عمر معربوني | رئيس تحرير موقع المراقب .
قد يعتقد البعض انّ العنوان هو عنوان تشويقي او للإثارة ، او انّه يأتي في سياق الشماتة او الإستعلاء او الغرور ، ولكنّه العنوان الأكثر واقعية وتعبيراً عن خاتمة حزينة لرجل بدا عليه وهو يُلقي كلمة الوداع الكثير من الحزن وهو يُعلن تعليق نشاطه ونشاط تيّار المستقبل السياسي ، وكلمة ” تعليق ” تمّ انتقاؤها بعناية ليُترك من خلالها المجال مفتوحاً لعودةٍ مأمولة من قبل جمهور الرئيس سعد الحريري وتياره التي لا تزال أمراً متاحاً باعتبار انّ في السياسة دائماً ما هو مخُطّط او طاريء تصنعه إمّا دوائر القرار المعنيّة بالصراع او ردّات فعل شعبية لا يمكن تجاوزها وعدم الأخذ بها .
فقد علّمتنا التجارب ان ليس كل ما يُعلن هو النهائي وانّ المناورة هي احد ركائز الصراع التي يمكن ان تكون مفتاحاً لآليات جديدة يُخرجها الى العلن من يُدير الصراع .
بكلمة موجزة غلب عليها الطابع الوجداني وغابت عنها السياسة سوى التذكير بأن النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والإنقسام الوطني بحسب تعبيره يشكّل عائقاً امام اية فرصة إيجابية للبنان وهو التبرير الوحيد الذي ساقه الرئيس الحريري لعدم تمكنه من تحقيق احد أهداف الحريرية وهي حياة افضل للمواطنين في حين استعرض الحريري مجمل التسويات التي سار بها لتحقيق الهدف الثاني للحريرية وهو منع الحرب الأهلية .
والسؤال المطروح الآن : ” ماذا بعد قرار الرئيس الحريري بتعليق نشاطه ونشاط تيار المستقبل سياسياً وانتخابياً ؟ ”
الجواب ببساطة انّ الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات ويبقى ان السائد في لحظة ما بعد القرار هو الصدمة التي تعيشها غالبية من البيئة السنيّة والتي تمثلّت حتى الساعة بقطع لبعض الطرقات وهو سلوك معتاد لدى اللبنانيين يُقدمون عليه للتعبير عن امتعاضهم وعدم رضاهم من أمر ما .
بالنظر الى حجم التحركات الشعبية حتى كتابة هذا المقال لا شيء يوحي ب ” تسونامي ” شعبي يمكن للحريري ان يتكيء عليه في عودة مُفترضة وأنّ الأمور لن تتجه الى الأعلى وستنطفيء شعلة الغضب والإمتعاض ليحِّل محّلها المزيد من الإنقسام والإحباط والتشتت والشرذمة وهو ما يمكن ان يكون بنظر مدراء الصراع في قوى الهجمة نموذجاً مصغّراً ” لفوضى خلاّقة ” تُعيد انتاج حالة جديدة أساسها ” المظلومية ” والنقمة طالما ان الهدف بحسب ما اعلنه ” ناسك معراب ” هو تحقيق انتصارات كاسحة في الانتخابات النيابية القادمة إن حصلت .
في المبدأ لم يخفِ سمير جعجع نواياه وقال أن الاكثرية السنية هم حلفاء القوات اللبنانية بطبيعة الحال على المستوى الشعبي لا القيادي، معتبرا أن كل من لديه نفس طروحات حزبه سيكون هناك انسجاماً معه.
على المستوى السياسي لا أحد يستطيع ان يتجاهل حالة الوئام بين السعودية من جهة ومعراب وبكركي من جهة أخرى ، ولا احد يستطيع ان يغيّب مستوى الغزل في اعلام القوات اللبنانية وكتّابها للسنّة وحثّهم على التموضع في سياسة القوات انطلاقاً من التماهي بين مواقف القوات ومواقف الأكثرية السنيّة .
قبل تعليق الرئيس الحريري نشاطه ونشاط تيّار المستقبل كانت الردود والمواقف على جعجع نارية ومن اعلى مستوى في تيار المستقبل حيث كان ردّ امين عام تيار المستقبل احمد الحريري واضحاً حين قال : ” رأى الحريري أن المقصود بهذا الفصل حتماً تيار المستقبل وقيادته، إلا اذا كان جعجع يعتبر “أن بعض الفتات السياسي الذي يغازل معراب بات يشكل اكثرية يعتد بها وفي الامكان تجييرها بالجملة او المفرق كي تصبح تحت خيمة القوات“.
وتوجّه الأمين العام لتيار المستقبل بـ”نصيحة من حليف سابق إلى الحكيم”، مفادها : “العب في ملعبك كما تشاء وعش الاحلام التي تتمناها .. لكن اترك الاكثرية السنية بحالها وتوقف عن سياسة شق الصفوف بينها وبين قيادتها السياسية .. النصيحة كانت بجمل لكنها اليوم ببلاش!
كذلك لم تتجاوب قيادات سنيّة مختلفة لدعوة السعودية لهم زيارة معراب والتنسيق معها باستثناء اللواء اشرف ريفي الذي ينسق على اعلى مستوى مع القوات والنائب السابق احمد فتفت الذي انضوى في ” المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني مع مجموعة الأمانة العامة ل 14 آذار ” .
هذا كان قبل قرار الرئيس الحريري والذي نجزم بأنّه قرار اغتيال سياسي سعودي له ولتياره لإعادة انتاج واقع جديد اكثر مرونة ومطواعية لخوض الصراع بمواجهة حزب الله وحلفائه عناوينه الأساسية في هذه المرحلة الانتخابات النيابية .
وان كان من المبكر خوض النقاش حول الآليات الجديدة المُعتمدة من فريق الهجمة على لبنان وهو أمر حتمي ، شكّلت بنود المبادرة الخليجية التي قدّمها وزير الخارجية الكويتي مفاتيح المرحلة القادمة لجهة مزيد من الضغوط والإغراق في حال لم يتجاوب لبنان مع مطالب التركيع الخليجية .
والسؤال الخاتمة : هل سيستطيع جعجع ومن خلفه السعودية بكل قدراتها وامكانياتها من تطويع البيئة السنيّة وجرِّها الى ما رفض الرئيس الحريري جرّها اليه .
فلننتظر .. الجواب في طيّات القادم من الأيام التي تحمل الكثير من المآسي على ما هو متوقع فلا فريق المقاومة سيقدم أوراق اعتماد للخليجيين ولا الخليجيين سيتراجعون في المنظور القريب والمتوسط عن اندفاعتهم من اليمن الى بيروت .
وما بين الموقفين يُمني ” ناسك معراب ” النفس بالجلوس على عرش الموارنة والسنّة ، وهو برأيي كحلم ابليس بالجنة ،