ميخائيل عوض | كاتب وباحث
- امريكا؛ هزيمة مجلجلة في كابول، ونموذج سايغون وجنوب لبنان، ماذا ينتظر حلفاء امريكا..
- العراق اجتماع لوداع امريكا ام لتقسيمه.
– سورية درعا والحشد الامريكي في الاردن حسم ام اجتزاء.
– لبنان رفع الدعم واحتمالات الفوضى وخروج الشمال على السلطة، الجيش يدهم مخازن الفساد فهل تطلق يده؟
المعطيات الواقعية؛
هزمت امريكا في افغانستان هزيمة مجلجلة وخرجت بطريقة مذلة في مظاهر شبيهة بما عانته في سايغون وما جرى مع عملاء اسرائيل في الجنوب اللبناني في انتصار 2000 وهزيمة امريكا في افغانستان سيكون لها ترددات واثار نوعية واستراتيجية قد وبل ستشابه الاثار التي تركها الانسحاب السوفيتي منها لجهة تداعياتها وتسريعها انهيار المنظومة السوفياتية ودول الكوميكون، وقد تفسر الكثير من الاحداث الجارية لجهة الخطط الامريكية في بلاد الشام والرافدين وما رست عليه العلاقات الاردنية الامريكية .
والمؤشرات كلها تدل على ان ما جرى كان بمثابة تداعي وانهيار السلطة الاجهزة والقوات التي اهدتها امريكا لتامين مصالحها بعد الانسحاب،
في العراق تراجعت عمليات استهداف القواعد الامريكية وقوافل الدعم لها برغم اعلان فصائل في الحشد الشعبي رفضها لمناورات تحويل الوجود القتالي للقوات الامريكية الى مهام التدريب والاسناد.، ومازالت عمليات تدمير ابراج الكهرباء جارية وتشتد الازمات الحياتية والاجتماعية دون اي افق لمعالجتها، وتشتعل صراعات بين حشد المرجعية والحشد الموالي لايران، بينما تنشط الحركة الدبلوماسية لتعويم بغداد ورئيس الحكومة بعد عودته من لقاء بايدن واعلانه الاتفاق على تحويل الوجود الامريكي من قوات مقاتلة الى خبراء تدريب.
من قمة الشام الجديد وقصف الحشد على ضفتي الحدود الى العمل على عقد مؤتمر لدول الجوار بحضور السعودية وقطر وتركيا وايران ومصر وسورية، وما يروج في الاردن عن لسان الملك كلام كبير بعد عودته ايضا من واشنطن وكشفه عن استثمارات امريكية واوروبية في الاردن وتعميق العلاقات الاقتصادية والاجتماعية مع العراق ومصر وتنويعها على طريق الوحدة، والاهم الاعلان عن تحالف عميق مع الامريكي والتعاقد على تحويل الاردن الى قاعدة امريكية معززة تحتضن عشرات الاف العسكرين والمعدات الاكثر تطورا وتجميع القوات والمعدات التي يتم سحبها من الخليج واسيا وتحويل الاردن الى قاعدة مركزية ومقر للقيادة والسيطرة والتدخل في الشرق الاوسط .
وليس بمنقطع عن الامور المذكورة اعلاه استمرار تأزم درعا ومصالحاتها مع المسلحين الذين يمانعون قبول شروط الحكومة السورية لتصفية بؤر التوتر وانهاء عمليات استهداف القوات السورية والحليفة، والتمرد على الدولة وسيادتها، بينما اعلن تشكيل حكومة الولاية الرابعة للرئيس الاسد دون تغير جوهري يذكر ولم تبعث الامل عند الغالبية الشعبية على عكس ما انتظرته بإعادة انتخاب الرئيس بحفاوة لافته.
في لبنان على خط مواز وبعد افتعال سلسلة من الاختناقات التموينية والارتفاع الجنوني في الاسعار وافتقاد الادوية والحاجات الاساسية وتقنين الكهرباء والمشتقات النفطية اقر مجلس الدفاع الاعلى في اجتماعه وبحضور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيلة املاءات حاكم المصرف المركزي لقراره بتمنعه عن تمويل دعم الادوية والمشتقات النفطية وتحرير سعرها وسعر الدولار وتركها للسوق.
وبرغم التصريحات النارية التي ادانت الحاكم وحملته المسؤولية واتهمته بمخالفة القوانين والصلاحيات الا ان احدا لم يكسر قراره او يستدعيه للمحاسبة او يتخذ قرارات او خطوات نوعية لوقف قراره ومفاعيله التدميرية، ما يشي بان الجميع قد يكون مع رفع الدعم بعد ان نفذت قدرات المصرف المركزي ولاختبار ردة فعل الشارع ومدى استعداده للتكيف والتحمل.
