«القوات اللبنانية» تتعاطى مع حادثة الطيّونة كرسالة «للقوة التي لا تقهر» والحزب يردعها عن الفتنة بإعلانه عن مئة ألف مقاتل
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
طُوقت احداث الطيونة الامنية، التي اختلف التوصيف حولها، ولم تنته ذيولها بعد، السياسية والحزبية والقضائية والشعبية، وما زالت تداعياتها تتفاعل بالمواقف منها، وقراءة ما حصل من المنظور السياسي والامني لكل طرف، سواء حزب «القوات اللبنانية» من جهة، وتحالف حركة «امل» و«حزب الله» من جهة ثانية، اذ ان فريقاً مؤيداً للقوات، يعتبرها انتصرت على الطرفين الخصمين لها، لا سيما «حزب الله»، الذي يروّج مناصرو القوات، بانه لم يعد «القوة التي لا تقهر»، وبان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، اعطى رئيس القوات سمير جعجع ورقة لم يكن يحلم بها، وهو اعترافه انه يملك قرار المواجهة ضد «حزب الله».
ومن موقع المنتصر يتحدث جمهور «القوات اللبنانية» كما حلفاء له، من مجموعات وافراد كانوا في 14 آذار او ما يطلقون على انفسهم اسم «السياديون»، الذين يؤكدون بان «حزب الله» لم يعد له حاضنة سياسية وشعبية، في العديد من الطوائف والمناطق، بسبب سيطرته على القرار اللبناني، بقوة السلاح، الذي له سطوته على كل المفاصل في المؤسسات الرسمية، وان على اللبنانيين الاحرار كما وصفهم جعجع ان يواجهوا هذا السلاح ويقاوموه، وان التجربة الاولى كانت في ما حصل في الطيونة.
ولذلك، فان احداث الطيونة، هي مناورة بالذخيرة لجأت اليها «القوات اللبنانية»، لقياس ردة فعل «حزب الله» وحركة «امل»، لا سيما وان شهداء وجرحى سقطوا في عمليات قنص ومواجهات عسكرية وقعت بعد سيلان الدم الذي سفك، ضد متظاهرين ومن كانوا في منازلهم، اذ يرى «حزب الله» بما جرى هو كمين محضّر سلفاً، وان لغماً انفجر فينا، وقد يعود وينفجر، ولكن سنعمل على تفكيك الالغام الذي زرعته «القوات اللبنانية» في «المناطق المسيحية»، بان «حزب الله» يعمل لاجتياحها ويهددها في استقرارها، وهذا ما دحضه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، في عرضه للوقائع، لا يظهر فيها بان الوجود المسيحي مهدد او في خطر، كما ان ممارسات «حزب الله» لم تكن تهدد هذا الوجود او اي مكون طائفي آخر، كما يدّعي جعجع وامثاله، تقول مصادر في «حزب الله»، التي تشير بان على اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، ان يقرأوا بتمعن ما ذكره السيد نصرالله في كلمته من وقائع، وكلها تؤكد بانه لم تحصل اية حادثة بين «حزب الله» واي طرف مسيحي، لا بل ان تفاهم مارمخايل مع «التيار الوطني الحر»، كان الغرض منه هو زرع الثقة وتعميمها بين الطرفين، وازالة خطوط التماس من العقول والقلوب، بعد ان دُمرت جغرافيا على الارض.
ولا يسعى «حزب الله» الى اي نوع من الصدام، وعندما قام بعملية عسكرية محدودة في 7 ايار 2008، انما للدفاع عن سلاح الاتصالات للمقاومة، والذي كان مطلوباً اميركياً واسرائيلياً تفكيكه، كما نزع سلاح المقاومة عبر تطبيق القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن، وعندما لم تنجح الاطراف السياسية اللبنانية، المتحالفة مع الادارة الاميركية بتنفيذ وعودها لادارة الرئيس جورج بوش الابن، لجأت الى العدو الاسرائيلي لقيام بعدوان تموز 2006، لتدمير سلاح المقاومة، لا سيما الصاروخي منه، تقول مصادر «حزب الله» التي تكشف عن ان المعركة ارادوها مالية اقتصادية اجتماعية، واشتغلوا لها مع قوى سياسية ومصرف لبنان ومصارف، وعندما رأوا ان «حزب الله» بدأ التصدي لها، باستقدام المازوت، من ايران، لجأوا الى الفتنة الداخلية، التي تم افشالها مرات عدة، وان ما حصل في الطيونة، من تحويل اشكال الى نوع من الحرب، يؤشر الى ان «القوات اللبنانية»، ما زالت في المشروع الاميركي، الذي يخدم المخطط الاسرائيلي، وهو اشعال حرب اصلية، تبدأ بالتعبئة والتحريض ضد «حزب الله»، واتهامه زوراً بتجويع اللبنانيين وافقارهم، وانه لولا مقاومته، لكان لبنان بالف خير.
من هنا، فان «حزب الله» قرر اسقاط الفتنة وردع كل من يعمل لحرب اهلية، وان اعلان السيد نصرالله عن جهوزية مئة الف مقاتل لمنع وقوع الحرب، هي رسالة الى من قدم جعجع نفسه لهم، بانه لديه نحو ستة الاف مقاتل تحت السلاح، ويرتفع العدد الى نحو 15 الفاً، وفق الدعم المالي، وفق المصادر التي ترى بان اذاعة الرقم من قبل السيد نصرالله عن عديد مقاتلي «حزب الله»، كي يقدر من سيعود الى الحرب حساباته جيداً، اضافة الى من يقف وراءه لا سيما اميركا، التي تشجع على حصول اقتتال وفوضى، من اجل ان يتدخل الجيش لوقفها، وسيقع في فخ الصدام مع «حزب الله»، الذي لن يسمح بتحقيقه.