القطاع الطبي والخطر الوجودي
الدكتور عمران زهوي | كاتب وباحث لبناني
لا يختلف إثنان أننا نعيش أزمة غير مسبوقة ،حتى أيام الحرب الاهلية لم يمر علينا اسوأ مما نشهده اليوم،ولا شك الانهيار المالي والاقتصادي وفقدان القيمة الشرائية للعملة الوطنية ارخى بظلاله على الوضع وتأثرت به كل القطاعات وخاصة القطاع الصحي الذي يعاني على كل الاصعدة، أولاً من ناحية المستلزمات الطبية والتي أصبحت رهينة كل من التجاذبات بين المستوردين وحاكم المصرف حول نسبة الدعم والتأخير بالاضافة إلى المحتكرين الذين ضاعفوا أرباحهم بشكل رباء فاحش .
وحسب إحصائيات البنك الدولي من بين خمسة لواحد تزيد الهجرة وأكتر من 77% من الشباب هذا أقصى طموحه اليوم . بالعودة الى القطاع الطبي، إنعكست أزمة المازوت على القطاع وزاد الضغط الوجودي وبات يهدد توقفه وإنقطاعه كلياً عن العمل حياة المرضى ، يليك أزمة البنزين الذي شلَّ عصب المواصلات للعاملين فيه وقطع أوصال التنقلات والاشغال ومصالح الناس.
ومن هنا نقول …نعم هناك هجرة كبيرة نالت من هذا القطاع والعاملين فيه حيث وصلت أعدادها الى الالاف من الاطباء والممرضين نتيجة غياب التخطيط من قبل هذه الدولة للمحافظة على القطاع وعلى توازنه ، فباتت المستشفيات تعاني من كل ما ذكرنا والاطباء ايضاً يعانون من تدهور المستوى المعيشي حيث زادت المصاريف والاعباء والتكاليف بشكل لم يعد تلبي حاجات الطبيب و عائلته وباتت المدفوعات تفوق المقبوضات وتعدت لتصل الى أرقام خيالية ترافقها فواتير مزدوجة من الكهرباء والماء والمولد ومواد أولية وغيرها… الوطن ينهار بكل من معنى للكلمة بكامل مؤسساته وإداراته ومرافقه وزاد الطين بلة جائحة الكورونا، ومفهوم وما يسمى بمستشفى الشرق وخدماتنا الطبية التي تضاهي الدول الكبرى والمتطورة من حيث الخدمة الطبية ونوعيتها وجودتها أصبحت في الحضيض.
هل يعلم المواطن أن أكثر من 60% من الأطباء أصبحوا لا يستطيعون تأمين معيشة بحدها المتوسط ؟!! وأما بالنسبة لقطاع طب الاسنان فحدث ولا حرج، فالكارثة لا تقل عن أي قطاع إن من حيث نقص المواد التي يحتاجها الطبيب للعمل وهذا إن وجدت ،وقد زاد سعرها عشرة أضعاف من سعرها السابق وهي فقط بالدولار ، إذ دخلنا اليومي كأطباء أسنان لم يعد يلبي حاجة شراء الكفوف والكمامة والبنج ، الذي زاد 300% فما بالكم بقية المصاريف المهمة التابعة؟؟ البنج أصبح نادر وجوده في السوق سيما ما أقدمت عليه نقابة الصيادلة بحصرية بيع البنج فقط عن طريق الصيادلة ، مما قلص فرص إيجاد بنج في الاسواق ولا ننسى أن نقيب الصيادلة لديه وكالة بنج مصدرها تونس ومن هنا نسال عن ماهية حصرها بالصيادلة؟؟؟ والجواب واضح باستغلال المنصب لمنفعة شخصية .
ولا رقيب ولا حسيب لان هذا البلد محكوم من كارتلات والتي يعود ريعها ونفوذها للسيستم (أركان السلطة وزعماء الطوائف).اذ تشير الاحصاءات إلى أن اكثر من 65% من أطباء الاسنان إما هاجروا أو أصبحوا عاطلين عن العمل . وهذا ، إذا لم تقم السلطة التشريعية والتنفيذية بوضع خطة واضحة للحفاظ على القطاع الصحي فنحن ذاهبون الى كارثه حقيقية ألا وهي ندرة وجود الاطباء والممرضين وحتى فقدانهم في هذا الوطن !!! هل هذا ما يريده السياسيون؟ ومن هنا ، يجب فصل كل ما هو مرتبط بالسياسة وزعماء الطوائف والمهاترات والمناكفات السياسية عن هذا القطاع وإعطاءأصحاب الخبرة في هذا القطاع إدارته مع صلاحيات إستثنائية والا فعلى مستشفى الشرق السلام.
فرسالة إلى هؤلاء وكل الذين أوصلوا حال البلاد إلى ما عليها الان ، نحن نعلم أنه لا يوجد عندكم لا حس الوطنية ولا الضمير ولكن تذكروا سيأتي يوم على المواطنين لن يجدوا من يطببهم .
وعلى الاطباء بدورهم تحمل هذه الازمة إنطلاقاً من وطنيتهم كما ندعوهم إلى الوقوف بجانب المواطن الذي يرزح تحت وطأة الظلم والفقر وسلب لمعيشته الكريمة في وطن أعطوه كل ما لديهم . وأقول للبعض إن الوطن ليس بفندق عندما يكون بخير نسكنه وعند الازمات نتركه يصارع . وعلى الشعب مصدر كل السلطات ان يتكاتف ويتحد ليواجه هذه الطغمة الحاكمة على أمل تغييرها لنعيش في وطن يليق بنا ونليق به.