مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني
أعاد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم انعاش المشروع القومي العربي وانتشال فكرة العروبة من الزوايا المعتمة بعد ان كادت تذوي كرابطة جامعة مانعة للفرقة والتذرر ،انطلاقا من ايمانه العميق ان سوريا المقاوِمة مدعوة كما كانت على الدوام للعب دور الريادة والقدوة في تجسيد العروبة منهجا” وانتماء”.
ولا غرابة في ان الحرب الكونية التي شنتها قوى الاستعمار وملحقاتها وادواتها من رجعيين وارهابيين ضد سوريا الدور ،سوريا مركز القرار القومي ،كشف حقيقة ساطعة لا تقبل الشك ان إجهاض المشروع الوحدوي النهضوي هدف استراتيجي لتلك القوى منطلقه وألف بائه تغيير سوريا واعطاب جيشها القومي العامود الفقري لاي جهد تحرري، والظهير النصير لقوى المقاومة بمواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي التوسعي.
فاحتشد الكون باثقاله المالية والتسليحية وخططه وغطرسته ومؤامراته لاخراج سوريا من دائرة الصراع وتهشيمها وتهميش حضورها الاقليمي الوازن .
باختصار استنزاف قلب العروبة النابض اذ لا تستوي الفوضى المنظمة المسماة ربيعا عربيا الا بازاحة العقبة الكأداء سوريا العروبة التي قاتلت عن الامة جمعاء ووقفت بوجه المشروع الجهنمي التشليعي للبنى المجتمعية والكيانات القائمة .
فإذا كان الكيان الصهيوني الخطوة الكبرى في مشروع تجزئة الوطن العربي للحيلولة دون قيام وحدة عربية فإن ما سمي بالربيع العربي وضمنا استهداف سوريا شكل ولا زال مشروعا للتفكيك تجاوز التجزئة التقليدية بناء على التعدد الفئوي الذي يخترق معظم المجتمعات العربية والترجمة العملية في هذا السياق الاجهاز على العروبة.
لذا أصاب الرئيس الاسد بخطاب القسم جوهر اطروحات الشرق اوسطية بما تختزنه من عوامل وارهاصات التجزئة والتناحر والتفكك وما تبذل لها من جهود منظمة وعمل دؤوب يستهدف المنطقة العربية برمتها ويحول دون تقدمها وازدهارها.
لذا عبر الرئيس الاسد في خطابه عن العروبة ((كقضية مصير،ليس مصير سورية بل مصير المنطقة يتوقف على هذا المصطلح وكل ما جرى كان يهدف لنسف هذا المصطلح كمفهوم في عقول المواطنين العرب وعقول المجتمعات العربية…ونخطئ عندما نخلط بين عروبة الانتماء وعروبة السياسة…الحديث عن العروبة ليست قضية رأي لكي نتفق معه او نختلف معه او قضية ذوق لنحب العروبة او نكرهها….)) فأعاد صياغة سؤال الهوية القومية ورفعه الى درجة المصير نظرا للتفكك المقلق الذي يهدد حاضر ومستقبل العرب اضافة لماضيهم الذهبي وضياع حقوقهم بين عثمنة متجددة طامحة طامعة وصهينة تتحفز لمزيد من التغول في هضم الحق العربي أرضا وموارد ومقدسات.
فالعروبة بهذا المعنى ومن وجهة نظر الرئيس الأسد حياة أمة وتاريخ مجيد وجغرافيا عزيزة مصانة ولغة وتراث ووجدان شعب أصيل وحجر الزاوية في العمارة القومية لدرء مخاطر تشليع اقطارنا وتشكيل مجتمعاتنا العربية بالعصبيات والنتؤات الفئوية حدودها الدم والذات الضيقة الهالكة بالتبعية والاستلاب لقوى الهيمنة.
فتأجيج الهويات المحلية ما دون القومية واحداث بلبلة في المناهج وفوضى التفكير والمصطلحات وتعميم انموذج الدولة اليهودية لجهة تحول الطائفة او المذهب الى قومية يسوغ اقامة دولتها الدينية كان وسيبقى التحدي الأهم للقابضين على جمر العروبة والساعين للم شعث الامة التي عاث فيها الاميركي واعوانه تهديما” ممنهجا”للحجر والبشر متكئا زورا لشعارات زائفة وعناوين براقة تخفي ما تخفي من تآمر مفضوح يعصف بمرتكزات وجودنا .
وحده بشار الاسد العملاق، جبين الشمس، الطود الراسخ كقاسيون وحرمون في زمن القَزَميَّة المعتَّقة ،وحده من رسم اطر المواجهة وخط سبل الدفاع عن الارض والانسان والهوية، وان ننسى لا ننسى تلك اللا الصداحة الداوية أنفة وعزة بوجه كولن باول اللامعة كسيوف العرب وصهيل مجدهم على اعتاب التاريخ الأثيل غداة احتلال العراق ، وحده بشار الاسد رفع الصوت وأطلق من خلال خطابه الاستثنائي ثورة وعي من رحم صراعي تملأ الفراغ وتبدد غبار العابثين والمارقين والطارئين والمتآمرين والمتواطئين في لحظة تاريخية استثنائية حساسة ودقيقة داعيا للتمسك بأهداب العروبة والتحرر من العصبيات الجزئية.
العروبة وفقا لمفهومه ليست فكرة وحسب بل مؤسسات تنمو وتكبر وانموذج في الفكر والممارسة يرمي الى تجديد حياة الدولة والمجتمع والانسان ..عروبة كانت وستبقى مهوى الأفئدة وشمس الاوطان لأمة اختارت قائدها واستبشرت نصرا”ببشارها.