حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري
التصعيد الهستيري السعودي ضد اليمن خصوصاً ومحور المقاومة عموما ، يأتي بعيد جولة المفاوضات السعودية الإيرانية التي اختتمت مؤخرا في الاردن ، وقبيل الجولة القادمة التي ستعقد في بغداد ..كما أنه يأتي بعيد الحولة الأخيرة من مفاوضات فيينا ، وقبيل الجولة القادمة التي ستستأنف الإثنين القادم ..
رفضت إيران إشراك السعودية في مفاوضات فيينا ، وهو ما كانت ترغب به السعودية ، ليس من أجل تحقيق مكاسب أمنية أو سواها ، بل ظنت أنها بذلك ستضع قدما لها بين الكبار قبل أن تخيب إيران آمالها برفضها القاطع للمشاركة السعودية ، الموقف الايراني ألزم السعودية القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات الثنائية مع إيران ، لعلها تتمكن من تحقيق مكاسب أمنية وحلاً لمشاكلها التي ورطت نفسها بها في كل من اليمن خصوصا ومن ثم لبنان وسورية والعراق ، واستعادة بعض من ماء وجهها المراق ، وشيئا من نفوذها الضائع ..
غير أن المفاوض الإيراني الصلب والعنيد والذكي ، رفض طوال جلسات الحوار الستة مع السعودية المازومة ، أن يناقش القضايا الإقليمية وخاصة حرب اليمن ، وكان جوابه للسعوديين دوما ( اذهبوا وتكلموا مع انصا..ر ا..لله ، ومع الحزب ، ومع السوريين بأنفسكم ، فنحن لا نمثلهم ) ..
الموقف الايراني زاد من الهيستريا السعودية ، فلا هي تستطيع الانسحاب من المفاوضات مع الإيرانيين ، ولا هي حققت ما كانت تحلم به من خلالها ، ومفاوضات فيينا المغلقة في وجهها تسير قدما وتخشى السعودية أن تحقق مفاوضات فيينا نجاحا قبل أن تصل هي إلى حل لمشاكلها فيزداد موقفها تعقيدا ، بل وتخسر خسرانا مبينا ..
ومن الواضح أن السعودية اختارت “في ظل هذه الظروف” طريق التصعيد اعتقادا منها أن باستطاعتها تحقيق اختراق ما يلزم أطراف محور المقاومة بالاستجابة لرغباتها ومنحها حلولا تحفظ لها ماء وجهها في الساحات المذكورة ..
التصعيد السعودي حمل طابع “المبررات السخيفة والسقف المرتفع والهستريا العدائية” ، وهذه العناوين جرى تعميمها على مواقفها من الملفات الثلاثة ( اللبنانية ، والسورية ، واليمنية ) ، فابتدأت من لبنان بافتعال مشكلة الوزير قرداحي وصولا للمطالبة بإقصاء حزب المقاومة ، وانتقلت إلى سورية من خلال تصريحات مندوبها في الأمم المتحدة ووصولا إلى محاولة احياء المعارضات السورية الفاشلة بالتنسيق مع المحور الإخواني المتهالك ، وانتهت باليمن عبر أشرس حملة عسكرية مسعورة شنتها على العاصمة اليمنية صنعاء ..
الخطة السعودية الجديدة القديمة لن تكون نتائجها افضل مما سبقها ،والوقت يمضي بتسارع أحداثه ، والحكمة هي عنوان المواقف التي تتخذها الأطراف التي تتعرض للعدوان السعودي السياسي والإعلامي والعسكري ، لقناعتها بحتمية فشل المخطط ومعرفتها بخلفياته ، و لن يطول الأمر حتى يدرك السعودي حماقة خياراته ، ويعود لاستجداء الحلول السياسية عبر التفاوض ، ولا أفق أمامه إلا بممارسة النهج ذاته الذي سارت به الإمارات العربية المتحدة ..