المعادلة: معبر القائم البوكمال مقابل القواعد العسكرية

خليل نصرالله | كاتب وصحفي متخصص بالشؤون الإقليمية

لم تكن معركة تحرير معبر القائم -البوكمال عند الحدود العراقية السورية، أواخر عام 2017، بالمعركة السهلة. وضع محور المقاومة كل ثقله لتنفيذ المهمة التي حاول الأميركيون منعها ثم تعطيلها، لكن في نهاية المطاف تم تحرير المعبر الاستراتيجي الرابط بين العراق وسورية وبالتالي بين طهران ولبنان.

وخلال الأعوام التي تلت التحرير، كان واضحًا أن الأميركيين والإسرائيليين ينظرون بخطورة لتلك “الثغرة”، فكانت المنطقة عرضة للغارات الجوية التي تهدف إلى منع التثبيت حيث ترابض فصائل مقاومة عراقية وسورية وقوات من جيشي البلدين.

بعد رحيل إدارة ترامب، ومجيء إدارة بادين، لم يتبدل أي شيء. على العكس تمامًا، نفذ الأميركيون ضربتين جوتين في منطقة البوكمال، منذ بداية العام، كرد على ضربات تتعرض لها قواعد عسكرية تشغلها قواتهم في العراق.

ما تلا الضربة الأميركية الأخيرة، والتي أسفرت عن استشهاد أربعة مقاومين عراقيين، لم يكن حدثًا عاديًا، فخلال أيام قليلة استهدفت قاعدة “عين الأسد” (غرب العراق) ومطار “أربيل” (شمال العراق)، وقاعدتا “حقل كونيكو للغاز” و”العمر النفطي” (شرق سورية) بشكل دقيق ومكثف.

وفق شكل الاستهداف واتساع مساحته وشموله قواعد عسكرية أميركية في دولتين، يمكن الاستنتاج أن ما جرى من رد شكل تحولًا في المعركة، عنوانه: الضربة بالضربات. من ضمن هذا العنوان الواسع نخلص إلى طرح معادلة، ذات أهمية استراتيجية، مفادها: استهداف منطقة القائم البوكمال ومناطق تواجد قوى المقاومة عند الحدود وفي الشرق سيعني استهدافًا للقواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق وبشكل تصاعدي ومكثف وبأساليب عدة لا تبدأ بالمسيّرات ولا تنتهي بالصواريخ.

ووفق المعلومات، فإن الضربات الأخيرة التي تعرضت لها القواعد الأميركية أو أجنحة يشغلها أميركيون في قواعد عراقية أتت وفق خطة مدروسة وممنهجة أعد لها مسبقاً، وقد دخلت حيز التنفيذ بعد انسداد أفق الحلول الدبلوماسية لإخراج القوات الأجنبية من العراق، الذي تتجه حكومته إلى إبقاء تلك القوات تحت عنوان الإسناد في محاربة “داعش”، وبالتالي شرعنة وجودها. وهو ما يغفل أعمالها التي تتخطى مسألة الاسناد في مواجهة فلول تنظيم داعش إلى أعمال مشاغبة وتخريب ضد قوى المقاومة ورموزها وضد دول محورها في المنطقة.

وتشير المعطيات إلى أن تصعيد الضربات “مفتوح”، طالما بقي الأميركيون على سياستهم في التعاطي مع قوى المقاومة واستهدافها وتعطيل المعابر الرابطة بين العراق وسورية.
كما تؤكد المعطيات أن الأميركيين ورغم الاشتباك المباشر مع قوى المقاومة العراقية، فهم هيأوا أرضية لمجموعات إرهابية تنتمي إلى تنظيم داعش في العراق وسورية، لتنفذ أعمال ارهابية. وما استهداف أبراج الكهرباء في مناطق الانبار العراقية، وطرق الوصل بين المحافظات الشرقية في سورية، إلا جزءًا من أعمال الارهاب والتخريب المغطاة أميركيًا.

ومن المهم الإشارة إلى أن المعادلة الجديدة قد تحتاج إلى وقت لتتبلور بشكل كلي، مع وعي محور المقاومة وقواه مجمل الاساليب الأميركية في إلحاق الأذى. فالأميركيون يعملون وفق منهجيات عدة، من التدخل المباشر إلى دعم واستخدام مجموعات مسلحة لتحقيق أهدافهم، وإشغال قوى المقاومة في المحور ودوله.
إلا أن المؤشرات تدل على نية لدى فصائل مقاومة للتركيز والتصويب على الرأس المدبر وعدم الاكتفاء بضرب الوكلاء سواء في العراق أو سورية.

الناشر

Exit mobile version