اخبار عربيه و دوليه

بوتين من “فالداي” يحذّر الغرب من “عمى الفوقية”.. هذا ما يتوقعه حول اتجاه وخطورة الأزمات العالمية

شدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة أمام منتدى “فالداي” اليوم الخميس، على أنّ الأزمة الحالية تطال الجميع، وأنّ البشرية أمام طريقين، مشيرًا إلى أنّ العالم يتجه إلى عالم متعدد الأقطاب، ومؤكدًا أنّ روسيا والصين تتعاونان في جميع المجالات بما في ذلك في المجالات العسكرية والعسكرية الفنية، وهذا التعاون ذو طبيعة سرية للغاية.

وأشار بوتين خلال الجلسة العامة لمنتدى “فالداي” إلى أنّ العلاقات الروسية الصينية وصلت على مدى العقود الماضية إلى مستوى غير مسبوق من الانفتاح والثقة المتبادلة والفعالية.

وأضاف: “نحن نعمل في جميع المجالات. وفي المجال العسكري، نجري باستمرار تدريبات مشتركة، وكذلك في المجال العسكري التقني، ويحدث هذا بسرية كما لم يحدث من قبل في تاريخ بلادنا”.

ولفت بوتين إلى أنّ العمل على تعزيز السيادة الاقتصادية سيمثل أساسًا لتنمية روسيا في المستقبل، وقال: “نحن نعمل على تعزيز سيادتنا، وهذا في مصلحتنا، وقبل كل شيء، تعزيز السيادة المالية والاقتصادية، هذا المسار يمثل أساسًا لمستقبلنا التكنولوجي والتعليمي والعلمي”.

وأضاف بوتين أنّ “تصرفات روسيا لتعزيز السيادة “جذابة” للغاية للعديد من الدول، على الرغم من محاولات الغرب التشهير بها”، وفق تعبيره.

وتابع “لدى روسيا الكثير من الأصدقاء في العالم، ونحن لسنا بحاجة لإرغام أحد على اتباع قناعاتنا”.

وبيّن الرئيس الروسي أنّ “عملية تشكيل منصّات مالية دولية جديدة، أمر حتمي ويمكن إنشاؤها من خلال توحيد جهود العديد من البلدان”، وأكد أنّ الاقتصاد العالمي والتجارة يجب أن يصبحا أكثر عدلًا وانفتاحًا، لافتًا إلى أنّ “روسيا ترى أنّ عملية تشكيل منصات مالية دولية جديدة أمرٌ لا مفرّ منه، بما في ذلك لأغراض التسويات الدولية. ويجب أن تكون هذه المنصات خارج نطاق السلطات القضائية الوطنية، وأن تكون آمنة وغير مسيسة وآلية ولا تعتمد على أيّ مركز تحكم واحد”.

وأضاف: “هل من الممكن القيام بذلك أم لا؟، بالطبع، نعم. سيتطلّب هذا الكثير من الجهود المشتركة للعديد من الدول. ولكن يمكن القيام به”.

وأكد بوتين أنّ الغرب باستخدامه الدولار كسلاح، فقد مصداقية فكرة “العملة الاحتياطية”، موضحًا أنّه “باستخدام الدولار كسلاح، أساءت الولايات المتحدة والغرب ككل مصداقية مؤسسة الاحتياطيات المالية الدولية، وخفضت قيمتها أولًا بسبب التضخم في الدولار واليورو، ثم بعد ذلك بالكامل، ببساطة سرقوا احتياطاتنا من الذهب والعملات الأجنبية”.

وتابع: “الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية سيكتسب زخمًا فعالًا. إنّه أمر لا مفرّ منه. وهذا بالطبع يعتمد على مستوى حالة مصدري هذه العملات، وحالة اقتصاداتهم، لكنها ستتعزز”.

وحول العلاقات بالدول الغربية، لفت بوتين إلى أنّه “لا يوجد استقرار في العلاقات بالدول الغربية على الإطلاق الآن، لأنها توقّع الاتفاقات، ثمّ ترفضها بسهولة”.

ودعا بوتين، إلى تغيير تركيبة الأمم المتحدة “بحيث تعكس تنوّع العالم على نحوٍ أكبر”، ورأى أنّ “مرحلة الهيمنة الغربية تتلاشى، وأمامنا عقد من العقود المهمة، بحيث لا يستطيع الغرب الاستفراد بقراره”.

