هلال عون | كاتب واديب سوري
ورحل فارس السيف والقلم..
بهجت سليمان : ابتسموا إذا ذكرتموني.
” أعتذر بشدة من جميع الأصدقاء والصديقات الغالين عن الكتابة على منبرهم هذا ، لمدة أسبوع كامل ، لأسباب طارئة ..
وأرجو منهم جميعا أن يضاعفوا جهودهم في الكتابة ، خلال فترة الأسبوع المذكورة ”
كانت هذه آخر الكلمات التي خطتها يد المفكر المناضل الدكتور بهحت سليمان بتاريخ ٤/ ٢ / ٢٠٢١..
ووجهها إلى أعضاء منبر (سيوف العقل مع بهجت سليمان) الذي أنشأه، وجمع فيه عددا كبيرا من المفكرين والكتّاب والإعلاميين والمناضلين العروبيين من سورية ولبنان وفلسطين والأردن ومصر وتونس والجزائر والمغرب العربي..
كانت النيّةُ أن يعود إلى منبره وأصدقائه وأحبته قبيل منتصف شهر شباط، ولكن للمرض مضاعفات لم تكن بالحسبان..
كان محبوه في المنبر يبتهلون إلى الله، ويدعون له بالشفاء ليعود إليهم ويدير ويقود منبر الفكر الحر، والموقف، والرأي الرصين حول أحداث الماضي والحاضر..
ولكن كانت إرادة الله أن يصعد به إلى العُلى ليلحق بشهداء البندقية والقلم..
لانعلم كيف، و متى بدأ لقاؤه اليوم برفاقه الذين أمضوا حياتهم مدافعين عن الحق وأهله، ومحاربين للباطل وأهله في هذا الشرق العظيم والمظلوم ..
لكنني أتخيل أن اللقاء اليوم سيجمعه بجنود وضباط استشهدوا دفاعا عن سورية ..
كيف لا، و هم الأقرب إلى روحه، والأحب إلى قلبه، فهم رفاق سلاحه، منذ حرب تشرين عام ١٩٧٣، حين كان قائد سرية دبابات في القطاع الشمالي..
وبعدها، كانوا رفاق الدرب والسلاح حين شارك في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢ قائدا للواء دبابات..
نعم في العلى يلتقي الشرفاء كما التقوا في الأرض..
إنهم يتحدثون عن الشام، عن عمود السماء، ومهبط الرسالات ، وعن رفاقهم حماة الديار..
يتحدثون عن صبر واحتساب الشعب السوري، وعن النصر اليقيني القادم، رغم الحصار والتجويع المفروض عليه من قوى التجبر والاستكبار والطغيان والرجعية والخونة المنبطحين من الحكام العرب ..
و الأكيد أن المفكر المناضل انيس النقاش بينهم، يتحدث عن أمة لا تموت، وعن جيش ومقاو مة لا ينكسران وعن شعب لا يُذَل..
نعم أيها (الأستاذ) لقد بكينا فارقك، رغم أن دموع الرجال عزيزة..
بكيتك لأنني أراك استاذي، الذي استفدتُ من فكره وحكمته، كما لم إستفد من أحد قبله..
و لأنك كنت محفزا للروح، وشاحذا للهمم..
كنت للنفس كالشمس والمطر للأشجار و الورود..
لا أعلم كيف أعدتني إلى عالم الشعر بعد هَجري له لأكثر من عشر سنوات!!
نعلم أنه قضاءالله، الذي لا رادّ له، وإننا مؤمنون بالله وبقضائه..
أبا المجد، إني أكاد أسمعك الآن، وأنت تقول لي ولأصدقائك :
سورية تحتاجكم اليوم أكثر من أي وقت مضى، وتستحي ولا تكمل، لأنك حكيم ومتواضع ..
ولكنني سأكمل عنك : لأن نجما من نجومها سافر بعيدا بعيدا في السماء ..
ثق أننا سنضاعف جهودنا في الدفاع عن الوطن ورفع شأن الشرفاء فيه، وفضح عملائه وخونته..
وأكاد أسمعك تقول لي : يا رفيقي الغالي، ابتسموا إذا ذكرتموني، ولا تحزنوا، فأنا لا أحب الحزن لأصدقائي..
وأكاد أسمعك تقول : أنتم من مدرسة أسدية شريفة، تجعل الاعداء والعملاء والصغار يتميّزون غيظا ..
وتجعل الاصدقاء والاحبة يفخرون بكم وينتمون إليكم حبا وكرامة ..
اطمئن يا أستاذي، سنبقى شوكة في حلوق المنبطحين والخونة العملاء والمرجفين ..
وسنبقى خلف جيشنا وأسد بلاد الشام حتى نستعيد حقوقنا المغتصبة..
رحمك الله ياستاذي وملهمي وصديقي والاغلى على قلبي، والاقرب الى عقلي و روحي، اللواء السفير المفكر الدكتور أبا المجد، وأسكنك الجنات العُلى مع الشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.