ثريا عاصي | كاتبة وباحثة في الشؤون السياسية .
ماذا نقول من هنا من بيروت للفلسطينيين في القدس؟
تنادى الفلسطينيون في فلسطين المحتلة… في القدس. ألم يسقط العدل عند مداخل المدينة؟ ألم تستوطن الحرب قلوب الدنيا؟
لولا الاستعمار البريطاني لما أقيمت «دولة إسرائيل» في فلسطين، ولولا السلاح الأميركي والفرنسي والألماني لما وقعت حرب حزيران 1967 التي تكبدت فيها نظم الحكم العربية هزيمة ماحقة زعزعت دعائمَ ركائز الدولة العربية الموعودة.
لا نجازف بالكلام أن هذه الدولة غائبة عن مدينة القدس وعن أمور كثيرة أخرى وأن إسرائيل تـُرافق الدول الغربية الإستعمارية في رجوعها إلى بلداننا منذ سنوات 1980. جاءت إلى بيروت وأشعلت حرب المخيمات فيها ودبرت المذابح ودمرت العمران في عواصم العروبة، والقدس عاصمة عروبتكم. زرعت في كل قطر عربي صهيونية محلية يفتي قضاتـُها بالتحريم والتكفير والرجم وقطع الأعناق!
للصهيونية شريعتها وقضاتها أينما ظهرت. أبطلت في فلسطين مستندات ملكية أهلها الأصليين لمنازلهم وأرضهم وحقوقهم في العيش في بلادهم والعودة إليها، وأقرت قانونية ملكية متخيلة ممنوحة «للشعب المختار» بين النيل والفرات منذ إخراجه من الجنة! وأبطلت في المقابل حقوق الفلسطنيين في العيش والوجود!
نعم، الفلسطينيون يخوضون نيابة عنا جميعاً النضال من أجل انتزاع الحق بالوجود والمساواة، دفعاً لخطر إبادتنا. نحن ببساطة مهددون بالإبادة، محاكاة للنهج الذي سار عليه الأوروبيون الذين استعمروا أميركا وأبادوا الهنود الحمر فيها، واستعمروا أوستراليا وأبادوا سكانها الأصليين، واتبعوا سياسة التطهير العرقي في أوروبا نفسها عندما أرادوا إبادة اليهود فيها. التمييز العنصري ليس تهمة وإنما هو معطى مثبت في «دولة إسرائيل»، بالتواطؤ مع الدول الأوروبية التي تدعي جميعها الحرص على حقون الإنسان!!
لم يتعرض «اليهود» في بلادنا للإبادة، كان الناس هنا، يهوداً فمسيحيين، ثم أسلم بعضهم. «يهود» الشرق مثل مسيحييهم ومسلميهم، كانوا يتنازعون على الماء والكلأ والسلطة… وما يزالون!!
الثقافة الصهيونية هي ثقافة قومية عنصرية إستعمارية غربية متطرفة، لا تتقبل الفوارق الدقيقة والمواقف الوسطية. لا مكان فيها للمشاعر والتسامح والإختلاف. فمن ليس مثلك، الغريب، هو عدو بالقوة، يجب التخلص منه بكل الوسائل المتاحة.
«الإسرائيليون الصهاينة»، هم «داعشيون» في بلادنا، يقلدون صائدي الإنسان الأصلي في أميركا وأوستراليا وافريقيا، والشرطة الفاشية والنازية في أوروبا في تطبيق قوانين الحل النهائي ضد شعوب اليهود والغجر!
مهما يكن أيها الناس، لا تنسوا أن القدس عاصمة عروبتكم… ولا تنسوا أن «الصهيونية» الغربية هي مثل «داعش»، هي ليست «اليهودية» وهذه ليست الإسلام.
السلام على الفلسطينيين في فلسطين…
السلام على الفلسطينيين في القدس!