وأكد أنّ موسكو “اقترحت مرارًا على الغربيين بناء نظام الأمن المشترك، لكن الدول الغربية رفضت ذلك. وبالتالي، “مَن يزرعْ ريحاً يَجْنِ عاصفة”، مضيفاً أنّ “أحداث اليوم أزاحت إلى الخلف مشاكل تغيّر المناخ، لكن هذه التحديات لم تختفِ”، وفق تعبيره.

ورأى الرئيس الروسي أنّ “الغرب يُعاني “عمى” الفوقية، ويتصور أنّ جميع المناطق يجب أن تتطور حتى تصل إلى مستواه”، لافتاً إلى أنّ “الليبرالية في الغرب تزعم أنّ للمجتمع الليبرالي أعداءً، وحرية هؤلاء الأعداء يجب تقييدها”.

بوتين شدّد على أنّ “التاريخ لن يُلغي العباقرة الروس، بل سيلغي أولئك الذين يمارسون ثقافة الإلغاء”، مضيفًا أنّ “الغرب يعدّ سعي مليارات الناس نحو الحرية تقويضًا للنظام الليبرالي، فيطبّق الحصارات ويقوم بانقلابات”.

وتطرق الرئيس الروسي​، إلى أنّ “السيطرة على العالم هي رهان الغرب، وهذه لعبة خطرة ودامية”، مشيرًا الى الوقاحة الغربية في عملية اغتيال الفريق الشيهد قاسم سليماني، وقال: “لقد قتلوا (الغرب) قاسم سليماني في أراضي دولة ثالثة وهو قائد إيراني، قتلوه وقالوا نعم قتلناه، ما هذا بشكل عام؟، أين نعيش؟!”.

وأشار إلى وجوب “احترام القيم التقليدية الخاصة بكل شعب، لأنّ في ذلك مصلحة للجميع، بما في ذلك الغرب”.

ولفت بوتين إلى أنّه “يبدو أن الأمور تتطور وفق السيناريو السلبي وتتحول إلى أزمة متعددة الأوجه”، مؤكدًا أنّ الغرب “سيضطر للحديث بشأن المستقبل في نهاية المطاف”، موضحًا أنّ “العالم يشهد تآكلا في مبدأ الأمن الجماعي واستبدال القانون الدولي بقواعد بديلة”.

وذكر بوتين أنّ “الغرب يراهن على السيطرة على العالم في لعبته، وهذا أمر خطير ولا يأخذ بالاعتبار مصالح باقي الدول، ويغيّر قواعد اللعبة دائمًا بحسب مصالحه”.

وشدد على “أننا لا نتدخل في شؤون الدول الغربية”، مشيرًا إلى أن “أوروبا تخلّت كثيرًا عن سيادتها، والغرب يفقد ثقة الآخرين بنظامه”.

وأكد بوتين أنّ “النظام الدولي يؤجج الفوضى، ويريد السيطرة على موارد العالم”، مشيرًا إلى أنّه “يجب التفكير في تغيير هيكل مجلس الأمن الدولي حتى يعكس التنوع في العالم”، ومعتبرًا أنّ “العالم يدخل عقدًا هو الأكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية”.

“العالم بعد الهيمنة: العدالة والأمان للجميع”

ويشارك الرئيس الروسي، في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي”، في نسخته الـ19 في ضواحي العاصمة موسكو، في الفترة من 24 إلى 27 تشرين الأول/أكتوبر الجاري. وكانت جلسة اليوم تحت عنوان “العالم بعد الهيمنة: العدالة والأمان للجميع”.

ويشارك في المنتدى خبراء من البرازيل وألمانيا ومصر والصين والهند وإندونيسيا وإيران وأفغانستان وكازاخستان والولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وأوزبكستان وجنوب أفريقيا.

يُذكر أنّ منتدى “فالداي” تأسّس في عام 2004، وسُمي باسم بحيرة “فالداي”، الواقعة في منتصف الطريق تقريبًا بين موسكو وسان بطرسبورغ، حيث عُقد أول اجتماع للمنتدى.

ويهدف المنتدى إلى تعزيز الحوار بين مختلف النخب الفكرية، وتقديم تحليل علمي موضوعي مستقل للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في روسيا والعالم.

ومن الجهات المؤسِّسة لمنتدى “فالداي” عددٌ من المؤسسات غير الحكومية والتعليمية الروسية، منها معهد موسكو للعلاقات الدولية، التابع لوزارة الخارجية الروسية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى