كشف مراسل الشؤون العسكريّة، في موقع “يديعوت أحرونوت”، يوآف زيتون عن مداولات سريّة جرت بين مندوبين كبار من الأجهزة الأمنيّة كلّها في كيان الاحتلال. وقال زيتون: “في شهر شباط/فبراير، بينما كان الاحتجاج في بدايته، فصّل مندوبو “الجيش”- “الشاباك”و “الموساد” و”مجلس الأمن القومي”- كيف يمكن أن يمسّ التشريع المثير للجدل بمستقبل أمن إسرائيل”، مضيفًا: “الآن، بعد نصف سنة، نكشف للمرة الأولى التحذيرات المُقلقة التي سُمعت في الاجتماع، خاصة في كلّ ما يتعلّق بالمسّ بالجنود الذين يخدمون في الضفة الغربيّة وإمكان أن يُصنّفوا بصفة مجرمي حرب”.
وأوضح زيتون أنّ: “محضر المداولات التي جرت خلف أبواب مغلقة لم يُسلّم إلى المشاركين، ولا إلى الذي بادر إليها، وهو عضو الكنيست يوآف سغلوفيتش”. وأضاف: “في الأسبوع نفسه، بدأ جزء من الطيارين وضباط الاحتياط بالتفكير بإمكان عدم الإلتحاق بالخدمة احتجاجًا على الانقلاب القانوني الذي كان حينها في بدايته، وكان قد خرج من الجلسة عدد قليل من التقارير، وبالتأكيد ليست تلك التي تصدّرت عناوين الصحف في بداية العاصفة الشعبيّة”.
وتابع: “الآن يمكن كشف كيف قسّم ممثلو المؤسسة الأمنيّة حينها إلى جهات صغيرة التقدير الذي مفاده أن الانقلاب الحاصل يشكّل خطرًا على أمن “إسرائيل”، وعلى مصير وزراء “الكابينت” وجنود الجيش – خاصة لأولئك الموجودين على الأرض، في الضفة الغربية”، مردفًا: “خلال هذه المداولات طُرحت عدة قضايا، أهمها الواقع الإسرائيلي المعقد القائم منذ العام 1967، وموضوع الإستيطان الذي لا يمكن أن يستمر بمخططه الحالي”.
ووفقًا لزيتون، فقد قال ضبّاط كبار، في هذه المداولات، إنّه: “في حال إضعاف المحكمة العليا لن يكون بالإمكان مصادرة أراض فلسطينيّة لاحتياجات أمنيّة، مثل بناء جدار خط الالتحام، تحسبًا من أن لا يُعترف بالمحكمة العليا التي تشرعن هذه الممارسات. وفي هذه الحال؛ يخاطر العاملون في بناء الجدار، والجنود الذين يحمونهم، قادة الكتائب والألوية في القطاع نفسه وحماية قائد المنطقة وقائد الفرقة- باتهامهم بارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية بموجب القانون الدولي”.
أحد المشاركين في هذه المداولات قال: “إنّ المحكمة العليا في إسرائيل تتمتع بمكانة دوليّة مرموقة”، بحسب تعبيره، و”إذا عُيّن قضاة موالين للسلطة، فإنّ مكانتها ستتضرّر تجاه الخارج، والدرع الواقي لـ “إسرائيل” مقابل الوضع في الضفة الغربية سيخترق”. وأشارت مصادر خلال المداولات إلى أنّه: “لولا حماية المحكمة العليا لسياسته، لوجد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي نفسه، اليوم، متهمًا بجرائم حرب، إذ إنّ القانون الدولي يحظّر إطلاق نار حي على مثيري أعمال شغب غير مسلحين”.
وبحسب زيتون، قال مصدر أمني رفيع، كان قد شارك في المداولات، إنّه: “توجد إجراءات لا نهائية يحاول مؤيدو الفلسطينيين المبادرة إليها طوال الوقت ضد جيش الاحتلال، في المحكمة الدوليّة. لكنّ النيابة العسكريّة ووزارة الخارجيّة يستخدمون علاقات غير رسميّة من أجل إحباط هذه المحاولات. وهذا يحدث؛ لأنّ أجهزة إنفاذ القانون والقضاء في “إسرائيل” يتمتعون بثقة كبيرة في العالم، فقد ساد إجماع في المداولات المغلقة أنّ المسّ بسمعة المحكمة العليا سيلحق ضررًا بجيش الاحتلال، والذين يخدمون فيه”.
وطرح مندوبو الجيش الإسرائيلي، في هذه المداولات السريّة، قضية الهجمات الجويّة التي نفذها سلاح الجوّ، في قلب المنطقة الفلسطينيّة المكتظة بالسكان، خاصة في قطاع غزة. وأشاروا إلى أنّ خبراء في القانون الدولي يشاركون في التخطيط لهذه الهجمات، ويشرعوّنها بالاستناد إلى قرارات المحكمة العليا.
وأشار خبير قانوني عسكري، كان قد شارك في المداولات السريّة، إلى أنّ: “الاغتيالات من الجوّ هي أمر بدأه الجيش الإسرائيلي وحصل على دعم المحكمة العليا كرائدة عالمّية في هذا المجال- وفق وصفه- والتخوّف هو أنّه لدى نظر المحكمة العليا في التماس جديد في المرّة القادمة، لن يصمد تصريح بعمليّات كهذه في السّاحة الدوليّة، والطيار الذي سيشن الهجوم يمكن أن يجد نفسه متهمًا خارج البلاد بأنّه مجرم حرب، وليس صدفة أنّه حتى اليوم لم يُحاكَم أي ضابط إسرائيلي، بالرغم من عدد الهجمات والعمليات الكبيرة للغاية التي نفذها الجيش الإسرائيلي، يوميًا، وفي كلّ عام، في منطقة مأهولة، وقياسًا بأي جيش غربي آخر”.
هاليفي أطلع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت على موقف المدعيّة العامة العسكرية، ييفعات تومر – ييروشالمي، بأنّه في حال نشوء أزمة دستوريّة وتناقض بين تعليمات الحكومة وقرارات المحكمة العليا، فإنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سيعمل “بموجب القانون”، أي بحسب قرارات المحكمة.
أمّا عضو الكنيست، من حزب “ييش عتيد”، يوآف سيغالوفيتش – والذي بادر إلى عقد هذه المداولات السريّة – قال: “إنّه لم تعقد مداولات غير التي بادر إليها، في شباط/فبراير الماضي، وأن “الكابينيت” لم يناقش هذا الموضوع، ولم تفعل ذلك الحكومة بكامل هيئتها ولا مجلس الأمن القومي”.
وقالت عضو الكنيست يوليا ميلينوفسكي، من حزب “يسرائيل بيتنا”، “إنّ: “المسؤولين الأمنيين لم يتمكّنوا خلال تلك المداولات من التوسع حيال التخوّفات من العواقب المحتملة للانقلاب القضائي على أمن الكيان”.
كما أفاد عضو الكنيست، من حزب العمل، جلعاد كاريف أنّ الضبّاط الذين شاركوا في المداولات ذكروا أنّه: “تجري حاليًا خطوات ضد “إسرائيل” في المحكمة الجنائية الدولية”، ورأى أنّها: “ستتأثر سلبًا بالنسبة إلى إسرائيل نتيجة سنّ قانون إلغاء حجّة المعقوليّة الذي يضعف المحكمة العليا”.