اللواء عباس ابراهيم يواجه دعاوى في واشنطن
رفعت عائلة عامر فاخوري الذي كان مجنداً مع «جيش لبنان الجنوبي» خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، دعوى قضائية ضد الحكومة اللبنانية والمديرية العامة للأمن العام اللبناني، أمام المحكمة الجزئية للولايات المتحدة في واشنطن العاصمة، وذلك بدعوى تورط مسؤولين «رفيعي المستوى» في المخابرات اللبنانية في اعتقاله وتعذيبه قبل عامين، مما أدى بعد ذلك إلى وفاته. وعامر فاخوري كان يحمل الجنسية الأميركية وهو مقيم سابق في نيو هامبشاير. وتتهم عائلته الحكومة اللبنانية؛ ممثلة في الأمن العام، باعتقال والدهم في سبتمبر (أيلول) 2019 في لبنان أثناء قيامه بزيارة عائلية، وتقول إنه تعرض إلى «معاملة وحشية» في سجن للأمن العام اللبناني.
وفي بيان صادر عن محامي العائلة؛ روبرت تولشين، قال إن عائلة فاخوري؛ التي تتخذ من أميركا مقراً لها، رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة الإيرانية أمام محكمة فيدرالية، متهمة مسؤولين إيرانيين وطهران، من خلال وكيلها في لبنان منظمة «حزب الله» المصنفة في قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، بأنها تسيطر على الجهاز السياسي اللبناني، وأنها تقف خلف أمر المخابرات اللبنانية باحتجاز وتعذيب فاخوري في عام 2019.
وأفاد تولشين بأن الإيرانيين كانوا يأملون في الضغط على إدارة الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب، لفرض عملية تبادل لإطلاق فاخوري مقابل إطلاق الولايات المتحدة الناشط في «حزب الله» قاسم تاج الدين، وهو مواطن لبناني كان مسجوناً في الولايات المتحدة بعد اتهامه بالمشاركة في تمويل أنشطة «حزب الله» الإرهابية حول العالم. وكان فاخوري عضواً في «جيش لبنان الجنوبي» في السبعينات والثمانينات، الذي كان مدعوماً من إسرائيل، وعندما قرر الجيش الإسرائيلي، الذي احتل جنوب لبنان منذ عام 1982، الانسحاب في عام 2000 خشي العديد من أعضاء «جيش لبنان الجنوبي» على حياتهم، ومن بينهم عامر فاخوري، الذي اتخذ قرار الفرار إلى الولايات المتحدة، ولم يعد فاخوري إلى لبنان لأكثر من 20 عاماً.
وبحسب الدعوى القضائية (اطلعت «الشرق الأوسط» عليها)؛ بعد توقيف فاخوري في لبنان وتعذيبه على يد المديرية العامة للأمن العام في بيروت، فقد أصيب بسرطان الغدد الليمفاوية ولم يعالج من قبل خاطفيه اللبنانيين، وأُطلق سراحه في النهاية بعملية إنقاذ عسكرية أميركية دراماتيكية في بيروت وعاد إلى الولايات المتحدة عام 2020، وتوفي متأثراً بالسرطان في أغسطس (آب) 2020.
وقال المحامي تولشين إنه «في ظل الظروف العادية، لم يكن من الممكن تمكين الأسرة من مقاضاة الحكومة اللبنانية؛ لأنها تتمتع بحصانة سيادية ولا يمكن تسميتها مدَّعياً عليها في المحاكم الأميركية… لكن يمكن أن تقاضي الأسرة حكومة إيران؛ لأن أنشطتها تندرج تحت استثناء في قانون الولايات المتحدة، الذي يسمح للمواطنين الأميركيين برفع دعاوى مدنية ضد الأنظمة التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها (دول راعية للإرهاب)». وأوضح أن مقاضاة عباس إبراهيم والجهاز الأمني اللبناني في الوقت الحالي، تعود إلى أن إبراهيم قدم مؤخراً طلباً للتدخل في قضية الأسرة ضد إيران، وشطب اسمه من الدعوى في تاريخ 12 ديسمبر (كانون الأول) 2021، مدعياً أنهم يحاولون أن يكون لهم دورهم في تعذيب فاخوري، عادّاً أنه بهذا الطلب أصبحت الحكومة اللبنانية طرفاً وأخضعت نفسها للاختصاص القضائي للمحكمة الأميركية.
وأضاف: «نشعر بالدهشة من أن الحكومة اللبنانية ستقرر التدخل، وتجعل من نفسها طرفاً في هذا الإجراء مع كل ما يترتب على ذلك. والمثير للدهشة أنها أخضعت نفسها وهي وكالة المخابرات الآن إلى اختصاص المحكمة الأميركية. نحن نعدّ هذه فرصة مهمة لاكتشاف العلاقة بين عباس إبراهيم و(حزب الله)».
وتواصلت «الشرق الأوسط» مع السفارة اللبنانية في واشنطن للتعليق على هذه القضية، إلا إنها لم تتجاوب مع محاولات الصحيفة المتكررة حتى كتابة التقرير. بدورها؛ اتهمت زويا فاخوري؛ ابنة عامر فاخوري، الأمن العام اللبناني بتهديد عائلتها، وذلك بسبب تسليطهم الضوء على قضية والدهم في وسائل الإعلام. وقالت زويا لـ«الشرق الأوسط»: «منذ وفاة والدنا، تلقينا تهديدات بسبب حديثنا عن التعذيب والظلم اللذين تعرض لهما والدنا»، عادّةً أن هذه القضية ضد اللواء عباس إبراهيم والحكومة اللبنانية، هي الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة، فيما يتعلق بالاعتقال غير القانوني لوالدها ووفاته على أيدي الحكومة اللبنانية المدعومة من «حزب الله»؛ على حد قولها. وأضافت: «من خلال هذه الدعوى نلقي الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان وتأثير (حزب الله) الكبير على البلاد». يذكر أن المتوفى عامر فاخوري، وبحسب ما ورد في الدعوى القضائية، التقى بالرئيس اللبناني ميشال عون خلال زيارة لبوسطن، قبل سفره وتعرضه للتعذيب في لبنان عام 2019، وكان على اتصال أيضاً بأحد أعضاء مكتب عون الرئاسي.