عامر ملاعب | كاتب وصحفي لبناني
يرفع رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان شعاراتٍ متعددة، لكنه هذه الفترة يضع تغريدة مثبته على مواقع تواصله الاجتماعي يقول فيها “إذا كانت قوانين الإثراء غير المشروع، رفع السرية المصرفية، إستعادة الأموال المنهوبة، مكافحة الفساد في القطاع العام، الكابيتال كونترول، تبييض الأموال إلخ.. بالإضافة إلى 4 موازنات قي 3 سنوات ورقابة على المالية وحساباتها والتوظيف التي أنجزت في لجان يرأسها التيار مصلحة خاصة، فأهلًا بها!”…. في إشارة الى انجازاته الشخصية في اللجنة مع مرور الولاية النيابية.
وهذا الكلام السيبراني يرافقه نشاط “كنعاني” على الأرض من خلال حفلات العلاقات العامة واللقاءات التي ينشط بها خصوصاً في دائرة المتن الشمالي، وهذا يدل على استعداد انتخابي مرتقب للمرحلة المقبلة، ولكن ما يجب رصده بدقة: أين يتموضع ابراهيم كنعان “التياري” في حمأة الخلاف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وانفجار الحملات الاعلامية العنيفة بين فريقي التيار والحركة وبالتالي الرئاسة الأولى والثانية وبضرب مبرح الى ما “تحت الزنار”؟
من خلال متابعة المشهد السياسي العام يمكن رصد خط بياني واضح لحركة النائب كنعان منذ فترة طويلة وهي متنوعة ولكنها مرتكزة على نقطتين رئيسيتين “محاباة المصارف تماماً والربط بكل تفصيل مع الرئيس نبيه بري”.
ولن نذهب بعيداً في التعداد بل بعودة قريبة الى زمن حكومة الرئيس حسان دياب وكيف تتطوع كنعان لضرب خطة الرئيس دياب “المنطقية” يومها خدمةً للمصارف وما بعد المصارف، وهو يصرّ على تبنّي وجهة نظر أصحاب المصارف كاملة، من خلال الإعتبار أن البلاد وصلت إلى مرحلة “الانهيار التام” بعد التمنع عن دفع الديون التي كانت مستحقة في آذار 2020، ويبدو أن تنسيق نواب ثلاثي اللقاء السري (نقولا نحاس وياسين جابر وكنعان) قد انتصر على خطة دياب رغم أن النتيجة أدت الى خراب البلاد.
يتقصد النائب كنعان إغفال التدهور الاقتصادي للبلاد منذ 2016 والهندسات المالية لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورأي التيار الوطني الحر بالمسار العام، وما ان تشكلت حكومة نجيب ميقاتي حتى رفع رئيس “لجنة المال” الصوت عن دولار الـ 3900 وما كادت تساؤلات تخرج عبر الاعلام حتى حل سلامة ضيفاً في عين التينة ليصدر في اليوم التالي قراراً مفاجئاً عن المركزي برفع سعر الدولار المصرفي الى 8000 ل.ل. مع ما يحمل ذلك من انعكاسات سلبية على الاقتصاد وفعلياً تحميل الخسائر للمودعين.
كذلك الأمر كان معه بعد طرح مشروع “الكابيتال كونترول” حين دبّج كل النظريات الاقتصادية في بوثقة الخوف على نظامنا الحر، وسارع الى المطالبة بتحديد سقف زمني ومطالبات “تعجيزية” للحكومة حتى تلاشى المشروع وتناثر في هواء المنظومة العميقة للدولة اللبنانية من يمينها “الديني” في المؤسسات الحاكمة وتجار الاحتكار الى يسارها في “ثورة التسطيح” التي ترفع شعار “كلن يعني كلن” وهي تعني فعلياً استهداف حزب الله ورئيس الجمهورية وجبران باسيل على أنهم سبب كل الانهيار وتراكم الأزمات وتحميلهم المسؤولية.
الاقتصاد العميق ولعبة الدولار وتوازنات التوليفة اللبنانوية التقليدية التي أتقنها ابراهيم كنعان خلال فترة ترؤسه لجنة المال اكتسب غطاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري وثقة المنظومة الحاكمة كاملةً من خلال كيل المديح لإنجازاته الكبيرة دوماً ولم تستهدفه حملات التشويه التي تطال التيار ورئيس الجمهورية مثلاً، يقال عن تنسيقه الدقيق مع خصوم التيار فلا تستهدفه الحملات الاعلامية كما زملاءه نواب التيار في القضاء لا بل تعطيه وسائل الاعلام مساحة واسعة يومياً. فهل شعار “أوعا خيك” ما زال قيد الحبك ولو على المستوى الشخصي؟.
اليوم هناك سؤالٌ محيّر: أين يقف ابراهيم كنعان في معركة كسر عضم بين رئيس الجمهورية وتياره مع رئيس المجلس وحركته؟ كيف سيقفز سعادته فوق كل تلك الألغام دون أضرار، وهل سيتمكن من إعادة وصل ما انقطع مع كوادر التيار في القضاء وبقية المناطق دون ترك ندوب على مشروعه مستقبلاً؟
الأيام القادمة كفيلة بالاجابة ولكن الدهاء السياسي لا يطول في المفاصل الحادة، ولكن حالة ابراهيم كنعان تعطينا مثالاً صارخاً على تعقيدات التركيبات اللبنانية المتناقضة وكيفية بناء الزعامات المحلية “الثورية” برعاية الدولة العميقة الحاكمة بكل فجورها.
هل تشبه لعبة علاقة كنعان بالتيار ما يحصل في علاقة بري – حزب الله؟؟
المصدر | https://ahwal.media/