الدكتور نزار بوش | أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم الإنسانية في موسكو
الولايات المتحدة لم تخرج من أفغانستان، لأن حركة طالبان هي “وكيل” واشنطن في هذا البلد، فاليوم نرى المدن والولايات الأفغانية تسقط في أيدي حركة طالبان كأحجار الدومينو، على مرأى من عيون القوات الأمريكية وحلف الناتو، فحركة طالبان حصلت على أسلحة أمريكية من كل الأصناف، كل ذلك على علم من الجنرالات الأمريكيين وبمباركتهم.
ما يحصل في أفغانستان اليوم وسقوط الولايات الأفغانية في يد طالبان يذكرني ب”داعش” حين استولى على مخازن الأسلحة في العراق واحتل الموصل خلال ساعات وتقدم ليصل إلى ضواحي بغداد، وانتقاله فيما بعد إلى سوريا واحتلال الرقة وأجزاء كبيرة من شرق الفرات، بينما كانت القوات الأمريكية في قواعدها بالعراق تتفرج عليه.
لذلك نستطيع أن نقول إن القوات الأمريكية لم تخرج من العراق لأنها أعادت إحياء تنظيم “داعش” الإرهابي وتركته خلفها وهو وكيلها، كما أنها أعطت الضوء الأخضر ل”طالبان” باحتلال المدن الأفغانية بأسلحة أمريكية متطورة.
لا شك أن الولايات المتحدة لا زالت ترعى تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا أيضا من أجل استخدام عناصره ضد الجيش السوري والشرطة العسكرية الروسية.
فالتنظيمات الإرهابية هي وكلاء الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وسوريا، كما تقول المعطيات أن الولايات المتحدة فتحت الطريق أمام “داعش و ” طالبان ” للوصول إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة والتي لديها علاقات استراتيجية وأمنية مع روسيا، من أجل زعزعة الاستقرار فيها والضغط على روسيا، كما أنها لو استطاعت لعبدت الطريق لهذه التنظيمات “الإرهابية ” إلى الصين.
باختصار كل التنظيمات “الإرهابية ” هي أوراق في يد الولايات المتحدة تستخدمها لتبرير تدخلاتها في هذه المنطقة أو تلك، أو لاستخدامها ضد دول بعينها من أجل إخضاعها أو الضغط عليها.
غزت الولايات المتحدة أفغانستان منذ ما يقارب 20 عاما ووعدت الشعب الأفغاني بالازدهار والحرية والقضاء على ” القاعدة وطالبان”، واليوم تعلن عن خروجها من هذا البلد الذي لم ير الازدهار ولا الحرية ولا التطور، وسلمته للوكيل “طالبان”، أيضا نفس السيناريو حصل في العراق، فقد غزته الولايات المتحدة منذ أكثر من 18 عاما ووعدت أنه سيكون مستقرا ومزدهرا ومتطورا وفيه سترفرف رايات الحرية والديمقراطية والأمان، لكن نراه اليوم مشرذما لا أمان فيه ولا استقرارا ولا حرية، رغم أنه رابع أكبر دولة في العالم بتصدير النفط.
وخلال عشرين عاما من تواجد الولايات المتحدة في أفغانستان زادت حركة طالبان قوة وتسليحا، حسب ما نراه اليوم، فمن أين جاءت بالسلاح وكيف حافظت على قوتها طالما الولايات المتحدة موجودة في أفغانستان بجيوشها وقواعدها والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة جدا،هذا يعني أنه بالأساس لا توجد نية للولايات المتحدة بالقضاء على هذا التنظيم “طالبان”،ونفس الكلام ينطبق على تواجد القوات الأمريكية في كل من سوريا والعراق.
أينما وطأت رجل جندي أمريكي حل الخراب والدمار .