لم تكن ردود فعل الشارع نوعية ولا بالقدر الذي يلزم حاكم المصرف بالعودة عن قراره ولا بتهديد الطبقة السياسية والمنظومة لإجبارها على العودة عن الاجراء او ابتداع بدائل لتخفيف عبء الازمة وضواغطها. الا ان الجديد اللافت وقد يكون مؤسسا لما سترسو عليه المعادلات فقد اطلقت يد الجيش في مصادرة مخازن الفساد والاحتكار، وكشف علاقتها بالمنظومة والطبقة المافياوية والفاسدة، فاطلاق يد الجيش وما تحقق من فضائح والانفجار الكارثي في عكار يضع البلاد والمنظومة وتحالف عون حزب الله امام فرص حقيقية للإنقاذ.
في فلسطين مازالت الامور تراوح مكانها واتفاق تمويل غزة من قطر مازال عالقا على شروط اسرائيل وتمنع مصارف من استلام الاموال وتوزيعها خوفا من العقوبات في محاولات مكشوفة للضغط على غزة لإفشال ما تحقق في سيف القدس وافراغها من قيمتها بينما غزة وفصائلها بدأت التعبئة لممارسة اليات ضغط تلزم إسرائيل بإيصال اموال قطر لغزة. وفي الضفة برغم زيارة مدير السي اي ابه ولقاءاته الفلسطينية الاسرائيلية وما حمله من تطمين لإسرائيل بعد اخفاقها وانتكاساتها العسكرية في الشمال بمواجهة المقاومة الاسلامية اللبنانية وسقوط محاولاتها لتعديل قواعد اللعبة وانكسار رهاناتها على الازمة الاقتصادية والتحرشات التي افتعلت للمقاومة في خلدة وفي شويا وتم احتوائها، لم تزل الازمة عميقة وصعبة الحل لإعادة تعويم السلطة الفلسطينية المأزومة ماليا وسياسيا واجتماعيا.
في التحليل؛
تبدو الاحداث الجارية في مسرح بلاد الشام والرافدين متصلة وعلى صلة رحم بما تخططه امريكا وحلفها وبما تدركه المقاومة وحلفها ومعها روسيا والصين.
فالجاري من مخططات ومحاولات اختبارها في ارض الواقع يستهدف الجميع في ان.
وكل ما هو جار ينبئنا بان الاقليم على صفيح ساخن واحتمالات الاشتباك وانفجار ساحات اضافية قائم في كل لحظة واحتمالاتها راجحة.
العراق؛
تقع الاحتمالات في الاتي؛
-احتمال ان تكون الامور قد نضجت لإنفاذ خطة بايدن بتقسيم العراق الى ثلاث دول، فالكردية منجزة والشيعية تستوجب المزيد من الاضطرابات والتوترات والتجويع والاختناقات التموينية وقطع الكهرباء، ومنع حصول الانتخابات وتعطيل العملية السياسية بقصد انضاج مشروع دولة شيعيه ملحقة بإيران وعبئ عليه، والدولة السنية يجري التحضير لها بتركيز القواعد الامريكية وداعش والعصابات المسلحة في جغرافية جنوب غرب العراق وشرق جنوب سورية كما تقتضي اقتطاع اجزاء من شرق وجنوب سورية وهذه قد تفسر الحشد العسكري الامريكي في مربع الحدود السورية الاردنية العراقية السعودية وتفترض تنشيط المسلحين في جنوب سوريا والسويداء وربما يسهم في انضاج المشروع توتير لبنان واشغال المقاومة بأزماته وتمكين مسلحين للسيطرة على عكار والشمال لفتح جبهة خطرة واستنزافية في خاصرة سورية من بوابة حمص وبتنسيق الاشتباك بين مسلحي الشمال اللبناني وداعش في بادية حمص -السويداء ومسلحي ادلب.
وبهذا ايضا يمكن تفسير الحشد الدبلوماسي في بغداد كالشام الجديد واجتماع دول جوار العراق للبحث في الترتيبات المطلوبة واستجلاء المواقف والقدرات.
– الاحتمال الثاني؛ ان تكون امريكا قد نسقت خطتها للانسحاب من العراق والخليج وتاليا تقوم بتجميع قواتها في منطقة امنه ومضمونه ويمكن الافادة منها دفاعيا لمنع ترددات الانسحاب من افغانستان ومن الخليج وتعزيز امن إسرائيل ودول حليفه، وايضا يمكن فهمها كخطط وقائية وتحصين مما قد يستتبع الانسحاب من العراق والخليج وما قد يتسبب به من اضطرابات متوقعة في العراق، وفي السعودية وبإزاء السعودية لابد من لفت النظر الى انها ستشهد تطورات دراماتيكية في ايلول عند اعلان بايدن التقرير السري عن احداث ١١ ايلول وثبوت مسؤولية السعودية عنها، ما قد يكون مقدمة لمصادرة الاموال والاستثمارات السعودية وتفعيل قانون جستا وكل ذلك سيأخذ السعودية الى الفوضى والانفجار واحتمالات تقسيمها عملا بخطط بايدن ايضا كوكيل ممثل لوبيات العولمة والسلاح والمال، ما يعزز فرضية اعتماد الاردن قاعدة دفاعية لحماية اسرائيل واخواتها، ومحاولة حماية الاردن واسرائيل من موجه الانهيارات المتوقعة التي ستخلف الانسحاب الامريكي من الاقليم.
