مهد الرئيس الأمريكي جو بايدن طويلا لزيارته القريبة للسعودية بما في ذلك من خلال مقال بعنوان “لماذا سأذهب إلى السعودية؟”، كتبه بعد أن كان قد وصفها في وقت سابق بأنها “دولة منبوذة” .
يحمل بايدن معه إلى الرياض ملفا ثقيلا عن أزمة الطاقة وارتفاع أسعار النفط، في مسعى لإيجاد حل لها في المملكة، صاحبة أكبر إنتاج للذهب الأسود في العالم، فيما تأتي الزيادة تحت ظلال قاتمة لتصريحات متهجمة ومنتقدة كان قد أدلى بها بايدن ضد السعودية منذ توليه مقاليد الأمور في البيت الأبيض.
وكان بايدن قد زار السعودية حين كان يتولى منصب نائب الرئيس الأمريكي في عهد الرئيس باراك أوباما “2009 – 2017” في مناسبتين، الأولى في عام 2011، والثانية في عام 2015.
الزيارة الأولى وكانت خاطفة، قدّم خلالها للقيادة السعودية التعازي في وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولم يلتق بالعاهل السعودي في ذلك الوقت الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
واستقبل في ذلك الحين من قبل وزير الخارجية السعودي الأمير الراحل سعود الفيصل في القاعدة العسكرية في مطار الرياض، توجه بعدها إلى قصر “الناصرية” الملكي ليأخذ لنفسه قسطا من الراحة، وعقب ذلك توجه في موكب ضخم إلى قصر الأمير سلطان، وقدّم التعازي إلى ذويه.
وفي مطلع عام 2015، زار بايدن السعودية صحبة وفد رسمي لتقديم التعازي في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان نقل بيان للبيت الأابيض قبل الزيارة عن نائب الرئيس الأمريكي وقتها قوله: ” وفاة الملك عبد الله خسارة فادحة لبلده.. لقد احترمت دوما صراحته وإدراكه للتاريخ واعتزازه بجهوده لدفع بلاده للأمام وإيمانه الراسخ بالعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية”، مضيفا حسب البيان قول بايدن: “شعرت أنا وجيل (زوجته) بالحزن حين علمنا بوفاة الملك عبد الله”.
وقبل ذلك في عام 2014، قدّم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن اعتذارا للمملكة بعد “هفوة” تمثلت في تصريحات اتهم فيها السعودية “بتمويل وتسليح الإرهاب”.
وكان بايدن حينها قد وجه تهمة “تدريب وتمويل تنظيمات جهادية في سوريا” إلى السعودية والإمارات وتركيا، قبل أن يعتذر للبلدان الثلاثة.
وبالنسبة للسعودية، صرّح مسؤول بالبيت الأبيض بأن نائب بالرئيس الأمريكي “حينها” اتصل هاتفيا بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل و”أوضح له ما قصده بتصريحاته”، مفيدا بأن بايدن والفيصل اتفقا على طي صفحة هذه القضية.
مثل هذه “الهفوات” تجددت بعد تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة، حيث صدرت عنه تصريحات حادة وصف فيها المملكة بأنها “دولة منبوذة”، واتهم جهات سعودية مسؤولة بالتورط في مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
إلا أن أزمة الطاقة والارتفاع الكبير لأسعار مشتقات النفط في الولايات المتحدة دفعت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى حزم حقائبه والاستعداد لزيارة المملكة.
ورمى بايدن هذه المرة في مقاله المعنون “لماذا سأذهب إلى السعودية” الذي نشره في صحيفة واشنطن بوست، الحجارة على أطراف أخرى، حيث كتب يقول عن الزيارة المرتقبة إنها “ذات أهمية لأنها تأتي في سياق المواجهة مع روسيا، وتحقيق الغلبة في المنافسة مع الصين، وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
وللوصول إلى هذا الهدف بحسب بايدن، “تحتاج الولايات المتحدة إلى التعاون مباشرة مع الدول التي يمكن أن تؤثر على نتائج مثل هذا العمل، والمملكة العربية السعودية إحداها”.
وبشر الرئيس الأمريكي مواطنيه في المقال المذكور بأن “السلطات السعودية تعمل مع الإدارة الأمريكية على زيادة إمدادات النفط إلى السوق العالمية وخفض أسعاره”.
إلا أن عددا كبيرا من الخبراء والسياسيين، يؤكدون أن بايدن لن يحقق الكثير بزيارته إلى السعودية، على العكس من الرياض التي ستجني الكثير من الفوائد، وذلك لأن المملكة لا تستطيع زيادة إنتاج النفط للدفع بأسعاره إلى الانخفاض، لأن طاقتها لا تسمح بذلك في الأفق المنظور، في حين أن التصريحات الشديدة ضدها من قبل بايدن تكون قد طويت وانتهى مفعولها.
المصدر: وكالات