المـــلــف اللبــــناني ارتـــبـــط رسمياً بالمـــلــــف الإيـــرانــــــي…
محمد علوش | كاتب وباحث سياسي لبناني
عاش لبنان أشهره الأخيرة على وقع انتظار نتائج الإنتخابات الأميركية، وبعد فوز جو بايدن، انتقل لانتظار تسلّمه مقاليد الحكم، وبعد تحقق ذلك، أصبح في وضعية انتظار نتائج الإتصال الذي أجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الأميركي، والذي تطرّقا فيه إلى الملف اللبناني والملف الإيراني، وهذا ما لا يمكن اعتباره «صدفة» إطلاقاً.
يشكل مضمون هذا الإتصال ردّاً على كل من يحاول فك ارتباط الملف اللبناني بالملفات في المنطقة، فالترابط أساسه الجغرافيا، ومن ثم السياسة والعسكر، وهذا ما أدركته فرنسا منذ فترة يوم قررت تعليق مساعيها في لبنان بانتظار متغيّر أميركي، تحقق بفوز بايدن، إذ تشير مصادر سياسية مطّلعة على الموقف الفرنسي إلى أن الإدارة الفرنسية ستكون مرتاحة للغاية في التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة، لأن ماكرون «الوسطي» أقرب إلى الديمقراطيين منه إلى الجمهوريين، وجرت العادة في فرنسا وأوروبا أن تكون العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية بظل إدارات ديمقراطية، أكثر سلاسة منها بظل وجود إدارات جمهورية، وهذا ما تعوّل عليه باريس اليوم.
يُدرك ماكرون أن الملف اللبناني لا يمكن معالجته من خارج سياق ملفات المنطقة، والإتصال ببايدن كان لأجل «جس النبض» حول المسار الذي تريد الإدارة الاميركية سلوكه، فالفرنسيون بحسب المصادر ينتظرون لأجل التحرّك في لبنان، انخفاض منسوب التوتر الإيراني – الأميركي، والتحرك في لبنان سيكون تحت عنوان المحافظة على ما تبقّى، بانتظار «النظام الجديد».
ترى المصادر أن الإدارة الفرنسية مقتنعة بأن إدارة بايدن ستصل إلى تسوية كبرى في المنطقة مع إيران، ولو في العام الثاني من ولايته، ولكنها بالمقابل لا تريد أن تكون غائبة عن هذه التسوية، ولا ترى مكاناً لها فيها أفضل من لبنان، حيث بدأت بتسريب معلومات حول نيتها عقد مؤتمر لبناني جامع ينتج عنه إطارا جديداً لنظام لبناني جديد، يحظى بموافقة الدول العربية الخليجية، والفاتيكان التي يبدو أنها لم تعد بعيدة عن هذا التوجه الفرنسي، مشيرة إلى أن حجز هذا الموقع المتقدم يعني أن عليها مواكبة الجهود الرامية لتحقيق التسوية في المنطقة.
إلى حين تحقيق هذه التسوية الأميركية الإيرانية، تسعى الإدارة الفرنسية إلى حصولها على ضوء أخضر من الأميركيين للتحرك في لبنان، أو على الأقل التوصل مع الأميركيين إلى رؤية مشتركة حول كيفية التعاطي مع المسألة اللبنانية، والتي لا يرى الفرنسي أي فرصة للتعامل معها بعيدا عن حزب الله، وهذا ما سيشكل النقطة الأبرز في التواصل الفرنسي الأميركي، ونتائجه ستظهر في الحكومة المقبلة، التي ستكون مهمتها بالنسبة للفرنسيين محدّدة بلجم الإنهيار، لا البناء، لأن بناء لبنان الجديد لن يحصل قبل انتخابات نيابية، واكتمال تصوّر النظام الجديد.
تتعامل الإدارة الفرنسية مع حزب الله في لبنان كقوة موجودة لا يمكن تخطّيها، لذلك سيكون التشاور مع الإيرانيين حول دور الحزب خارج الحدود اللبنانية، وبكل تأكيد لن يعود الحزب الى لبنان مجاناً، كما لن تقبل إيران بعودة أميركا إلى الإتفاق النووي مجاناً أيضاً، لذلك ستتسارع الأحداث في المنطقة ومنها لبنان، إلى حين اقتراب زمن التسويات، حيث يمكن لكل طرف قطف ما زرعه.
في هذه الأثناء ينتظر اللبنانيون نتائج التواصل الفرنسي الأميركي، وبعدها سيكون لهم الخيار بالسير بالتسويات طواعية، أو غصب، عن طريق التهديد بفتح الملفات أو فرض عقوبات، لأنه بالنتيجة، لم يعد الملف اللبناني ملكاً للبنانيين منذ تشرين الاول 2019.