اي من الاحتمالين هو الارجح هذا ما نامل ان تحسمه حواراتنا التفاعلية في منصتنا الحوارية.
لبنان لحظة الانكسارات والتحولات قد دنت؛
ليس مفاجئا ان تلوذ المنظومة بوقف تمويل المستوردات فقد اعلن ذلك حاكم المصرف وقاله الخبراء والعارفون واصلا الاحتياطي ينفذ ولا تغذية له ولن تكون.
رفع الدعم وتحرير سعر الدولار والاسعار يضع البلاد امام احتمالات ثلاثة؛
الاحتمال الاول؛ تشكيل حكومة ميقاتي لإدارة الازمة وضبط نتائجها ومحاولات تامين الاستقرار حتى انجاز الانتخابات حيث كل فريق يراهن على انها ستكون في صالحه، وما جرى في تفويض الجيش واعلان السيد نصرالله ان الدواء النفط الايراني سيكون متوفرا خلال ايام ما يعني ان اجراءات وتطورات ذات اهمية كبرى مؤسسة في اضعاف وكسر اقوى حلقات لوبيات المافيا والمنظومة وقواعد منظومة المافيا الحاكمة والتي ابتلت لبنان بالكارثة والفوضى المتوحشة الجارية فكسر احتكار النفط والدواء والغذاء وفرض التوجه شرقا في الواقع والحركة الاجتماعية الاقتصادية وفي البنية الاقتصادية الاجتماعية والانتظام السياسي وتغير في قواعد انتظام النظام السياسي المفلس والمأزوم.
يرجح هذا الاحتمال وقد تتفق المنظومة على حكومة لإدارة الازمة والانتخابات وتأجيل الانفجار ان تمكنت.
الاحتمال الثاني؛ ان يحزم الرئيس عون وتياره والثنائي الشيعي امرهم ويقرروا اخذ البلاد الى خيار التوجه شرقا بإنتاج حكومة اللون الواحد المنسجمة والمتحررة من إملاءات السفيرة الامريكية وتهديدات الغرب بالعقوبات وهذه قد تستولد جولة عنف تكسر التوازنات والاستعصاء وفي حال حزم الثنائي الشيعي اقلح حزب الله” اشار ابراهيم الامين الى هذا الخيار في مقاله اليوم” والتيار الوطني والرئيس سيكون الجيش والمؤسسات خاضعة كمؤسسات تنفيذية همومها تامين حاجاتها واستمرارها وتماسكها.
الاحتمال الثالث؛ توافق الجيش والمقاومة بتفاهم مع عون وبري لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية لإدارة الازمة وضبطها ومنع وقوع الكارثة.
مالم تذهب الامور بأحد الاحتمالات الثلاثة فقد دخلت البلاد الفوضى والتوترات واحتمالات سحب الجيش الى الثكنات للحفاظ على وحدته وبقائه مؤسسة متماسكة يصبح راهنا وتوقف المؤسسات وتعطيلها يصبح راجحا بسبب عجز الموظفين عن تامين حاجاتهم ولكون الرواتب فقدت جاذبيتها وقدراتها.
كيف سيكون سيناريو الفوضى وما ستنتجه؟ ذلك امر يحتاج الى المزيد من تعميق النقاش والحوار والبحث الجاد.
افغانستان؛ بهزيمة امريكا وانسحابها المذل وانهيار منظومة العملاء بالطريقة التي جرت يؤشر الى ان اسيا ووسطها ستشهد تحولات نوعية وتترصد الاحداث وهزيمة امريكا المدوية مكسبا نوعيا لاوراسيا وللصين وايران ومؤشر على تداع النفوذ الامريكي وتبدد مصادر القوة والسطوة ما قد يطلق موجة جديدة من ثقافة مقاومة امريكا واعوانها وادواتها ما سيضعف النظم والجماعات التي مازالت تشتغل عند امريكا وبأوامرها.
الحدث الافغاني سيترك اثار نوعية في مستقبل اقليم العرب والمسلمين والتحولات المرتقبة لاسيما في العراق وسورية وفلسطين والارجح انعكاساتها على استقرار السعودية ودول وامارات الخليج.
نوقشت مسودة هذا التقرير في غرفة كلوب هاوس ” غدا افضل – هنا دمشق-صالون الاحد” بمشاركة عدد من الذوات والعقول اصحاب التجربة والخبرة وعدلت المسودة واضيفت لها افكار وموضوعات بناء لتفاعل الاراء واعتمدت قاعدة النقاش الحواري التفاعلي والمستقبلي المنظم والهادف.