المغارة باقية، و”الفقوسة”… بقلم: حمدي فراج
مدار نيوز/
لكل المحتفين بالعيد المجيد ، دون ان يتمكنوا من الحضور الى حيث المغارة ، ان لا تحزنوا او تبتئسوا او تيأسوا ، لأن المغارة باقية.
لم تكن “الكورونا” هي السبب الوحيد في منعنا من الحضور ، وإن كانت هي الذريعة ، كانت سنوات الاحتلال العجاف اشد وطأة ، تتحول بيت لحم كلها في ليلة الميلاد الى ثكنة عسكرية ، وتنصب حواجز التفتيش على كل الطرق المؤدية الى ساحة المهد ، وهناك تنصب خيام الاذلال والتعرية لكل من يود الدخول الى الساحة ، وكثيرا ما كان يشن حملة اعتقالات يسميها “احترازية” ، استمر ذلك حتى مجيء السلطة الفلسطينية ، لكن الاحتلال ظل جاثما على صدورنا ، قتلا وحبسا وهدما وحزنا وألما ، وحين كان المؤمنون ينجحون في الدخول الى ساحة الاحتفال ، كانت قلوبهم مشبعة بالألم وعيونهم ترنو الى خلاص من عدو لئيم طال جثومه سبعين سنة وأكثر ، دون ان يتزحزح ، حتى وصلنا الى العام الاخير ، “عام الكورونا” ، فيه شهدنا ما لم يشهده شعب في العالم ، كشّر العدو عما يعتمل في صدره ، فبعد ان ابتلع القدس كلها بدون ماء ، وأنهى رسميا وجود لاجئين لهم حقوق في العودة ، وشرعن المستعمرات ، ذهب الى موضوع ضم الاغوار وشمالي البحر ، و ذهب مدعي المسيحية الصهيوني اكثر من الصهيونية دونالد ترامب الى تطويع اربع دول عربية لاقامة علاقات مع الكيان في غضون شهرين من الزمان ، وبهذا يكون هذا الرئيس قد عاملنا كما لو كنا اعداء له ، ونحن للاسف الشديد لسنا كذلك ، لم يعامل كوريا او روسيا كما عاملنا ، فهل لو لم تكن الكورونا قد تفشّت ، هل كنا سنشعر بفرحة العيد وبهجته ؟ سواء كان مسيحيا او اسلاميا او اجتماعيا كعيد العمال او وطنيا كيوم الارض والشهيد والفصائل ؟
كيف يستقيم الفرح مع بقاء حالة التشرذم الذاتي سنوات طويلة ، حتى بدت لنا انها حالة موت سريري لا أمل في شفائها “ميئوس منها” .
إن المرء لا يستطيع شراء الفرح والسرور من السوق ولا من أفخم محلات السوبرماركت ، لكنه يستطيع صناعته واجتراحه ، وقد كنا قديما نفرح بعثورنا على “مكر ماء” في الجبل او فيئة شجرة نستظلها او برؤيتنا للقمر بدرا او حتى محاقا ، ببرتقالة تهرب من شاحنتها او بفقوسة في مقثاتها زاغت عن عين صاحبها .
في ليلة الميلاد ، حيث تحجب غيوم ديسمبر القمر ، لكنه باق ، و المغارة باقية ، والشجرة بظلها باقية ، والفقوسة باقية ، ذهبت وترنمت على اغنية قديمة لفيروز كتب كلماتها بالعامية اللبنانية الشاعر جوزيف حرب : روح زورهن ببيتهن.. قلّهن خلق يسوع/ لوّن سواد تيابهن.. دهّب لِهن شي نهار / علّق قمر عَ بوابهن.. في برد ، خدلهن نار / عتقت سنين عيادهن.. ما يوم لبسوا جديد / وبعدن صغار ولادهن.. يا عيد زورهن يا عيد / روح زورهن ببيتهن.. بيتهن فقير ما عندهن شي / روح زورهن ببيتهن.. قلهّن الليلة خلق يسوع .
The post المغارة باقية، و”الفقوسة”… بقلم: حمدي فراج appeared first on وكالة مدار نيوز.
الكاتب : نور حميدان
الموقع :madar.news
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2020-12-25 15:48:17
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي