إيمان مصطفى | موقع العهد الإخباري
شكّل العام 2019 مفصلًا مهمًا في مسيرة الليرة اللبنانية، حيث بدأت قيمتها بالتهاوي مقارنة بالدولار الأميركي بعد ثبات لسنوات على سعر صرف 1507 ليرات لكل دولار واحد. مسلسل الانحدار استمر بقوة، وسيارة الأوراق النقدية التي تحمل الأرزة فقدت مكابحها خلال سنوات قصيرة، فصار الدولار الواحد يدور حول الـ 80 ألف ليرة.
التضخم الكبير الذي أصاب العملة الوطنية نسف الفئات الصغيرة التي كان اللبنانيون يتداولون بها في يومياتهم، فانقرضت العملات النقدية، وباتت فئات الـ1000 والـ 5000 والـ10.000 والـ20.000 لا تكفي لشراء قوت أو دفع أجرة تنقل، وبات الأكثر تداولًا فئتا الـ 50.000 ليرة والـ100.000 ليرة، وهي التي بات مشهدها مألوفًا بيد الصرافين على الطرقات، يهزّ بها باحثًا عن حامل للدولار ليبدّل كل ورقة واحدة من فئة 100$ بأكثر من 80 ورقة من فئة الـ 100.000 ليرة لبنانية.
وهنا يحضر في ذهن كل لبناني “شوال” الأموال الذي يستخدمه المواطنون في بعض البلدان التي وصلت لمرحلة كبيرة من التضخم على غرار فنزويلا والعراق، وتبادرت إلى المسامع أخبار عن طباعة فئات جديدة من الأموال قد تكون ورقة من فئة 500.000 ليرة أو 1000.000 ليرة.
هكذا خطوة تحتاج لتشريع من المجلس النيابي، وهي خطوة تشكل ضربة معنوية كبيرة للعملة المحلية وإقرارًا بمزيد من التضخم والهبوط في الهاوية وفقًا للخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الذي يؤكد لـ “العهد” أن الواقع يطرح مسألة طباعة أوراق نقدية لفئات مالية أكبر كورقة الـ 500 ألف ليرة أو ورقة المليون ليرة، ولكن هل هذا من أولويات المجلس المتخبط بالأزمات الآن؟.
عجاقة يشدد على أن تبعات الأزمة المالية غير المبسوقة انعكست بشكل مباشر على جيوب اللبنانيين، إذ إنّ انهيار قيمة العملة جعلهم يحملون عددًا كبيرًا من الأوراق النقدية في تداولاتهم اليومية، ولكن القانون اللبناني يحدد أن الليرة الأعلى التي تصدر هي الـ 100 ألف ليرة.
ويوضح عجاقة أن المادة الرابعة من الدستور اللبناني المتعلقة بقانون النقد والتسليف تبين أن السمات النقدية تقسم إلى قطع معدنية تساوي قيمتها الليرة الواحدة – المئة ليرة – المائتين والخمسين ليرة – الخمسماية ليرة، فيما المادة الخامسة التي عدلت بموجب قانون 178 عام 1992 تنص على أنه يمكن إصدار الأوراق النقدية من فئات الألف ليرة، الخمسة الاف ليرة، العشرة الاف ليرة، والخمسين الف ليرة، والمئة الف ليرة كحد أقصى.
وبالتالي، وفقًا لعجاقة، فإن إصدار عملات جديدة يحتاج إلى تعديل القانون، اذ لا صلاحيات مخولة لمصرف لبنان المركزي لإصدار عملات جديدة، بل الأمر منوط بالحكومة التي يتوجب عليها تقديم مشروع قانون جديد للمجلس النيابي، ليعدل القانون بدوره، علمًا أن المصرف يتكبّد الخسائر بطباعة العملات لأن تكلفتها الباهظة باتت تفوق قيمتها السوقية.
أما بخصوص عملة الـ 500 ليرة والـ 250 ليرة المعدنيتين، فيوضح عجاقة أنه بات من الصعب على المصرف المركزي أن يُصدر “عملات معدنية” جديدة وحتى من فئة الألف، نظرًا لتكلفتها العالية وفقدانها قيمتها بالمقابل، وسيقتصر التداول على العملات الموجودة في السوق فقط.
ويقول هنا عجاقة “إنه لا تأثير مباشرًا لطباعة أوراق نقدية من فئات أكبر على سعر صرف الدولار في السوق”، ويعتبر أن الليرة مرتبطة بالدولة التي إن قامت بإصلاحات ستحافظ على قيمتها، وإن لم تقم بواجبها ستنهار أكثر، فيما يشير إلى أن الضربة الكبيرة لليرة كانت “الدولرة”، واصفًا الأمر بغير المقبول.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه لا توجد منافسة في لبنان بل احتكار للسوق، حيث إن مجموعة من التجار يتلاعبون بالأسعار وفق مصالحهم ومزاجهم.
عجاقة يستغرب التفاوت بالأسعار بين المحال التجارية بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، فما يباع في أحد السوبر ماركت – على سبيل المثال – بقيمة 100 ألف يباع بأخرى بـ 150 ألف ليرة، مستنكرًا التفلت الحاصل، بينما السلطة عاجزة عن تطبيق القوانين وعن الرقابة.