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس الأمريكي السابق ترامب، و هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية في عهد أوباما وغيرهما كثر، فلسنا نحن من يقول ذلك بل المسؤولون الأمريكيون أنفسهم…
النقطة الثانية: هل سمع الدكتور آشلي بالجنرال ويسلي كلارك؟ وهل هو سوري أم أمريكي؟.. هل سمع الدكتور آشلي بتصريحات كلارك قبيل غزو العراق، وكيف أنه تفاجأ وعبر عن استغرابه عندما أبلغوه بأن واشنطن بصدد غزو خمس دول عربية؟ من الذي قال هذا الكلام؟ هل قاله مواطن سوري أو لبناني أو عراقي أو إيراني أو أي من أبناء هذه المنطقة، أم الجنرال ويسلي كلارك ذاته؟.
النقطة الثالثة: أشار إلى موضوع المجنون صدام حسين، فمن الذي كان يدعمه، ومن الذي أمد صدام حسين بكل ما طلبه ليشن حرباً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ فجر الثورة بمهمة وأد الثورة، وبمهمة تفتيت قدرات العراق وإيران بآن معاً؟ من الذي ورط صدام حسين باجتياح الكويت؟.. أرجوك دكتورنا الغالي السيد آشلي واضح عليك سماحة وجهك، وابتسامتك حلوة.. أتمنى أن تحترم عقولنا وعقول الناس الذين يتابعوننا
النقطة الرابعة: موضوع أن أمريكا دخلت لأن الدولة انهارت، فمتى انهارت الدولة السورية؟ الدولة السورية صامدة حتى الآن، وبعد عشر سنوات ونيف من أقذر حرب عرفتها البشرية في الكون برمته، وهذه الحرب تقودها الدولة التي أنت تنتمي إليها، أي أمريكا، وما تزال الدولة السورية موجودة وقائمة، سورية كانت مصنفة عالمياً بأنها ضمن الدول العشر الأوائل على مستوى الأمن والاستقرار الداخلي، فمن الذي عصف بذلك؟…
دكتورنا الغالي الذي تتكلم من واشنطن وتقول إن أصلك مصري اعطني مكاناً واحداً في العالم كله تدخلت فيه أمريكا إلا وكانت النتيجة الخراب والدمار والقتل والدماء والكوارث وهضم الحقوق.. أتمنى ألا نختبئ وراء أصابعنا..
سأعود إلى سؤالك أستاذ محمد: ما يتعلق بالضربة التي تلقتها القاعدة الأمريكية في التنف، والأمر الطبيعي أن تحصل، وقراءتي الذاتية ما هي إلا ذوبان رأس جبل الجليد.. هذه العنجهية.. أمريكا تقول أنها لا تريد المنطقة، وقبل قليل تحدث ضيفك وقال إنهم لا يريدون البقاء في المنطقة، وبالتالي كل ما يفعلونه الأمان لضمان قدرة من يرتبط بهم من أدوات وخدم وتابعين على ضمان تأمين انسحابهم الكامل، مع الحفاظ على ما تبقى من ماء وجه، ولا أظنه أنه بقي شيء من ماء وجه.
ـ أستاذ محمد بيشكر: أريد مداخلة أخيرة منك د. أنصارا، ولكن بسرعة.. تفضل.
ـ د. آشلي أنصارا: أنا اسمع الكلام من قبل السادة في البرنامج، وطبعاً أن أشعر بتعاسة أن الإنسان البشري لا يكون سعيداً في المجتمع الذي يعيش فيه ضمن حياته وشعبه، فالحياة ليس لها لزوم، وأنا اعتقد أنه يوجد فرص ذهبية أمام العراق وسورية إذا الشعب نفسه اتحد: الاتحاد قوة.. ما رأيناه خلال السنوات الماضية تفتت سورية بالشعب السوري..
الأستاذ محمد بيشكر: أنا آسف دكتور أنصارا واعتذر على مقاطعتك لأن الوقت انتهى، وبقي نص دقيقة لك دكتور مرتضى تفضل
ـ د. مرتضى: موضوع السعادة نحن أكتر شعب سعيد لأننا نعيش في زمن نرى فيه الانهزام الأمريكي، ونرى فيه بداية النهاية في المنطقة.. لا يوجد سعادة أكبر من هذه السعادة.
الرابط على قناتي الخاصة عبر اليوتيوب:
https://youtu.be/yBjvdUVMIC